كما استُعبد البشر في الحرب العالمية الثانية لحفر الأنفاق وبناء سكك الحديد، أُجبر شبان حي التضامن على الحفر تحت تهديد السلاح.
تحت الأرض، بلا أمان ولا رجعة، سُخّروا لبناء متاريس الدفاع الوطني، ومات كثيرون منهم هناك، بلا شاهد أو قبر، ضحايا لنظام لا يفرّق بين القتل والسخرة.
منذ بدايات الثورة السورية عام 2012، شكّلت منطقة التضامن جنوب دمشق أحد أبرز خطوط التماس، ومع تصاعد وتيرة المواجهات، برز دور ميليشيات "الدفاع الوطني" التي اتخذت من الحي نقطة انطلاق لعمليات تجنيد قسري استهدفت شبانه، تحت غطاء "المساعدة" في حفر الأنفاق وتجهيز المتاريس الدفاعية في محيط الزاهرة.
بحسب شهادات متقاطعة، كانت الميليشيا تصعد إلى حي الزاهرة، وتقتاد عشرات الشبان من منازلهم أو من الشوارع، بذريعة أنهم سيشاركون في "أعمال لوجستية مؤقتة"، لكن كثيرًا منهم لم يُعرف لهم مصير بعد تلك الرحلات. وغالبًا ما كانت تلك "المهام" تنتهي إما بالموت داخل الأنفاق، أو بالاعتقال والاختفاء القسري في أقبية الفروع الأمنية.
الأبشع في هذه العمليات كان التمييز الطائفي الصريح: إذ كان عناصر "الدفاع الوطني" يتحققون من بطاقات الهوية، ومن يُكتشف أنه من محافظة السويداء أو من مناطق الساحل يُعفى من المهمة على الفور، بينما يُجبر أبناء دمشق والجنوب على الانخراط القسري في الحفر والتدشيم، وسط ظروف أشبه بالسخرة.
من بين الضحايا الشاب علاء الدين الرياحي، الذي اختُطف عام 2014 بينما كان واقفًا على دور الخبز في حي التضامن. اقتاده عناصر الدفاع الوطني على أساس أنه سيساعد في التدشيم، ولم يعد إلى منزله منذ ذلك اليوم... استشهد تحت السخرة!
استمر هذا النمط من الاستغلال القسري حتى نهاية المعارك في مخيم اليرموك وحي التضامن عام 2018.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية