أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ندوة باريس.. غياب للعدالة وتركيز على سيناريو "الأصفري رئيسًا للوزراء"

عُقدت في باريس بتاريخ 12 شباط 2025 ندوة حول العدالة والمساءلة في الانتقال السياسي السوري، بتنظيم إحدى المنظمات المدنية، بهدف التمهيد للاجتماع الوزاري الذي نظمته وزارة الخارجية الفرنسية في 13 شباط الجاري. سعت الندوة إلى تسليط الضوء على الأولويات الرئيسية في العدالة والمساءلة، مستندةً إلى مخرجات مؤتمر العدالة الذي انعقد في دمشق أواخر كانون الثاني 2025، وذلك لضمان إيصال أصوات الضحايا السوريين إلى الخطاب الدولي وعمليات صنع القرار بشأن سوريا. 


 أهداف الندوة والمشاركون 
شارك في الندوة شخصيات بارزة من المجتمع المدني السوري، منهم آلاء المرعي من مجموعة السلم الأهلي في حمص، آمينة خولاني من منظمة “عدالتي”، عز الدين صالح من جمعية “تآزر”، مازن درويش من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، فاروق حبيب من منظمة “الخوذ البيضاء”، لبنى القنواتي من منظمة “النساء الآن”، التي أدارت الجلسة.

 افتتحت لبنى القنواتي حديثها بتصريح أثار الجدل، حيث قالت إن "العدالة يجب ألا تكون عائقًا أمام العملية الانتقالية في سوريا"، وهو تصريح أثار استغراب الكثيرين، خاصةً في ظل القناعة بأن العدالة والمساءلة هما حجر الأساس لأي انتقال سياسي. 

 قضايا العدالة وصوت الضحايا 
رغم أن الندوة كان من المفترض أن تكون منبرًا لصوت الضحايا، إلا أن العديد من القضايا الجوهرية تم تجاهلها أو الإشارة إليها بشكل عابر.

 من أبرز هذه القضايا قانون العزل السياسي، الذي يعد مطلبًا رئيسيًا للسوريين، ويهدف إلى عزل الصف الأول من قيادات النظام السوري من السياسيين والعسكريين والأمنيين والدبلوماسيين ورجال الأعمال الذين ساهموا في استمرار المأساة السورية لأكثر من 14 عامًا.

 في الدقيقة الأخيرة من اللقاء، تطرقت آمينة خولاني إلى موضوع تجريم تمجيد الأسد، وهو قضية حساسة بالنسبة للضحايا السوريين الذين يطالبون بسن قانون يُجرّم أي تمجيد أو إنكار للجرائم التي ارتكبها النظام السوري. مع ذلك، بدا النقاش حول هذه القضايا الأساسية غائبًا إلى حد كبير عن الندوة.

 التنسيق والدعوات الغامضة
 ما أثار الجدل أيضًا هو الطريقة التي تم بها تنسيق الاجتماعات التي أعقبت الندوة. فبينما التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في الصباح بمجموعة من الحقوقيين السوريين الذين اختارتهم إحدى المنظمات المدنية، تم في المساء توجيه دعوات عشوائية لحضور لقاء آخر مع الوزير. 

الدعوات تمت عبر اتصالات هاتفية، وأُشير إلى أن لبنى القنواتي، التي أدارت الندوة، لعبت دورًا أساسيًا في تنظيم هذه اللقاءات، إضافةً إلى السفارة السورية في باريس. 

 دور أيمن أصفري
 وسط كل هذه الأحداث، ظهر انطباع قوي لدى الحاضرين بأن أيمن أصفري، الشخصية الاقتصادية السورية البارزة، سيكون له دور خاص في المستقبل السياسي السوري القريب، إذ بدا أن العديد من الشخصيات التي التقاها وزير الخارجية السوري تم اختيارها بعناية من قبل شبكة مرتبطة بـ"مدني"، وهي المنصة التي تضم ما يقارب 200 منظمة سورية تعمل داخل وخارج سوريا ويمولها الأصفري.

 تراكمت هذه المشاهدات لتترك انطباعًا عامًا بأن أصفري قد يكون رئيس الوزراء القادم لسوريا، وحقوقي يقيم في أوروبا وزيرًا للعدل، وهو استنتاج شاركه العديد من الحاضرين في ندوة 12 شباط والاجتماعات التي تلتها.

 بل إن تأثير أصفري بدا واضحًا في اختيار الشخصيات المقربة منه أو من "مدنية" لتلعب أدوارًا حالية كمستشارين في وزارة الخارجية السورية. 

 الندوة بين العدالة والمصالح السياسية 
رغم أهمية الندوة من حيث التوقيت ومستوى الحضور، إلا أنها بدت أقرب إلى منصة سياسية منها إلى نقاش حقيقي حول العدالة والمساءلة.

 غابت القضايا الجوهرية التي تهم الضحايا السوريين، مثل قانون العزل السياسي وتجريم تمجيد النظام السابق، في حين طغت الانطباعات حول دور أيمن أصفري وتشكيل السياسة الخارجية على مجريات الأحداث. 

 مع استمرار هذه الديناميكيات، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة ترتيب للأدوار السياسية والحقوقية في سوريا، حيث تبرز مؤشرات جديدة في تحديد مستقبل البلاد. السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستخدم هذه التحركات تطلعات الضحايا السوريين، أم أنها مجرد إعادة إنتاج لنمط من التفاهمات السياسية على حساب العدالة الحقيقية؟

زمان الوصل
(44)    هل أعجبتك المقالة (50)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي