في عام 2006، تخرّجتُ من كلية الحقوق بجامعة دمشق بمعدل 73.77. التحقتُ بالكلية عام 2002، وفي ذلك الزمن، كان الحصول على معدل يفوق السبعين يُعدّ إنجازاً، نظراً لصعوبة الامتحانات وصرامة التصحيح، حيث كانت المعايير واضحة: الجهد يُقابل بالتقدير، والتفوق لا يُمنح بل يُنتزع.
لكن هذه القاعدة سرعان ما انهارت. منتصف دراستي شهد تغيّراً مفصلياً، مع مغادرة الدكتور عبود السراج – المعروف بنزاهته وصرامته – موقعه كعميد للكلية، وحلول الدكتور فؤاد ديب مكانه. منذ تلك اللحظة، تحوّلت الكلية إلى ساحة للمحسوبيات، حيث باتت الامتيازات تُمنح لا تُكتسب.
لم يأتِ ديب منفرداً. جاء مدجّجاً بخطة غير معلنة لتعبيد الطريق أمام ابنه "يامن"، الطالب العادي الذي بالكاد تجاوز معدلات الخمسينات في السنتين الأولى والثانية. فجأة، ارتفعت علاماته على نحو دراماتيكي في السنة الثالثة، ليظهر اسمه ضمن أوائل الخريجين، رغم أن معدله التراكمي لم يتجاوز 65، بحسب ما تؤكده الذاكرة الجماعية والوثائق المتداولة في أوساط الطلبة آنذاك.
يامن لم يكن استثناء. فادي الشماط، الوكيل الإداري للكلية، مثّل حالة أخرى. علاقاته الأمنية، وكون والده ضابطاً سابقاً، مكّنته من لعب أدوار تجاوزت صلاحياته الأكاديمية، وصولاً إلى مشاركته في تنظيم حملات انتخابية داخل الحرم الجامعي دعماً لأبناء بشار الأسد، لا سيما في انتخابات 2024، التي حُوّلت كلية الحقوق إلى مركز استعراضي لها.
محمد باخوخ، هو الآخر، استفاد من المنظومة ذاتها. علاقاته العائلية داخل الكلية – من عمة موظفة في قسم الامتحانات إلى والده المسؤول الأمني – ساعدته في التسلق الأكاديمي، ضمن شبكة "نخبوية مصطنعة" بدأت فجأة بالظهور على لوائح الأوائل، من دون منطق أو مبرر أكاديمي واضح.
الوثائق والشهادات الشخصية تكشف بوضوح حجم الانهيار. مقارنة بسيطة بين نتائج الطلاب قبل وبعد تولي فؤاد ديب، تبيّن التغير الجذري في معايير التفوق. طلاب حافظوا على أداء ثابت في السبعينات طيلة أربع سنوات، أُقصوا فجأة لحساب من اعتادوا النجاح بـ"العطف"، كما يُقال شعبياً.
النتيجة؟
تحوّلت كلية الحقوق – التي كانت يوماً منارة للكوادر القانونية – إلى نموذج للتمييز ومختبر فساد أكاديمي، تُفصّل فيه الشهادات على مقاس النفوذ، لا على أساس الجدارة.
للتوثيق:
الدكتور فؤاد ديب تقاعد منذ سنوات، لكن الإرث الذي تركه لا يزال فاعلاً. فادي الشماط ومحمد باخوخ ما زالا على رأس عملهما، ويواصلان النهج ذاته.
يذكر أن كندا الشماط، وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة، والمسؤولة عن اختفاء أطفال المعتقلين؛ و محمد خير العكام، ممثل النظام في محادثات جنيف، ما زالا على رأس عملهما في الجامعة.
الدكتور عمر اليوسف - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية