في أوائل عام 2012، ومع بدايات الثورة السورية، كان القاضي طارق برنجكجي رئيساً لمحكمة البداية المدنية التاسعة في دمشق. في ذلك الوقت، أصدر قراراً جريئاً ضد عنصر من الأمن الجنائي قام بانتهاك حقوق إنسان معتقل وتعذيبه أثناء التحقيق.
لم يتردد القاضي برنجكجي في إصدار حكم قضائي يقضي بتعويض الضحية تعويضاً كبيراً، رغم الظروف الأمنية والسياسية الصعبة التي كانت تحيط بالبلاد.
لم يكن هذا القرار مجرد حكم قضائي عادي، بل كان رسالة قوية مفادها أن العدالة يجب أن تسود، وأن انتهاك حقوق الإنسان لن يمر دون عقاب، حتى في أصعب الظروف.
موقف إنساني
استنكر القاضي بشدة قيام العنصر الأمني بوضع المعتقل في الصندوق الخلفي للسيارة، واصفاً هذا الفعل بأنه "انحدار بإنسانية الإنسان وجرح لكرامته". وأكد أن الصندوق الخلفي مخصص للأمتعة وليس لنقل البشر، وأن مساواة الإنسان بالأشياء الجامدة هو امتهان لكرامته وإذلال لإنسانيته، وهو أمر لا يقبله أي مجتمع مدني متحضر.
الثمن الذي دفعه
لكن الشجاعة لها ثمن، والثمن الذي دفعه القاضي برنجكجي كان باهظاً. فبعد مواقفه المشرفة، تم نقله من محاكم القضاء المدني إلى المحكمة الجمركية كعقاب له على رفضه تمرير توصية غير قانونية من وزير العدل السابق.
القضاء.. أساس نهضة الأمم
في ختام حديثي، لا يسعني إلا أن أتذكر مقولة الزعيم البريطاني ونستون تشرشل الذي لم يسأل عن الدمار الذي أصاب مدن بلاده خلال الحرب العالمية الثانية، بل سأل: "هل القضاء بخير؟". وعندما تأكد أن القضاء يعمل بكفاءة، قال: "إذاً بريطانيا بخير".
هذا الكلام ينطبق على سوريا أيضاً. فمتى استقام القضاء، عادت سوريا إلى ألقها.

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية