أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ماذا ترك "حزب الله" خلفه من أجهزة تجسس في سوريا؟

رغم انسحاب ميليشيا "حزب الله" من سوريا، إلا أن آثار وجوده الأمني والاستخباراتي لا تزال حاضرة بقوة، مخفية باحتراف داخل البنية الجغرافية السورية. فقد غادر المقاتلون، لكن منظومات المراقبة والتنصت بقيت، خصوصاً في المناطق الحدودية ومواقع النفوذ التقليدي للحزب. (ولا يُعرف حتى الآن حجم ما يزال يعمل منها فعلياً). 

وبحسب مصادر ميدانية وتقارير موثوقة، زرع "حزب الله" منظومات مراقبة وتجسس متطورة في مواقع استراتيجية، أبرزها المناطق المحاذية للحدود اللبنانية، ومحيط مدينة القصير، والقلمون الغربي. وشملت هذه المنظومات: 
- أبراج بث واتصالات مشفرة ترتبط مباشرة بغرف عمليات تابعة للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت. 
- كاميرات مراقبة حرارية ومجسات صوتية تم تركيبها عند مداخل القرى ونقاط التماس. 
- أجهزة تنصت على الاتصالات اللاسلكية تتيح مراقبة التحركات والتواصل بين المجموعات المحلية. 

ويؤكد خبراء تقنيون تعاونوا مع صحيفة "زمان الوصل" خلال السنوات الماضية أن بعض هذه الأجهزة مزودة بتقنيات تتبع دقيقة قادرة على رصد التحركات ليلاً ونهاراً، كما أن العديد منها يعمل بالطاقة الشمسية لضمان استمرار تشغيله لأشهر طويلة دون صيانة. 

وتشير المصادر إلى أن الحزب لم يترك هذه المنظومة بشكل عشوائي بعد انسحاب كوادره، بل قام بتدريب مجموعات محلية موالية على تشغيل الأجهزة وصيانتها، لضمان استمرارية عمل شبكة الرصد الاستخباراتي. 

كما استفاد الحزب من التسهيلات الأمنية التي قدمها له النظام السوري السابق، حيث سمح له بزرع أجهزته داخل مقار رسمية وعسكرية، بعضها لا يزال يُستخدم من قبل الإدارة الجديدة حالياً، لا سيما في مناطق مثل الزبداني، يبرود، السيدة زينب، إضافة إلى بعض المواقع الحساسة داخل العاصمة دمشق. 

*وثيقة رسمية توثّق التغلغل
ويكشف كتاب رسمي يعود إلى عام 2013، موجه من مدير إدارة الشؤون الإدارية إلى وزير الداخلية في حكومة النظام السوري اللواء محمد الشعار، عن طلب رسمي يتيح لعناصر "حزب الله" تركيب أجهزة مراقبة فوق خزان المياه في منطقة مساكن الشرطة بنجها، حيث يقيم عدد من كبار ضباط الأمن العاملين في النظام سابقاً. 

وتُظهر الوثيقة، المؤرخة في 3/12/2013 دون رقم صادر، أن العميد ثائر العمر، رئيس فرع مكافحة الإرهاب في جهاز أمن الدولة، أكد أن المنطقة تقع ضمن نطاق عملياتهم، وأن المطلوب هو تركيب أجهزة رصد ومراقبة على سطح الخزان بشكل سري. ونصّ الكتاب حرفياً: 
"تم تكليف العميد غسان أبو حسون، رئيس فرع السكن الوظيفي (التابع لوزارة الداخلية)، بمقابلة العميد ثائر العمر رئيس فرع مكافحة الإرهاب بأمن الدولة، حيث بين العميد ثائر أن المنطقة تدخل ضمن العمليات العسكرية، والمطلوب هو وضع أجهزة رصد ومراقبة على سطح الخزان لتقوم المجموعة المكلفة بالمهمة بذلك بشكل سري، كون الخزان يقع في أعلى نقطة ولن يتم أي عمل سوى المراقبة وللضرورات الأمنية". 

وأشرف على الوثيقة اللواء حميد أسعد المرعي، مدير إدارة الشؤون الإدارية في وزارة الداخلية. 

وفي عام 2022، أجريت صيانة لهذه المعدات، التي تتطلب تبديل بعض الأجزاء كل عدة سنوات، ما يُرجح أن بعضها ما يزال قيد التشغيل حتى اليوم. 

وتقع منطقة نجها على بعد نحو 6 كيلومترات من مقام السيدة زينب، ونحو 19 كيلومتراً من مخيم اليرموك، ما يعني أن الموقع يتيح تغطية لاسلكية واسعة للجنوب الدمشقي، وهو ما كان يشكل نقطة حساسة. 

كما يمر قرب مساكن نجها (العسكرية والشرطية) أوتستراد دمشق – السويداء من الجهة الشرقية، في حين تقع شمالها مناطق حساسة مثل مخيم الحسينية الذي يضم تجمعاً فلسطينياً–سورياً، ثم بلدة الذيابية، تليها السيدة زينب، وصولاً إلى اليرموك والحجر الأسود. 

*إرث استخباراتي لا يزال قائماً
لقد ترك "حزب الله" في سوريا منظومة أمنية قد لا تزال تعمل بصمت حتى اليوم، ما يشكّل تهديداً دائماً قابلاً للاختراق من قبل أي جهة أخرى، وتحويله إلى أداة تجسس فاعلة ضد الدولة والمجتمع. 

*ما هو المطلوب؟
- إطلاق حملة أمنية تقنية شاملة داخل المقار الرسمية التي تستخدمها الدولة الجديدة، بهدف البحث عن أجهزة تنصت أو أنظمة مراقبة خفية، بما في ذلك داخل القصر الجمهوري ومؤسسات الدولة الحساسة. 
- تنفيذ مسح أمني دقيق في المواقع السابقة التي كان ينتشر فيها الحزب والمناطق المحيطة بها، لضمان خلوها من أي بقايا لشبكات المراقبة أو أجهزة التجسس التي قد تُستخدم لاحقاً ضد الدولة أو المجتمع.

الحسين الشيشكلي - زمان الوصل
(11)    هل أعجبتك المقالة (8)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي