أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"الابن السيء" في حمص.. سيرة دموية للعهد البائد طيلة 54 عاماً

حصد الفيلم العديد من الجوائز السينمائية العالمية

عرضت مديرية الثقافة بحمص الفيلم التسجيلي "الابن السي" للمخرج "غطفان غنوم"، وذلك في مسرح قصر الثقافة وبحضور جمهور من المهتمين.

ينتمي فيلم "الابن السيئ" لما يسمى بسينما المخرج المؤلف التي شاعت في الكثير من دول العالم، حيث يقدم المؤلف وهو ذاته المخرج قصة هو مؤلفها وهو مخرجها، وقد استعان "غنوم" بزوجته "وفاء عاملي" لكتابة سيناريو الفيلم الذي جمع وثائقه وسجل بكاميرته بعض الشهادات التي أغنت الهدف الذي أراد الذهاب اليه من قصص وأفكار حملها للفيلم.

قدم "غنوم" من خلال فيلمه التسجيلي توثيقاً لمسيرة دولة غرقت بالدماء منذ بداية عهد البائد "حافظ الأسد"، الذي وصل إلى كرسي الرئاسة بانقلاب عسكري دموي تخلص على إثره من أصدقائه في الحزب البائد بقتل معظمهم وإيداع آخرين في غياهب السجون مستمراً في طغيانه وديكتاتوريته طيلة فترة حكمة لسوريا وتسريح الضباط غير الموالين له واستبدالهم بضباط مقربين ليكونوا حراساً له ولحكمه الديكتاتوري وله ولابنه من بعده.

قسم "غنوم" الفيلم الى مقاطع لكل مقطع عنوان بعضها مأخوذ من أفلام عالمية ومنها "الامبرطور العظيم، أوغاد مجهولون، العراب، صائد الغزلان، قصة موت معلن، النافذة الخلفية، حياة الآخرين، الجدار، سايكو، صراع العروش، مدينة الرب، الرجل بلا اسم، المنبوذ، الأزمنة الحديثة، من أجل حفنة من الدولارات، سبارتاكوس، الرقص من الذئاب، القيامة الآن الجريمة والعقاب، الطبيب والشرس والقبيح، الحياة جميلة، ذهب مع الريح".

يسلط الفيلم الضوء على فترة حكم الديكتاتور الأسد في فترات لاحقة ودخوله إلى لبنان واعتماده على روسيا وعلى إيران في تثبيت فترة حكمة الدموية التي استمرت في الثمانينات وقضائه على الثورة التي قامت في بعض أنحاء سوريا، حيث دمر وقتل الآلاف من السوريين في حماة وحمص وبقية المحافظات، وكان الأسد الأب يريد توريث ابنه "باسل"، لكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، حيث توفي الابن بحادث على طريق المطار، ما جعله يورث ابنه "بشار" مخالفا القوانين التي تم تعديلها بنصف ساعة في مجلس الشعب الذي كان تحت سيطرة الحزب البائد، حيث استمر الابن بنفس الساسة الدموية.

وأضاف إليها نهب خيرات البلد من خلال العائلة الحاكمة، التي قاسمت التجار والصناعيين في استثماراتهم.

وأبرز الفيلم دموية الحكم الساقط من خلال تعامله مع الثورة السورية التي انطلقت عام 2011 وتدمير أحياء بكاملها في معظم محافظات القطر العربي السوري.

الجانب الشخصي ربطه "غنوم" في تلك الفترة بولادته في فترة السبعينيات في بداية حكم "حافظ الأسد" ونشوئه في منظمة الطلائع والشبيبة التي كانتا استمراراً للنهج القمعي التلسلطي آنذاك ودخوله المعهد العالي للفنون المسرحية الذي لم يكن بأحسن حال، من حيث السيطرة الأمنية والتسلط، وتم فصله ليتابع دراسته في كلية السينما في "مولدوفا".

ويسلط الفيلم الضوء على الثورة السورية التي قامت ضد الحكم الديكتاتوري والتضحيات التي قدمها الشعب السوري والأسلوب الدموي والفاشي الذي تعامل معه الهارب "بشار"  في القتل والتدمير والتعذيب الوحشي في سجون الأفرع الأمنية والتي فاقت كل تصور وتفوّق الطاغية وزبانيه في القتل والتعذيب على النازيه.

رغم كل المآسي التي جاءت في سياق الفيلم، إلا أن ما جرى على أرض الواقع يبدو أفظع والفيلم قدم صورة عما جرى في سوريا.

النهاية تبدو حاملة لبصيص أمل من خلال تقديم صورته مع طفلته التي لم يتجاور عمرها العامين وهي تغفو بين يديه وتغط في نوم عميق، وفي لقطة أخرى وهي تلعب وتلهو بكل براءة، في دلالة على التفاؤل بالمستقبل، حيث يتمنى لأطفال سوريا أن يعيشوا في بيئة آمنة وكأنهم بين أحضان والديهم.

وحصد فيلم "الابن السيئ" (The Bad Son) مجموعة جديدة من الجوائز السينمائية، ليسجّل بذلك رقماً قياسياً في عدد الجوائز الدولية التي نالها والتي رُشّح للفوز بها، ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما على مستوى الأفلام الوثائقية في العالم.

ومَنح مهرجان "ماي السينمائي الدولي" Mei International Fil Festival في الهند، ثلاثاً من جوائزه الكبرى لفيلم "الابن السيئ"، وذلك عن فئات: (أفضل فيلم وثائقي طويل، وأفضل إخراج (لمخرجه غطفان غنوم)، وأفضل سيناريو لـ وفاء عاملي).

كما نال الفيلم أيضاً جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل في "مهرجان ريو دي جانيرو الدولي للأفلام" (Rio de Janeiro Film Festival) في البرازيل.

يأتي ذلك بعد أن حصد الفيلم العديد من الجوائز السينمائية العالمية المرموقة خلال عام 2024، نذكر منها: جائزة أفضل فيلم صادم وثائقي في مهرجان "قلب أوروبا السينمائي" بمدينة كوشيسته السلوفاكية، وجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان "بيرساموندا الدولي للأفلام"، وجائزة أفضل فيلم وثائقي أيضاً في "مهرجان الفيلم السويدي الدولي".

عبدالحكيم مرزوق - زمان الوصل
(12)    هل أعجبتك المقالة (4)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي