لم يكن يعلم أن اللقاء الأخير بابنه سيكون عند بوابة جامعة حلب. "ابني محمد الحمصي عمره 21 سنة، طالب جامعي، من مواليد دمشق، اعتقلوه عناصر الأمن العسكري بحلب يوم 6 آب 2024"، يقول والده المكلوم.
وفقًا لرواية الأب، فقد جرى نقل ابنه إلى المشفى العسكري بحلب، حيث تواردت إليه أخبار عن وفاته بعد أسابيع من الاعتقال. "أجاني خبر إنه توفي هنيك، بس ما بعرف إذا الخبر صحيح، ولا عندي أي معلومة عن مكان دفنه"، يضيف الرجل الذي يعاني من ظروف صحية ومادية تمنعه من السفر والتحقق بنفسه.
لكن مأساة العائلة لم تتوقف عند هذا الحد. فبعد نحو شهر من اعتقال ابنه، اقتحمت المخابرات الجوية في المزة منزل العائلة بدمشق، واعتقلت الأب وزوجته وابنهما الأصغر، واحتُجزوا قرابة 100 يوم دون تهمة واضحة. "أنا وزوجتي وابني الصغير عم نعاني لليوم من رهاب وخوف وأعراض نفسية وجسدية من آثار الاعتقال. المحقق بالحرف قال لنا: "إنتو ما بتطلعوا من هون لعشر سنين"، وكل واحد منا كان بزنزانة منفردة، أنا وابني بنفس الجناح، وزوجتي بمبنى مجاور"... خرجنا يوم تحرير دمشق.
"تتخيل إنو نشوف الشمس والشارع ونرجع نلتقي من جديد صار حلم؟ الله كبير ورجعنا لبعض، بس كل هاد بكفّة، ومصير ابني التاني بكفّة تانية"، يقول بصوت تخنقه الحسرة.
يوجّه الأب نداءً إنسانيًا إلى كل من يمتلك معلومات حول سجلات الأمن العسكري في حلب أو سجلات المتوفين في المشفى العسكري خلال عام 2024. ويضيف: "إذا في أي اسم، أي وثيقة، أي مكان دفن، تساعدني أعرف مصير ابني، أرجو المساعدة".
هذه القصة واحدة من مئات القصص التي تكشف فصولًا مؤلمة من الانتهاكات التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية السورية، حيث لا يزال مصير آلاف المعتقلين مجهولًا حتى بعد إعلان "التحرير" في عدة مناطق.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية