مع تحرير سوريا من النظام السابق، شهد سوق السيارات انخفاضاً في الأسعار وانفتاحاً على استيراد أعداد كبيرة من السيارات الحديثة والقديمة الأمر الذي خلق فوضى عارمة، ثم بدأت موجة غير مسبوقة من استيراد السيارات المستعملة، أغلبها موديلات قديمة ومتهالكة.
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور حيان البرازي، أنه قد يبدو الأمر للوهلة الأولى خياراً اقتصادياً، لكن في الحقيقة يُخفي خلفه كوارث حقيقية تهدد مستقبل البلد، محذراً من إغراق سوريا بنفايات السيارات واستيراد كميات كبيرة من السيارات المستعملة.
واعتبر البرازي في حديث مع صحيفة "الحرية" الرسمية أن ذلك قد يكون ضربة قاسية للاقتصاد والسيولة لأن العملة الصعبة تُهدر في استيراد سيارات مستعملة من دون أي قيمة إنتاجية، في وقت نحن فيه بأمسّ الحاجة لتوجيه السيولة نحو مشاريع تنموية، بدل أن تهدر فيه مدخرات المواطنين، وتتبخر في سيارات تتطلب صيانة مستمرة، وتكلفة تشغيلها عالية.
وأفاد البرازي بأن التخطيط العمراني في سوريا عاجز عن استيعاب استيراد هذه الكميات، نتيجة الازدحام الخانق، خاصة أن شوارعنا ضيقة والمدن غير مهيأة، ولا توجد مواقف كافية، متسائلاً: كيف نواجه هذا الطوفان الحديدي؟ والازدحام يزداد يوماً بعد يوم، وتعطلت حركة الناس
والبضائع، وزادت الحوادث والمشكلات اليومية، ناهيك عن أن التلوث البيئي والصحي يهدد الأجيال.
وأشار إلى أن السيارات القديمة تستهلك وقوداً أكثر وتطلق انبعاثات ملوثة، ما يؤدي لتدهور جودة الهواء وارتفاع الأمراض التنفسية، خاصة لدى الأطفال وكبار السن.
ورأى أن الحل ليس بمنع الاستيراد فقط، بل بالتنظيم الذكي بحيث يتم إيقاف استيراد السيارات تحت موديل 2020 فوراً والأهم تطبيق سياسة الاستبدال، أي أن يتم السماح باستبدال سيارات موديل 2010 وما دون، بسيارات مستعملة فوق 2020 وفق شروط فنية واضحة، الأمر الذي يساهم في المحافظة على السيولة ويمنع التهريب والفوضى، ومن جهة أخرى فإن إدخال السيارات بحالة جيدة يساهم في تحسين صورة الشوارع، وينعش السوق المحلي ويوفر فرص عمل في مراكز الصيانة والتجميع، كما يقلل التلوث ويعكس مظهراً حضارياً لبلد يتطلع لبداية جديدة لذلك علينا أن نحمي سوريا من نفايات العالم، ونصنع مستقبلاً نظيفاً ومنظماً، على حد وصفه.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية