أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"ليتنا كالنمل" سردية سورية بعيون أطفال فرّقهم رصاص المعارك

"كان يمكن لهؤلاء الأطفال أن يجتمعوا في صف دراسي واحد ليتحدثوا عن أحلامهم وطموحاتهم، لكن الرصاص، والقصف، والموت جعلوا اللقاء ممكناً فقط على صفحات هذا الكتاب".

بهذه العبارة يعرّف الصحفي والكاتب السوري "خضر الخليفة" كتابه السردي الجديد "ليتنا كالنمل- أطفال فرقهم رصاص المعارك وجمعهم كتاب" الذي ينقل فيه من قرى الشمال السوري حكايات متنوعة لعشرة أطفال عاشوا مآسي الفقد والنزوح والخضوع لظروف قاسية فرضتها قوى عسكرية وسياسية مختلفة دون أن تترك لهم مجالاً للإختيار ودون أن يكون لهم ذنب بقرارات أهاليهم.

وروى "خليفة الخضر" لـ"زمان الوصل" أن فكرة كتابه بدأت من قصة حدثت له مع الطفل ثامر الذي كان يعيش في قرية تعددت جهات السيطرة عليها ودخل إليها بسيارة لم تكن تحمل أي راية لفصيل أو جهة والتقى بالطفل الذي كان يبيع الديزل وكان مرعوباً من السيارة، وهنا خطرت بباله –كما يقول- قصة تتحدث عن كيف يرانا الأطفال وخاصة مناطق التهجير.

ولفت الخضر أنه لم يكن قادراً على زيارة كل مناطق سوريا لأنه كان ممنوعاً من زيارتها ليجمع مواد كتابه، وحاول أن يكون منصفاً وينقل ما شاهده هؤلاء الأطفال في الفترة من بين 2011-2020 بكل تجرد حتى ولو كانت أفكارهم لا تروق له ولكنه نقلها لأن الطفل في هذه البيئات مؤمن بها.

صف دراسي متخيل
واعتمد الخضر في كتابه كما يقول على فكرة وجود صف مدرسي متخيل لأطفال سوريين، ويقع حدث فيضطرون للتفرق والنزوح كلُ مع أهله، ويبقى الصف فارغاً وكسائح قرى بدأ بالتجول في القرى السورية ومخيمات التهجير، وجمع هؤلاء الأطفال بطريقة "قسرية متخيلة" ليعيدهم إلى صفهم ويتحدثوا فيه عن أحلامهم التي طافت في خيالهم ليلة الأمس وعن الطعام الذي أكلوه، وعن مخططاتهم في رحلة الصيف المفترضة: أين سيذهبون، وعن طموحهم المستقبلي، وعلاقتهم ببلدهم، لكن الرصاص المنهمر، والمدارس التي قصفت بالطيران، والمدارس التي تحولت إلى سجون ومقرات عسكرية وآراء الأهل السياسية والدينية التي حالت دون أن يجتمع هؤلاء الأطفال في الواقع في صف دراسي واحد".

وتابع محدثنا: بدأت الكتاب بفكرة تقول أنه كي تتحقق العدالة يجب أن نصغي إلى بعضنا جيداً، ومن خلال الكتاب يبدأ كل طفل برواية ما رأى وكيف يرى الآخر ويرى البلاد، وألمح الخضر إلى أن من بين أبطاله الأطفال طفلة حوصرت في كفريا والفوعة، وآخر حوصر بدوما، وثالث توفي نتيجة الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في شباط 2023 ومنهم من كان والده مع تنظيم الدولة وآخر مع ميليشيا حزب الله أو مع قوات سوريا الديموقراطية، وطفل مبتور الساق نتيجة صاروخ كود وكيف عاش وتكيف مع إعاقته.

وهناك "كريم " طفل الأنفاق والعالم الموازي وتوفي نتيجة الزلزال الذي ضرب بلدته جنديرس في شباط عام 2023 ورغم أنه مات إلا أنه لم يدفن بل بقيت روحه حية وتتجول في الأماكن والعوالم الأخرى ويرى أمثاله ممن لم يدفنوا كالمفقودين.

ليتنا كالنمل
وحول دلالات ورمزية عنوان كتابه " ليتنا كالنمل" أوضح الخضر أن هذا العنوان مستوحى من كلمة لأحد أبطاله الأطفال ويدعى"عبيد" وهو أسمر البشرة من حي جبل بدرو شرق حلب، وأصيب بصاروخ سكود عام 2013 وكان يسقي قدمه المبتورة معتقداً أنها ستنمو من جديد، وصنع لنفسه عكازة من شجر الزيتون، كما كانت خالته تتنمر عليه لبشرته الداكنة، وعندما رأى النمل يعيش بانسجام وتأقلم تمنى أن نكون كلنا كسوريين مثل النمل كي لا يكون هناك تمايزاً بين مكونات المجتمع السوري ولا عنصرية أو طبقية في أوساطه.

وحول رسالته من تأليف هذا الكتاب أشار مؤلفه إلى أنه يريد التأكيد على أن معارك الكبار تطحن الصغار الذين لا ذنب لهم بها ، وفي غمار الحرب كان الكل يعتقد أنه حامي الحقيقة والمدافع عنها، ولكن عالم الأطفال مختلف ولهم عيون ترى بتجرد مالا يراه الآخرون الكبار".

و"خليفة الخضر" مصور وكاتب سوري يجوب القرى السورية ، ويجمع قصص الشهود ويعيد كتابتها، حاصل على شهادة البكالوريوس في علم النفس وحاصل على ماجستير في تسويق المدن نال جائزة سمير قصير اللبنانية للصحافة عن فئة مقال الرأي عام 2017 وجائزة فيستوف Fetisov Journalism Award في الصحافة عام 2021.


فارس الرفاعي - زمان الوصل
(11)    هل أعجبتك المقالة (12)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي