أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شهادة موجعة عن اعتقال ثلاثة إخوة في سجون الأسد: قصة تعذيب ومأساة لا تنتهي

في قصة تضاف إلى سجل الانتهاكات، تحكي عائلة "المحمد" مأساة ثلاثة من أبنائها، الذين اعتقلوا وتعرضوا للتعذيب الوحشي في سجون النظام البائد، في مشهد يروي عمق الظلم والمأساة التي عاشوها، ولا يزال يعيشها من نجوا منهم.

الاعتقال والتعذيب الأولي 
في عام 2012، وعلى حاجز الـ 68 في خان الشيح، تم إيقاف محمود ومحمد هايل المحمد، واعتقلا مع شخص آخر في ظروف شديدة القسوة. في ذلك اليوم، كانت المنطقة مليئة بالمعتقلين، الرجال والنساء على حد سواء، الذين تم التعامل معهم كـ "أعداء" للبشرية. تم إنزالهم من السيارة بعنف، وقيدت أيديهم باستخدام أغلال بلاستيكية، التي كانت تشق لحمهم، وتعرضوا للضرب بالهراوات على رؤوسهم وظهورهم. وصف الشاهد هذه اللحظات بقوله: "كان ضربهم همجيًا لدرجة أن البعض سقط على الأرض من شدة الألم".

تم نقلهم إلى فرع سعسع، حيث بدأ التعذيب فور وصولهم. تلقوا ضربات بالكابلات الكهربائية والعصي الغليظة، ما جعل الجلادين يعاملونهم كوحوش بدلًا من بشر. داخل الفرع، كانت المعاملة أكثر قسوة: تم تعليق المعتقلين من أيديهم، وعلقت أجسادهم خلف ظهورهم، ورؤوسهم للأسفل، في مشهد مأساوي يعكس استهانة النظام بكل معايير الإنسانية.

التعذيب المستمر
في الزنزانة، كانت صرخات المعتقلين تنبعث من كل مكان، وفي كل دقيقة كان الشاهد يسمع هذه الأصوات التي زرعت في قلبه الرعب والألم. في أحد الأيام، جاء دور محمد للتحقيق. تم إخراجه مكبل اليدين ومغمض العينين. تعرض للضرب المبرح بالأسلاك المعدنية على باطن قدميه (الفلقة)، وتم صعقه بالكهرباء على رأسه وجسده. وبعد ساعات طويلة من التعذيب، تم إجباره على الاعتراف، ومنذ تلك اللحظة، فقد أثره، ليظهر اسمه لاحقًا ضمن قوائم الشهداء الذين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، ورحلوا إلى مشفى تشرين.. ونشرت زمان الوصل القائمة.

كان المسؤول عن عمليات التعذيب في فرع سعسع هو المساعد أول عواد الشديدي ، الذي عرف بلقب "أبو سوار". كان عواد يُعتبر أحد أفظع الجلادين في سجون النظام، حيث كان يتعامل مع المعتقلين كما لو أنهم مجرد أشياء يمكن سحقها. في إحدى اللحظات، سمع الشاهد جنديًا يهمس للمساعد عواد، قائلاً: "سيدي، هاد فطس... شو نعمل؟"، ليجيب عواد ببرود: "حطوله رقم وحولوه عالشام." هذه اللحظات تفضح مدى القسوة التي كان يتمتع بها عواد، وتكشف عن حقيقة أن هؤلاء الجلادين كانوا يقتلون المعتقلين دون أي رحمة أو إنسانية.

اعتقال الأخ الثالث
في عام 2015، تعرضت العائلة لمأساة جديدة، حيث داهمت قوات النظام منزلهم في الكسوة، واعتقلت الأخ الثالث، أحمد هايل المحمد. رغم الجروح والإصابات التي تعرض لها أحمد خلال اعتقاله، كان يظل في حالة من الضعف الجسدي ولكنه كان يصر على الاطمئنان على مصير إخوته المعتقلين. كان يردد للمعتقلين في الزنازين: "بدي بس شوف إخواتي وأطمن عليهم".

لكن أحمد، مثل إخوته، اختفى بعد أن تم نقله إلى فرع آخر، ومنذ ذلك اليوم، انقطعت أخباره بشكل كامل، لتظل العائلة في حيرة وقلق مستمر.

أثر الاعتقال على العائلة: اليوم، تعيش والدة الإخوة الثلاثة في حالة من الحزن العميق، بعد أن أصيبت بمرض السكري والجلطة نتيجة لما تعرضت له من صدمات نفسية. ورغم ذلك، تواصل المطالبة بالعدالة لمعتقليها، حيث ترفض أن تسكت على ما حدث لأبنائها، الذين قضوا أو اختفوا في سجون النظام.

أبناء هؤلاء الشهداء اليوم يحملون صور آبائهم، دون أن يعرفوا شيئًا عنهم، يكبرون بدون أن يلتقوا بهم أبدًا. أحدهم، ابن محمود، الذي كان في حينه في بطن أمه عند اعتقال والده، أصبح اليوم في الـ 13 من عمره، لا يعرف سوى صورة والده، وكذلك أبناء أحمد، الذين أكبرهم اليوم يبلغ من العمر 14 عامًا.

العدالة لا بد منها: على الرغم من مرور السنوات، تظل عائلة "هايل المحمد" متمسكة بمطلبها الأساسي: العدالة. مطالبها تتخطى حدود التأسي على مصير أبنائها، بل هي دعوة لتحقيق محاسبة لكل من تسبب في قتل وتعذيب هؤلاء الشهداء في سجون النظام. الدم لا يُنسى، والعدالة لا بد أن تتحقق، مهما طال الزمن.

زمان الوصل
(12)    هل أعجبتك المقالة (9)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي