أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"اقتصاد" يبحث في ملف الارتفاع الكبير بإيجارات المنازل في دمشق وريفها

"عبد الغفور"، مهجّر يقيم في إدلب، قرّر تأجيل عودته إلى مدينته عربين بريف دمشق، لعدم تمكنه من إيجاد منزل مناسب.

يقول "عبد الغفور" لـ "اقتصاد"، إن منزل العائلة الذي خرج منه شاباً لم يعد يتسع اليوم لجميع أفرادها، بعد أن تزوج معظم شبانها وأصبح لكل منهم عائلة، لافتاً إلى أنه من المستحيل إيجاد منزل للإيجار، وإن توفر فإنه لن يقل إيجاره عن 2 مليون ليرة.

وتشهد محافظة دمشق وريفها ارتفاعاً كبيراً بأسعار إيجارات المنازل منذ منتصف العام الماضي 2024 مع تصاعد الأحداث في لبنان ونزوح المئات باتجاه المنطقة، حيث زاد الطلب مع قلة العرض، وعزّز هذا الارتفاع سقوط النظام الذي مكّن المهجرين من العودة إلى مدنهم.

إيجارات مرتفعة في مدن مدمرة

يسكن "محمد"، من أهالي مدينة داريا، منذ حوالي 6 سنوات في منزل إيجار بصحنايا بريف دمشق، ويقول لـ"اقتصاد" إن عقد إيجاره كان سنوياً، وفي كل مرة كان يجدد فيها العقد يرفع صاحبه قيمة الإيجار، وكان ذلك منطقياً بسبب تراجع قيمة الليرة حينها.

ويضيف "محمد" أنه مع بداية العام الجاري، أي بعيد سقوط النظام، لم يُجدّد عقد المنزل إلا لـ 3 أشهر فقط، وقد رُفع الإيجار رغم تحسن الليرة وقد وصل الآن لمليون ليرة، مضيفاً أنه مع نهاية الشهر الجاري سيكون مجبراً على دفع زيادة أيضاً كما أخبره صاحب المنزل، وإلا سيكون مضطراً لإخلائه مع وجود عشرات الراغبين بالإيجار.

وفي داريا، مسقط رأس "محمد"، لم يكن الوضع مختلفاً، فرغم تراجع الخدمات ومشاهد الدمار الكبيرة بسبب براميل النظام التي دمرت المدينة قبل سنوات، ارتفعت إيجارات المنازل للضعف في بعض الأحياء وسط المدينة، كما ارتفعت الإيجارات بشكل عام مع عرض قليل جداً وزيادة الطلب، لا سيما بعد بدء عودة المغتربين والمهجرين في الشمال السوري.

في شارع جامع أنس بن مالك بداريا، استأجر "مهند" منزلاً مكوناً من 3 غرف وفي الطابق الثاني بـ2.5 مليون ليرة، أي ما يعادل 250 دولاراً.

ويقول مهند لـ "اقتصاد"، إنه اضطر للعودة من لبنان بسبب عدم حصوله على إقامة وتراجع العمل هناك، ليجد منزله في حي الخليج بداريا قد أُزيل بشكل كامل، مما اضطره لاستئجار منزل بهذا السعر، وقد حصل عليه بعد عناء كبير.

وفي مدينة المليحة بغوطة دمشق الشرقية، يتعذر إيجاد منزل للإيجار بسبب تعرض الكثير من أحياء المدينة للدمار والتخريب، كما يقول "عامر"، أحد سكان المدينة.

ويضيف أنه في حال استطعت الحصول على منزل ستكون مضطراً لدفع إيجار عام سلفاً، وبمبلغ لا يقل عن 100 دولار شهرياً لمنزل لا تتجاوز مساحته 60 متراً.

الإيجارات في دمشق

وفيما يبدو أن الدمار الذي خلّفه النظام السابق في مدن وبلدات ريف دمشق هو العامل الرئيسي الذي ساهم في قلّة العقارات وبالتالي ارتفاع أسعارها، تختلف العوامل في العاصمة دمشق.

وعادةً ما يبدأ موسم عرض الإيجارات في دمشق مع انطلاق المدارس والجامعات، حيث يزيد معدل المنازل المعروضة للإيجار، وفي مواسم الأعياد أيضاً. وتتسم عقود الإيجار بكونها سياحية لا تمتد لأكثر من شهرين، مما يمكّن صاحب العقار من إيجاد مستأجرين متنافسين على عقاره.

ومع توافد المغتربين بشكل كبير، لا سيما مع التسهيلات وإزالة العقبات الأمنية بعد سقوط النظام، ساهم ذلك في زيادة الطلب على منازل الإيجار.

محمد قدومي، مهندس وخبير في مجال العقارات، يوضح لـ "اقتصاد"، أن ارتفاع إيجارات العقارات في دمشق شائع خلال فترة عطلة الأعياد التي تجذب المغتربين الراغبين في قضاءها مع أهلهم.

ففي منطقة المزة، عُرضت المنازل للإيجار بـ10 ملايين ليرة سورية، بينما كانت تتراوح قبل فترة وجيزة بين 5 و8 ملايين ليرة سورية.

ويضيف أن الأسعار ارتفعت مقارنة بفترة ما قبل سقوط النظام، لكنها لا تزال بالحد الأدنى مقارنة بسنوات ما قبل الثورة، موضحاً أن العقار كان يعد مشروعاً استثمارياً رابحاً، وقد تعرض لخسائر كبيرة خلال السنوات الماضية، ويحاول الآن تعويضها.

فالبيت الذي كان إيجاره 500 دولار في منطقة المزة هبط إلى 200 دولار خلال السنوات الماضية وارتفع الآن إلى 350 دولاراً.

البيع بدل الإيجار

يؤكد المهندس قدومي، أنه لا يمكن القول بأن الارتفاع دائم، فوضع سوق العقارات لا يزال مجهولاً، ولم تدخل بعد

الاستثمارات الجديدة، وخلال فترة الموسم يبدو الارتفاع منطقياً.

ويشير إلى أن أصحاب العقارات ولا سيما بعد الخسارات التي تكبدوها خلال الفترة الماضية، يعمدون إما لتأجيرها بمبالغ جيدة أو بيعها.

وزادت بشكل ملحوظ العقارات المعروضة للبيع، والذي باتت إجراءته أسهل مع انتهاء الشروط التي كانت تضعها حكومة النظام السابق، وأهمها إيداع مبالغ مالية كبيرة من قيمة الصفقة في البنوك، مع تجميد بعضها لمدة ثلاثة أشهر على الأقل دون أن يحق للبائع التصرف فيها، والتي كانت
تشكل أحد العقبات التي تدفع أصحاب البيوت لتأجيرها ولو بسعر منخفض بدل بيعها.

وبذلك نخلص كما يلفت محدثنا، إلى أن المغتربين يشكلون العامل الأهم في ارتفاع الإيجارات في دمشق، ولكن لا يمكن أن يقع اللوم عليهم فقط، وذلك لأن صاحب العقار هو مستثمر وقد تعرض لفترات طويلة من الخسائر، ومع تحسن حركة السوق يحاول أن يرمم جزء منها.



 



 



اقتصاد - أحد مشاريع "زمان الوصل"
(7)    هل أعجبتك المقالة (6)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي