أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إلى شيوخ الطوائف: دعوا الوطن لأبنائه

يبدو أن الأيام القادمة حبلى بكشف الكثير من الأقنعة - الأناضول

هناك من يظن أن رفع علم سوريا منّة يُسدى إلينا!

ويبدو أن الأيام القادمة حبلى بكشف الكثير من الأقنعة.

هذا العلم الذي ارتفع بدماء ملايين الشهداء، كنتَ حينها تهتف لأسدك وتنتظر لحظة الانعطاف المناسبة. أما اليوم، وبعد هذا المسار البياني المتعرج، فلم نعد نثق بأي حديث أو موقف يصدر عنك، لأنك تتحرك وفق مصالحك فقط. ويا لبساطتنا يوم صدحنا بأن "الشيخ الفلاني يمثلنا"... كم كنا سُذجًا!
الثقة دائمًا مرهونة بالتيار الوطني الذي قدّم الكثير، بينما كنتَ أنت ومن على شاكلتك تركبون موجته.

وبالمناسبة، حين انتشر مقطعك الشهير الذي تنادي فيه بسيدك الهارب، كان والد أحد الشرفاء قد استُشهد على يد المخابرات ، الذين تهاجمهم اليوم!

وتُحمّل بعض الشباب مسؤولية سلوكهم لأنهم اتجهوا نحو أبناء بلدهم وسعوا لتفعيل دور الدولة التي يبدو أنك لا تؤمن بها أصلًا.

وبالمناسبة أيضًا، فإن السقوط الشاقولي لا يحتاج إلى تفسير دائمًا، فهو ببساطة تطبيق لقانون الجاذبية الأرضية على جسد هذا الوطن الممزق.
أتساءل: كم من الوقت نحتاج بعدُ لتجاوز هذا الشرخ المجتمعي الذي، كلما حاول الوطنيون رأبه، جاء شيوخ الطوائف من كل الاتجاهات ليغرسوا فيه إسافين جديدة؟

هل المشوار طويل لدرجة أن ننتظر إذنك أنت وأمثالك كي تسمحوا لأصحاب المشاريع الوطنية بقيادتنا إلى بر الأمان؟ وإلى متى سنُفرض علينا كأنكم منزّهون وما دونكم مجرّد هوامش؟

في النهاية، كان خطأ القيادة السورية الجديدة جسيمًا حين أوهمتها بأنك تمثّل مشروعًا وطنيًا جامعًا، بل تمثّل الجميع – حتى نحن الذين لا يجمعنا بك مذهب – بينما تعاملوا مع زيارة وليد بك جنبلاط وكأنه مجرد ضيف لا يمثل إلا نفسه، رغم أنه ابن المناضل كمال جنبلاط. أما أنت، فكنتَ تحضّر لنا خازوقًا ثلاثي الأبعاد باسم الشراكة الوطنية!

لا أنكر أن لي، كما لكل إنسان منطقي، عشرات المآخذ على تصرفات الحكومة، لكن ضمن حدود الوطن وبمنظور واقعي لحكومة ناشئة تحيط بها الشباك والفخاخ، التي أثبتت الظروف أنك أحدها. نعم، ربما تفتقر لبعض الخبرة السياسية، لكنها تميزت بانفتاحها على الجميع وتوازن خطابها، رغم الأجواء المشحونة، وهذا يُحسب لها. كما يُحسب لها دفعها باتجاه محاسبة الانتهاكات – كما حدث مؤخرًا.

رغم خلفيتك التي تتجاوزها الأحداث، لا تزال مصرًّا على الاصطياد في الماء العكر وممارسة الابتزاز السياسي المكشوف.

وأطالبك بدورك ألا تنسى خلفيتك المؤيدة للمجرم الأسد، التي تجاوزناها، لكن مقاطع الفيديو لا تكذب يا غطاس. فقط شاهد نفسك وأنت تمدح من ارتكب مجزرة التضامن، وأنت ترتدي عباءة سلطان باشا الأطرش، الذي صان الهوية الوطنية وورثنا عباءته نظيفة، لا تُلوث بالمصالح.
انظر إلى نفسك في تلك المقاطع، واحكم على نفسك بنفسك. أعد مشهد مدحك للأسد مرارًا، وفكّر بحالنا نحن أبناء الضحايا ونحن نسمعك حينها، أيها الشيخ المبجّل!

كيف تطلب مني أن أؤمن بأي مشروع وطني وأنت تقول في ختام حديثك إن هدفك هو مصلحة طائفتك؟

هذا ليس وطنيّة، بل هراء مغلّف بشعارات فارغة.

فإن تعاملتُ بالمثل، فمصلحتي الطائفية ستكون فوق كل اعتبار، لكنني أرفض ذلك، ومُحال أن أفعل.

كيف تريدني أن أنتقد حكومة من طائفتي، ثم تطلب مني الوطنية، وأنت تُصرّح أن أولويتك هي مصلحة طائفتك؟

ولو كانت مصلحة طائفة واحدة تتوافق مع مصلحة الوطن، لكان بشار الأسد خير ممثل لها، حين جعل من سوريا بؤرة للطائفية البغيضة!

آن الأوان لنتوقف عن المجاملات فوق جسد هذا الوطن المُلقى في غرفة الإنعاش.

كنا نحاول تكذيب أنفسنا بعد كل خطاب مسموم نسمعه منك، لكن اليوم سمعناك بوضوح.

ولأكون صادقًا، لم أتفاجأ... فقد اعتدنا الخيبات.

ويبقى الأمل معقودًا على أحرار سوريا وساحة الوطن، الذين نرجو ألّا يسمحوا لمن يحدثنا ليلًا ونهارًا عن الوطنية أن يكون عرّاب الانقسام.

فلنتجاوز طوائفنا، فبناء الوطن أسمى وأسبق من كل ما دونه.

أُناشدك، أيها الشيخ الجليل، أنت وكل شيوخ الطوائف، باسم آهات الوطن، أن تعتكفوا على مناسك دينكم، وتتركوا قارب الوطن يمضي بقيادة المخلصين، الذين تعجّ بهم سوريا عامة، والسويداء خاصة.

فرُبّان بمقاسات خطابك، هو من يدفعنا جميعًا إلى حافة اللاعودة.

المهندس محمد رافع أبو حوى - زمان الوصل
(16)    هل أعجبتك المقالة (12)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي