عبد الكريم السيجري؛ هو أحد الناجين القلائل من أصحاب الصور التي نشرتها "زمان الوصل" لمعتقلين مجهولي الهوية والمصير، ممن وُثّقت وجوههم داخل أحد مقرات الدفاع الوطني في دمشق، ضمن واحدة من أخطر عمليات التوثيق التي كشفت عن اعتقال آلاف الضحايا تحت سلطة ميليشيات النظام الأمنية البائدة.
السيجري، ابن مدينة السلمية، ومن أوائل شباب الثورة في تجمع أحرار 2011، كان واحدًا من أولئك الذين دفعوا ثمن الكلمة والانتماء للحلم السوري بالحرية. سبع سنوات قضاها في زنازين النظام، تنقّل خلالها بين الأفرع والسجون، ونجا من المجهول ليحمل الرقم 298 في سجل المغيّبين المصوّرين.
بدأت رحلته القسرية عندما اعتقلته مجموعة تابعة للمدعو مصطفى عيد، أحد قادة مجموعات الدفاع الوطني في ريف حماة، وتم نقله إلى مقر دير شُميل، أحد المراكز المعروفة بتسجيل الاعتقالات غير النظامية. بقي هناك ثلاثة أشهر، قبل أن يُرحّل إلى قيادة الدفاع الوطني في دمشق، حيث عاش شهرين من أشد فترات التعذيب، شملت الحرق بالماء الساخن والزيت، إلى جانب الضرب والتنكيل بأساليب ممنهجة.
في هذا المقر، كان التحقيق يتم بإشراف شخص يُعرف بلقب أبو يوسف، وكان يُجبر المعتقلين على التبصيم على اعترافات ملفقة تتهمهم بقتل جنود أو المشاركة في عمليات مسلحة، ليُحالوا بعدها إلى المحكمة الميدانية، دون أي محاكمة عادلة، فقط صورة واعتراف منتزع بالقوة.
لاحقًا، نُقل السيجري إلى سجن صيدنايا العسكري، ومنه إلى أفرع أمنية متعددة في دمشق، ثم إلى سجن عدرا وسجن القابون، حيث كان يشهد بشكل يومي موت معتقلين تحت التعذيب أو بسبب الإهمال الطبي. وصف السيجري سجن القابون بأنه "أقرب ما يكون إلى صيدنايا من حيث الكثافة بالموت والاختفاء".
ظهرت صورته لاحقًا ضمن ملف "صور الدفاع الوطني" الذي نُشر عبر "زمان الوصل"، بملامح منهكة، يحمل الرقم 298.
اليوم، يُعد السيجري الناجي الوحيد المعروف من تلك الصور، ليكون شاهدًا حيًا على جريمة أرادت أن تُغلق ببرواز وصورة.
للاطلاع على الصور.. اضغط هنا
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية