صدفة البارحة قرأت مقال في صدى البلد بعنوان طردوا العقول والآن يطردون الشباب...... للكاتب والصحافي المشهور الدكتور فيصل قاسم الذي أحترم وكان نقلاً عن صحيفة الشروق القطرية من الشهر السابع لهذا العام وقد لامس الجرح ما كتبه القاسم ولكن لفت انتباهي أمر غريب أنه يوجد تعليق واحد يتيم على هكذا موضوع كبير ومهم وبحاجة إلى معالجة من قبل الحكومة (إذا لم تكن مشاركة وعلى ما يبدو أنها شريك أساسي في تهجير العقول) لهذا لم يتبقى إلا السلطة الرابعة الصحافة لتسليط الضوء على هكذا موضوع بينما نجد في بعض المواقع الأخرى جبل من التعليقات على مواضيع لا تحتاج هذا الكم وتكون ليست تافهة ولكن لنقل بسيطة أما موضوع بهذا الحجم إذا ما دل يدل على خطورة كبيرة على البلد وأقصد هنا سوريا وغيرها من البلدان العربية, وكان أسوء شيء قرأته في مقال القاسم وفي نهاية مقاله قال أنه في أحد الأيام سأل مسؤولاً عربياً لم يحدد إلى أي دولة عربية ينتمي عن هجرة العقول العربية فقال له ذاك المسؤول العربي (الله يسعدهم ويبعدهم) فتخيلوا هذا المسؤول الذي يريد أن يبعد العقول العربية طبعاً كثر الله خيره لأنه تمنى لهم السعادة, أنا شخصياً لا أتوقع من أي شخص مغترب عن بلده ممكن أن يكون سعيد مهما كان دخله ومهما كان مركزه في بلد الاغتراب وكل واحد منهم يفضل بلده طبعاً بشرط أن تؤمن له بلده الحياة الكريمة وهذا أقل الإيمان, فيجب علينا أن نتيح لهم الفرصة فعلاً ليكونوا سعداء في وطنهم وليس كما قال ذاك المسؤول (يبعدهم ويسعدهم) لأنهم هم ممكن أن ينتشلونا من شيء أسمه العالم المتخلف أو الثالث كما تحبون تسميته, يتباكى بعض الوزراء لدينا وبعض الاقتصاديون الفطاحل بأن البترول لدينا خف وشحيح والويل ثم الويل من المستقبل بأن ثروتنا الطبيعية بدأت تنضب لا يا سادة ليس هذا هي الثروة وإنما الثروة هي العقول التي تعملون على تهجيرها قسراً هذه هي الثروة الحقيقية الثروة الحقيقية لا تكمن ببناء الجسور والأنفاق والطرق وتأمين الماء والكهرباء لكل مواطن في سوريا وإنما هي بناء الإنسان بمدارس وجامعات ومعلمين حقيقيين, الإنسان ومقدار علمه الحقيقي وغير المزيف هو الثروة الحقيقية وأعطي مثال صغير للسادة المتباكين على شح بترولنا, اليابان هل يسمحوا ويقولوا لنا كم برميل نفط تصدر اليابان أو ما هي الثروات الطبيعية التي تملك حتى أضحت من أفضل دول العالم معيشة ودخل وتقنية ورقي وتطور وكل ما تشتهي أن يكون في بلدك, أنا أخذت مثال اليابان ولم أأخذ ألمانيا مكان معيشتي الحالي وعملي لأن اليابان لم تكن تمتلك شيء عند بداية نهوضها لا تمتلك شيء من الثروات الطبيعية وحتى مساحة جغرافية لا تملكها وقد قامت من الحرب العالمية الثانية من تحت الصفر وكلنا يعرف قصة اليابان, ماذا فعلت اليابان لقد بنت الإنسان علمياً وأعطت العقول لديها ما يستحقونه بل وأكثر لهذا بدأ العامل والمهندس الياباني يعمل بشكل أصبح قدوة لكل العالم لأنه يقدم لبلده أكثر من الواجب وبلده يعطيه على مقدار تقديمه وانظروا الآن أين وصلوا فقط من بناء الإنسان لديهم وليس من البترول الذي جاء نقمة على بلادنا وليس نعمة, وها نحن نبكي على البترول ولا نبكي على الإنسان الذي هو القادر على تصنيع مائة بديل عن البترول, أنا في بداية المشوار الإصلاحي في سوريا الأسد أشد ما أسعدني جداً كمغترب هو استحداث وزارة تسمى وزارة المغتربين وكنت أأمل خير في هذه الوزارة وبأنها سوف تقوم على جلب العقول المهجرة قسراً وليس المهاجرة وذلك بتقديم إغراءات لهم وأنصافهم ليعودوا إلى بلدهم الأم ولشاركوا في مسيرة الإصلاح والتحديث بحق والذي أطلقها سيادة رئيس الجمهورية آنذاك ولكن هذه الوزارة انتقلت من دورها هذا إلى الرحلات السياحية فقط إلى جميع بلدان العالم ليقولوا لنا أنقلوا حضارة بلادكم إلى هنا وكأن المغترب في أي مكان كان ينتظر استحداث وزارة مغتربين ليأتي إليه الوزير ليقول له عليك بنشر حضارتك ولم أسمع منهم ولا مرة عليكم بالعودة إلى الوطن للمشاركة ببناء الوطن بل يتعاملون مع المغتربين بأنهم من المفروض أن يبقوا حيث هم في غربتهم ولكن يجب نقل حضارتنا وعن أي حضارة يتكلمون والله أخجل من التكلم عن حضارتنا الحالية لأن فقط فاقد الشيء لا يعطيه لدينا الآن المحسوبية والفساد وتهجير العقول والشباب كما يقول الأخ الدكتور فيصل القاسم هل يريدوني أن أتكلم عن هذه الحضارة, والله عيب ويجب إزالة هذه الوزارة في الدورة القادمة والتي لا ندري متى ستكون دورة قادمة لأن هذه الوزارة ليس لها أي هدف غير تأمين السياحة للعاملين فيها مجاناً على حساب الشعب السوري الذي يبحث أغلبه عن لقمة العيش, أنا أحمل شهادة عالية واعمل هنا في ألمانيا وأكسب الكثير والحمد الله ولكن السؤال المهم هل أنا سعيد, لا لست سعيد لأن حنين الوطن قاسي جداً علي ممكن من يقرأ هذا يسخر من مقولة حنين الوطن لأن هذا لا يعرفه إلا المغتربين ولو قامت وزارة المغتربين بدورها الحقيقي كنت أول شخص سوف يعود إلى بلده ويخدم بلده ولكن هذا لن يحصل في هكذا ظروف وكان أمامي خياران أفضلهما مر أنا أختر الأقل مروره وغصباً عن أنفي كنت أتمنى أن أفيد بلدي في شيء ما من علمي ولكن كما تشاهدون لا نستطيع إلى ذلك سبيلا, عندما أشاهد وأسمع وأقرأ ماذا تفعل وزارة المغتربين بالمغتربين الذين حزموا قرارهم بالعودة إلى الوطن لا لسبب غير أنهم لم يتحملوا مرض حنين الوطن وماذا يفعل السادة الوزراء الذين حولوا العقول والشهادات إلى شحا دين وظيفة على أبوابهم ليس إلا, وأية وظيفة براتب لا يصلح أن يكون تعويض بطالة عمل وفعلاً المثل ينطبق هنا أنه ارتضينا الذل ولكن الذل لم يرضى بنا, لهذا أنا باقي في ألمانيا رغم عن أنفي لأن العيش بكرامتي يهمني كثيراً حتى ولو كان نار الغربة تكويني لأن فاقد الكرامة عيشته أصعب من عيشة المغترب وحنين الوطن, وأخيراً أطالب موقعكم الكريم بحلته الجديدة تسليط الضوء على هذا الموضوع ( بناء الإنسان الصحيح من خلال المدارس الحقيقية والجامعات الحقيقية والكادر التعليمي الحقيقي وليس المزيف كما يحصل الآن وكلنا يعلم ذلك وقد قرأت عنه الكثير بدأً من تبيض الشهادات للطلاب وصولاً إلى تبيض شهادات الكادر التعليمي وهذا موجود وكفاية اختباء وراء الأصبع, كما أن تهجير العقول والشباب الذين ينتظرون على أبواب السفارات في دمشق كما يقول الدكتور فيصل القاسم يجب أن ينال حيز كبير من اهتمام الصحافة لأن الحكومة مشغولة بأمور أخرى), أتساءل هنا أهذه الحضارة المكلفين نحن المغتربين بإيصالها إلى مكان غربتنا أنا صدقاً أخجل من إيصال هكذا حضارة لأنني لا أستطيع الكذب وأقول في غربتي هذه للأجنبي أن حضارتي رائعة وأجمل وأحسن ماذا يحصل في بلدي عن طريق الكذب لأننا قد كذبنا على أنفسنا بما فيه الكفاية أصنعوا الإنسان الحقيقي وكفى بكاء على البترول أو غيره لأن الثروة هي الإنسان وعندها نستطيع أن نتكلم عن حضارتنا, وفي النهاية لا بد لي من توجيه معايدة إلى سيادة الرئيس الدكتور بشار . سيدي الرئيس كل عام وأنتم وسوريا الغالية بألف خير يوفقكم الله ويعنكم على الذين ينفذون مسيرتكم الإصلاحية لأنها تسير في الاتجاه المعاكس والسلام.
14/تشرين الأول /2007
كفى بكاء على شح بترولنا ...هكذا تبنى الأوطان ... غيث خرما
المانيا [email protected]
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية