أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تعليق قانوني على قرار تشكيل لجنة صياغة مسودة الإعلان الدستوري في سوريا

أرشيف

يمثل إعداد مسودة الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية محطة مفصلية في مستقبل سوريا القانوني والسياسي، باعتباره الوثيقة التي ستنظم شكل الدولة خلال هذه المرحلة الحساسة وتؤسس لمرحلة جديدة قائمة على سيادة القانون واحترام الحقوق والحريات.

إن تشكيل لجنة الخبراء المكلفة بصياغة مسودة الإعلان الدستوري، رغم كونه خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أن معايير اختيار أعضائها تثير العديد من التساؤلات القانونية التي لا يمكن تجاهلها. 

الإعلان الدستوري هو نص تأسيسي يرسم ملامح الدولة في مرحلة انتقالية استثنائية، وبالتالي لا بد أن يتم وضعه على أيدي خبراء متخصصين في القانون الدستوري حصراً، ممن لديهم خبرة عملية وميدانية في التشريعات الدستورية، وليس فقط أصحاب الكفاءة الأكاديمية العامة.

من المؤسف أن التشكيلة المعلنة لا تضم سوى اسم واحد فقط من ذوي التخصص والخبرة في القانون الدستوري، الدكتور عبد الحميد العواك، بينما تضم شخصيات أخرى لا تنتمي لهذا التخصص الدقيق، على الرغم من حملهم شهادات دكتوراة في القانون، ومن بينهم من لا يحمل شهادة في القانون أساساً، بل في مجالات أخرى مثل الصحافة والعلاقات الدولية.

مع الاحترام الكامل لأشخاصهم وخبراتهم في مجالاتهم، إلا أن هذه اللجنة ليست لجنة حوار سياسي أو لجنة فكرية، بل لجنة صياغة دستورية يجب أن تُبنى على أسس مهنية صارمة تراعي حساسية هذه المرحلة.

الدساتير، خاصة في المراحل الانتقالية، ليست مجرد نصوص قانونية، بل أدوات لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وحماية الحقوق والحريات في ظل سياق هش ومعقد. لذلك، فإن إسناد هذه المهمة التاريخية إلى لجنة يجب أن تتكون حصراً من خبراء دستوريين ممارسين وذوي خبرة أكاديمية وعملية، هو شرط لا يمكن التفريط به.

الشفافية في معايير الاختيار، والاستناد إلى الكفاءة التخصصية بدلاً من التوازنات والمحاصصات، هو المدخل الوحيد لوضع إعلان دستوري يحظى بالشرعية والمصداقية، ويؤسس لدولة القانون التي يطمح إليها الشعب السوري.

المجاملة في مثل هذه اللحظات المفصلية هي تواطؤ صامت ضد مستقبل سوريا.

المستشار القانوني فراس حاج يحيى - زمان الوصل
(11)    هل أعجبتك المقالة (11)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي