تحوّلت منطقة وادي النصارى، الواقعة في ريف حمص الغربي والممتدة نحو الحدود اللبنانية، إلى ملاذ آمن لمجموعات من الشبيحة والمطلوبين للعدالة، ممن تورطوا في انتهاكات جسيمة خلال سنوات الحرب في سوريا.
وتكشف شهادات حصلت عليها "زمان الوصل"، أن المنطقة أصبحت تحتضن عوائل عدد من الشخصيات المرتبطة بميليشيات بارزة، على رأسها ميليشيا "قوات النمر" التابعة للواء سهيل الحسن، وميليشيا "الدفاع الوطني"، ما يثير المخاوف من تهديد أمني مستقبلي في واحدة من أكثر المناطق هدوءاً في سوريا.
ووفقاً لمصدر طلابي مقيم حالياً في وادي النصارى، فإن المنطقة تشهد تواجداً غير معلن لأفراد من عوائل متورطة بعمليات عسكرية ضد المدنيين، بينهم أقرباء لأحد أفراد "دريد عوض" الملقب بـ"نار النمر"، وأحد أقارب ضابط يدعى أكسم محمود حسين، الذي شغل منصباً رفيعاً في اللواء الثاني اقتحام، أحد تشكيلات "الفيلق الخامس"، وهو تشكيل دعمته روسيا وكان له دور بارز في اقتحام عدة مناطق معارضة وارتُكب خلال عملياته عدد كبير من المجازر.
يشير المصدر أيضاً إلى أن المنطقة كانت – أو ما زالت – نقطة إقامة أو عبور لشخصيات بارزة في "الدفاع الوطني" مثل نابل العبدالله أو سيمون الوكيل، والذين تنقلوا في أكثر من محافظة بعد تضييق الخناق عليهم لاحقاً، إما من السلطات نفسها أو من المجتمع المحلي، عقب كشف ضلوعهم بعمليات نهب وتصفية ميدانية خلال المعارك.
الاختباء تحت عباءة الطائفية
يلفت المصدر إلى أن الدخول إلى وادي النصارى لا يواجه أي قيود أمنية تُذكر، خاصة للمركبات التي تحمل رموزاً دينية مسيحية، كالصليب، وهو ما يُستغل من قبل المطلوبين للتخفي أو التنقل بحرية. كما أن موقع الوادي الجغرافي، الذي يربطه من الشمال بريف حماة الغربي (مصياف) ومن الغرب بقرى حمص الحدودية، يجعل من السهل الوصول إلى الأراضي اللبنانية بطرق غير نظامية.
تهديد قادم؟
لا يمكن فصل هذا التغلغل لعناصر أمنية سابقة أو ميليشياوية ضمن بنية مجتمع محلي مسيحي عن سياق أوسع، يتمثل بإعادة تموضع بعض الشبّيحة والضباط السابقين في مناطق أقل احتكاكاً أمنيّاً، كجزء من محاولة تفادي المساءلة أو التحضير لأدوار لاحقة في حال تبدل المشهد السياسي أو العسكري.
وقد يشكّل هذا التواجد، وفق مراقبين، تهديداً على أي مساعٍ مستقبلية لتحقيق العدالة الانتقالية أو على جهود المصالحة الوطنية، خاصة في المناطق التي لطالما تم الترويج لها كـ"آمنة" و"خالية من الانقسامات الطائفية".
زمان الوصل تتحفّظ على ذكر أسماء الشهود لدواعٍ أمنية، وستواصل تقصّي التواجد غير الشرعي لهذه الشخصيات وتحركاتها، ضمن إطار كشف الجرائم والانتهاكات الممنهجة في سوريا، وملاحقة المتورطين بها، أينما وجدوا.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية