أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أغلب منازل ومباني حمص دون أدراج بسبب سرقة الحديد

الدمار في حمص - الأناضول

كان "عماد" الذي غادر مدينته حمص إلى الأردن قبل أكثر من 13 عاماً جراء الحرب والحصار والقصف يمنّي النفس بالعودة إلى منزله الصغير البسيط الذي بناه قبلها بسنوات قليلة بعرق كده في أحد أحياء المدينة المهمشة ويعيش فيه كما كان، ولكنه صُدم من صور للمبنى أرسلها إليه أحد جيرانه الذي عاد قبله للإستكشاف وهو يرى درج المبنى المكون من 5 طوابق وقد تم تهديمه بالكامل وسرقة حديده لبيعه لسماسرة الحرب مما جعله يؤجل فكرة العودة في الوقت الحالي.

"عماد" واحد من آلاف السوريين الذي فقدوا بيوتهم بالإستيلاء حيناً، وبالتهديم أحياناً أخرى، والكثير من البيوت والمباني تم تهديم أسقفها وأدراجها من أجل سرقة الحديد الموجود فيها والتربح منه على حساب تعب وآلام الآخرين.

وفي شارع القاهرة الذي كان بمثابة نقطة تماس يفصل حي الخالدية عن حي البياضة شرق حمص وشهد أعنف المعارك بين الثوار وقوات النظام البائد انتشرت مقاطع فيديو قبل سنوات وثقت مستودعات لحديد الأنقاض المدمرة قصداً بعد استيلاء قوات الأسد المخلوع على حي الخالدية وتدميرها لمنازله عن بكرة أبيها وظهر فيها عدد من المعفشين وهو يقومون بطرق الحديد وتقويمه بآلات مخصصة تمهيداً لشحنه وبيعه.

وأكد ناشطون أن أكثر من 160 منزل تم هدمها بشكل كامل في حي البياضة وحي وادي العرب الملاصق بهدف سرقة الحديد أيضاً وفق ما تظهره إحدى الصور المرفقة بالتقرير.

وأشارت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة في عام 2019، إلى أن أكثر من 3082 مبنى شهد دماراً كلياً في مدينة حمص التي شهدت أعنف هجوم من قوات النظام، بينما عدد المباني المدمرة بشكل بالغ تجاوز 5750، وتجاوز عدد المباني المدمرة بشكل جزئي 5000 مبنى.



أمراء الحرب والفرقة الرابعة
ووفق ناشطين فإن أي منطقة يستعيد النظام السيطرة عليها كانت تدخلها مجموعات السرقة والتعفيش، التي تنحصر مهمتها في الاستيلاء على الأثاث والأجهزة الكهربائية والمنزلية، وتُجبر على تسليم الخردة إلى مستودعات الفرقة مقابل مبلغ مالي مقطوع يقرّه أحد مسؤولي "الشعبة الأمنية".

وبعد الانتهاء من السرقة، تدخل عناصر الفرقة الرابعة للاستيلاء على الخردة والحديد من المنازل والأحياء المدمرة، ثم يتم تحميلها على شاحنات بعد وزنها وترحيلها من المنطقة إلى شركات يملكها "أمراء الحرب".

وتشير الكثير من المصادر الإعلامية إلى أن عمليات بيع الحديد الخردة تتم لصالح شركة "محمد حمشو الدولية" بشكل حصري، وهو الذي برز دوره خلال الحرب باحتكاره سوق الخردة والحديد الذي يسرق من بيوت المدنيين السوريين التي تصل إليها قوات النظام السوري، وصهره وإعادة إنتاجه في معمل درفلة الحديد الذي أنشأه بمدينة حسياء الصناعية.

وسبق أن حصلت الشركة المذكورة بحسب معلومات "زمان الوصل" على حق الانتفاع من أكوام الحديد على سبيل "المشايلة" أو الضمان كما هو متداول في الصيغ التي تتم في المناقصات والصفقات التجارية.

وبحسب نشطاء فقد أنشأت شركة حمشو للمعادن مكبسين لكبس أنقاض الحديد داخل مدينة حمص أحدهما في حديقة "باب الدريب" على مقربة من جامع "كعب الأحبار"، والآخر في حي "باب هود" خلف مبنى السرايا.

وبعد تجميع بالات الحديد يتم شحنها إلى معمل صهر المعادن و"درفلتها" التابع للشركة في المدينة الصناعية في حسياء (جنوب حمص على بعد 40 كم)، وهناك يتم فرم بالات الحديد ومن ثم صهرها في فرنين عاليين جرى استيرادهما مع تجهيزات المعمل حديثا من إحدى الشركات الإيطالية.



سلطة الظلّ
ووفق دراسة للباحث رشيد حوراني وعدد من الباحثين نشرها مركز جسور بعنوان "سلطة الظلّ الفرقة الرابعة في سورية" استخدم ماهر الأسد مجموعة شركات "محمد حمشو" الدولية كواجهة اقتصادية لأنشطة الفرقة الرابعة الاستثمارية، مثل تصنيع المنتجات المعدنية وتجار الخردة والغاز والنفط وغيره، وسرقة الخردة والحديد من قبل أزلام النظام وحيتانه لم يقتصر على حمص بل امتد لمدن أخرى ووفق مصادر خاصة، عملت شركات حمشو على استخراج الحديد والخردة من المناطق المدمرة في ريف دمشق، مثل الغوطة الشرقية والغربية والزبداني، وكانت آلياته تدخل إلى مناطق جنوب دمشق ومخيم اليرموك التي فيها نسبة دمار عالية، ما يعني منجماً من الخردة والمعادن.

التغيير الديموغرافي
وقال الباحث الإقتصادي "خالد التركاوي" لـ"زمان الوصل" إن سرقة الحديد وهدم الأسقف في حمص وغيرها من المدن المدمرة لم يكن هدفها الحقيقي اقتصادي وإن كانت تبدو كذلك ظاهرياً، بل الهدف الرئيسي هو منع الناس من العودة إلى مدنهم وبيوتهم وتطبيق لشعار "إحرق البلد".

وكان الشبيحة والعفيشة يعرفون-كما يقول- أن هؤلاء الناس أو أولادهم سيحاولون العودة في يوم من الأيام، لذلك حرصوا على أن تكون أحياء المدينة مدمرة بحيث لا ينفع معها إلا الإزالة، وهو نوع من التغيير الديموغرافي المتعمد.

ولفت محدثنا إلى أن الأولوية في الإعمار يجب أن تكون لصيانة المنازل، وعبر التركاوي عن اعتقاده بأن الإدارة الجديدة بشكلها المركزي أو البلديات والمحافظات لم تضع بعد خطة بهذا الخصوص، رغم أنه يقولون بأن هناك احصائيات تجرى، ولكن هذا الأمر دونه سنوات طويلة، ثم هناك ضعف في الموارد وهم سيعتمدون إما على المستثمرين داخل أو خارج البلاد أو ينتظروا الدول التي تعهدت بإعادة الأعمار، وهذه الدول لم تحرك ساكناً حتى الآن ولم تعط وعوداً حقيقية بقضايا إعادة الأعمار وهذا الأمر سيحتاج إلى سنوات، ولذلك –حسب قوله –سيكون الإعتماد على الأهالي بأنفسهم.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(13)    هل أعجبتك المقالة (10)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي