أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

النساء السوريات وشبح جرائم الشرف

بُشرى التي تبلغ سبعة عشر عاما تخاف جدا من الكشف عن اسمها الحقيقي. حتى كلامها تدليه يصوت خافت، مرتعش كوجهها الذي يتملكه الرعب.
يريدون إراقة دمائي، يريدون قتلي"، هكذا تقول بشرى حين تفسّر كيف نجت من قتلها على يد أفراد من عائلتها في ما يُطلق عليه وصف "جريمة الشرف".
فهي مسلمة سنية أُغرمت بشاب من الأقلية العلوية يُدعى فاضل، تقدّم لطلب يدها من أهلها ولكنهم رفضوه.
فقد قالت له العائلة إن بُشرى لن تتزوج إلا من ابن عمّها. ولكن العروس هربت يوم عرسها مع الرجل الذي تحبه، ومنذ ذلك الحين يطاردها أفراد عائلتها من أجل "مسح العار" الذي ألحقته بهم.
قصة بُشرى ليست استننائية في سوريا حيث الجمعيات النسائية تقدّر عدد النساء اللواتي يقتلن على يد أهلهن وأنسبائهن بأكثر من مائتين كل عام.
ولكن بُشرى تُعتبر محظوظة. فقد اعتقلتها الشرطة وأحالتها إلى إصلاحية حيث تعيش الآن بنوع من الأمان، إلا أن تحركاتها مقيّدة بشكل كبير.
إعادة تأهيل
تحاول السلطات السورية الحد من جرائم الشرف وهي تحظى بتأييد كبير في هذا الشأن.
فحوالي عشرة آلاف شخص وقعوا على عريضة تدعو لإنهاء هذه العادة، منضمين بذلك إلى حملة يقودها مسؤولون إسلاميون بارزون.
وبالرغم من أن بُشرى لا تزال على علاقة مع عائلتها إلا أن شقيقتها الكبرى طلبت منها عدم العودة إلى منزلها ما لم تقترن بابن عمّها.
ولذلك هي الآن تنتظر في المركز الذي تديره الجمعية الوطنية لتطوير المرأة ووزارة الداخلية، والذي يهدف لإعادة تأهيل فتيات وتحضيرهن لحياة جديدة. كثيرات من هؤلاء يقضين عقوبة الدعارة والتشرد والتسوّل والهروب.
إلا أنهن عندما يغادرن، يبقين عرضة للخطر، كما هو حال زهرة العزو، التي تبلغ ستة عشر عاما.
فقد اختُطفت زهرا واغتصبها صديق للعائلة، ثم ابلغ اهلها الشرطة فاعتُقل الخاطف بعد ثلاثة أيام وأُطلق سراح زهرة.
وقد وُضع الخاطف في السجن فيما أُرسلت هي إلى الإصلاحية وبقيت هناك عشرة أشهر إلى أن استردتها عائلتها بعد أن دبّرت زواجها من ابن عمها.
وبعد شهر زارها شقيقها وقتلتها بينما كانت نائمة.
تغيير القانون
تسعى الجمعية الوطنية لتطوير المرأة مع مجموعات أخرى لتغيير القانون. فقد حضّرت مسودة قانون لعرضه على البرلمان.
وتقول رانيا الجابري، المسؤولة في الجمعية: "لا يمكن ان ننجز كل شيء وحدنا. نحتاج إلى كل المجتمع من أجل تغيير هذه العقلية".
وحسب ما تُشير المحامية والناشطة في حقوق الإنسان دعد موسى، فإن هذه العادة موجودة عند مختلف الطوائف، عند المسيحيين والمسلمين والدروز.
وتضيف: "القوانين قديمة وتعود إلى الأربعينيات. فما من امرأة تشعر بالأمان في ظل قانون كهذا". فبموجب القانون السوري، لا يُعتبر القتل دفاعا عن الشرف جناية وإنما جنحة، عقوبتها سنة سجن كحد أقصى. ولكن يُمكن للقاضى ان يخفض المدة.
وفي بعض الحالات، توكل العائلات قاصرا بتنفيذ عملية القتل، مما يخفف الحكم أكثر.
تغيير ثقافي
بعد وفاة زهرة، جدّدت الجمعية حملتها وحرّكت رجال الدين لإدانة العمل.
فمفتي سوريا الشيخ أحمد حسون يرفض كل الاقتراحات التي تشير إلى أن "جريمة الشرف" مقبولة في الإسلام.
وهو يشرح أن القانون الإسلامي يفرض وجود أربعة شهود على جريمة الزنى، وهو إثبات من شبه المستحيل تأمينه. وبالتالي فإنه عمليا لا يُمكن تجريم أي شخص به.
ولكن المفتى يشير إلى قناعته بأن نقطة البداية يجب أن تكون في التعليم والتسامح ، ويضيف: "من الصعب تغيير القوانين التي اعتاد عليها المواطنون والتي يعتبرونها في أصل الشريعة. والحقيقة أنه في حالات عدة ما يُطبّق هو العادة بدلا من القانون".
لن تشعر أي امرأة بأنها بمنأى عن القتل إلى حين تغيير هذه القوانين، وهو الأمر الذي يتطلب إرادة سياسية. إلى أن يتحقق، ستبقى النساء في سوريا مهدّدات.






BBC
(147)    هل أعجبتك المقالة (153)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي