ما زاد من ضرورة وجود نائب لرئيس الوزراء في سوريا.
فحينما أُقرّ الإعلان الدستوري، الذي اعتمد نظام الحكم الرئاسي، أُلغي منصب رئيس الوزراء.
ولذلك محاسنه ومساوئه، خاصة في حالة مثل الحالة السورية، التي قد لا تسمح لرئيس الدولة الشرعي — وهو نفسه رئيس الحكومة وفق الإعلان الدستوري — أن يحضر الاجتماعات ويفك التشابك والتداخل بين عمل الوزارات.
لذا، قد تفرض الضرورة والمرحلة وجود نائبين لرئيس الوزراء، للخدمات والاقتصاد، كما كان معمولاً به سابقاً. أو على الأقل نائباً للشؤون الاقتصادية، يترأس الجلسات في غياب الرئيس ويكون رأساً للاجتماعات، وذلك ضرورة وحاجة، وليس ترفاً.
إذ، وببساطة، اجتماعات الحكومة بحاجة إلى رأس، وفيصل، وصاحب قرار حاسم، خاصة حين تتداخل المهام بين الوزارات، كالتداخل بين الاقتصاد والمالية مثلاً، أو بين المالية والمصرف المركزي...
وهنا لن نخوض في موضوع الدمج "العجيب" بين وزارتي الاقتصاد والصناعة، رغم التناقض الجوهري بين مساعي وأهداف الصناعي والتاجر. وأما القول بأن "المصلحة العامة وهاجس التنمية يجمعان بينهما"، فذلك من الشعارات التي يسقطها الواقع.
أسوق مثالاً من اليوم:
فقد ألغى وزير الاتصالات، عبد السلام هيكل، الرسوم الجمركية — لأجلٍ محدد — على الهواتف المحمولة للأفراد.
وهي خطوة مهمة وضرورية ضمن مسار تهيئة البنية ومستلزمات الانتقال إلى مجتمع تقني، وتعزيز الدور المهم لإنشاء نظام رقمي متكامل للمعلومات الصحية، مرتبط بنظم المعلومات في الوزارات والدوائر المختلفة.
ولكن، هل وزارة الاتصالات هي الجهة صاحبة الصلاحية لإصدار قرار مالي يفوّت على الخزينة موارد وعائدات؟ أم أن هذا من اختصاص وزارة المالية، التي توعز بدورها للجمارك التابعة لها؟
هو مثال ليس إلا، وسنرى لاحقاً غيره الكثير.
ما يفرض وجود "مايسترو" داخل الحكومة، لأن مهام الرئيس الشرعي في المرحلة المقبلة قد تحول دون حضوره المستمر وفضّه للاشتباك والتشابك — هذا إن افترضنا جدلاً أن السيد الرئيس مُلمٌّ بواقع عمل وتخصص الوزارات وتضارب المهام والصلاحيات أحياناً.
وليس في ذلك أي انتقاص من خبرة أو شخص الرئيس؛ إذ لا وجود لـ"السوبرمان" العارف بكل شيء.
وإلا، لما كانت هناك حاجة للتخصص وتوزيع المهام والأدوار.
نقطة أخيرة، كي لا يُفهم أني أرمي الكرة في ملعب الوزير هيكل، فقد عملنا معاً في الماضي ولسنوات، وأزعم أني من القلّة الذين يعرفونه جيداً.
فهو ذكي جداً، وطموح جداً، ومنظم جداً، وصاحب قرار.
ورأيي هذا مبني على معرفة وتعامل وتجارب، وليس فيه محاباة أو تقرّب.
فالسيد هيكل من أكثر من يعرفون عنادي وصراحتي وقولي للرأي دون حساب للعواقب.
عدنان عبد الرزاق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية