أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بازار السعن.. السلم الأهلي ترعاه التجارة

يعتبر سوق الأغنام في بلدة السعن، التابعة لمنطقة سلمية في محافظة حماة، من الأسواق الهامة في البادية السورية، لغنى التنوع في معروضاته، وزبائنه، وتجاره، الذين يقصدونه مع مطلع كل يوم خميس، مِن مختلف المدن والبلدات والقرى المجاورة، والخاضعة إدارياً لمحافظات متعددة مثل حمص وإدلب وحلب والرقة.

موقع "اقتصاد" زار السوق وتعرف على محتوياته بالإضافة إلى دوره التجاري والاجتماعي، كونه يتواجد في منطقة تضم أطيافاً متنوعة من مكونات الشعب السوري، هذا فضلاً عن دوره في تجارة الأغنام وتحديد سعرها.

أهمية السوق

يقع بازار السعن بالقرب من ناحية السعن التي تبعد عن مدينة سلمية نحو 40 كيلو متراً، وتبلغ مساحته نحو 40 دونماً، وهو مخصص فقط لتجارة الأغنام ومستلزماتها، ويرتاده تجار خضار وفواكه ومأكولات شعبية.

ويلعب السوق دوراً كبيراً في تحديد سعر الأغنام في محافظة حماة والمدن المحيطة بها، إذ تتميز هذه المنطقة على الدوام بأن أسعار اللحوم الحمراء والألبان والأجبان فيها أرخص بكثير من باقي المحافظات السورية، نظراً لأنه في كل يوم خميس يباع في السوق آلاف الأغنام التي تذهب
في أغلبها إلى محال القصابة.

دور السوق في السلم الأهلي

خلال السنوات التي أعقبت قيام الثورة السورية، تحول سوق مدينة "السعن" إلى نقطة التقاء تجارية مهمة بين أبناء محافظة حماة وريف إدلب الجنوبي بالإضافة إلى ريف حلب الجنوبي، فكما هو معروف أن النظام المخلوع قام بتقطيع أواصر جميع المدن السورية بالحواجز العسكرية والأمنية والتي استخدمها كمصيدة للمطلوبين له، بينما ظل سوق الأغنام في مدينة "السعن" بعيداً عن أعين تلك الحواجز، نظراً لوقوعه في منطقة على أطراف البادية السورية، يصعب محاصرتها.

يقول "أبو محمد" من خان شيخون، وهو صاحب بسطة خضار، إنه خلال السنوات الـ 14 الماضية لم يتوقف عن المجيء إلى السوق، وقد لاحظ أن الحركة التجارية زادت فيه خلال الفترة الماضية، حيث ظل يرتاده جميع أبناء المنطقة والذين ينتمون إلى مكونات متعددة، مشيراً إلى أن
التجارة في السوق ساهمت في ردم الفوارق التي حاول النظام السابق أن يضعها بين أبناء الشعب السوري الواحد.

كما أكد الحاج "عبد الكريم"، وهو تاجر أغنام من مدينة حماه، بأن "بازار السعن" اكتسب أهميته من كونه استطاع عبر سنوات الثورة السورية من الاستمرار دون توقف، والأهم من كل ذلك أنه لعب دوراً كبيراً في تمتين العلاقات الاجتماعية بين مرتادي السوق، بغض النظر عن تنوعهم الطائفي.

ويقول الدكتور البيطري "عبد القادر"، إنه من عائلة حموية ورثت تجارة الأغنام أباً عن جد، وخلال السنوات الـ 14 الماضية، حافظ أهالي السعن وتجارها، على استمرار السوق بالموعد المحدد، دون أن تسجل أية حادثة تخيف القادمين إليه من الحواضر الأخرى، علماً بأن رجالات النظام البائد كانت لهم الكثير من المحاولات- غير الناجحة- لزرع الفتن الطائفية والعشائرية، بين البلدة ومحيطها البدوي، إلا أن الجميع نجحوا بجدارة في تطبيق القاعدة التي تعتبر بأن العلاقات التجارية، والتبادل الاقتصادي بين الناس، هو العنوان الأهم لنشر السلم الأهلي بين مختلف المكونات البشرية مهما تعاظمت حدة اختلافاتهم الثقافية.

السوق بعد التحرير

أكد العديد من التجار الذين التقاهم موقع "اقتصاد" أن السوق تراجع أداءه بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول الماضي، بسبب ضعف القدرة الشرائية من جهة، وبسبب فتح الطرقات بين كافة المدن السورية التي سيطرت عليها الإدارة الجديدة من جهة ثانية، وهو ما جعل الخيارات أوسع

لدى تجار الأغنام للذهاب إلى مناطق أخرى.

كما اشتكى تجار السوق من انخفاض أسعار الأغنام إلى مستويات متدنية بعد التحرير، تكاد لا تغطي تكاليف التربية بحسب تأكيد بعضهم.

يقول "أبو عبدو" من حلب، وهو تاجر بسطة أدوات منزلية لأبناء البادية، أنه ثابر على الحضور إلى" بازار السعن" لأكثر من عشرين عاماً، مشيراً إلى أنه بعد التحرير تراجعت مبيعاته، حتى كادت الأرباح -في الأسابيع الأخيرة- لا تكفي لسد تكلفة المجيء إلى هنا.

ويرى "تميم"، وهو تاجر أعلاف، أن سعر كغ "الخاروف واقف" على مدار الأسبوعين الفائتين تراوح ما بين 38 إلى 42 ألف ليرة سورية، أي انخفض إلى النصف مقارنة بما كان عليه في شتاء وربيع العام الماضي، مبيناً أن تراجع السعر سببه القوة الشرائية داخل السوق التي تراجعت خلال الفترة الماضية، وهو ما تسبب بانخفاض الأسعار.

أما "أبو خالد"، تاجر أغنام من البادية، فيرى أن تراجع السعر سببه قلة الأمطار وتقلص المساحات القابلة للرعي، بسبب الخوف من اللصوص المنتشرين بكثرة في عمق البادية، كذلك الخوف من وجود ألغام في الأراضي التي كانت تشغلها الوحدات التابعة لإيران.

ويضيف بأن هذه الأسباب ساهمت في خفض أسعار الغنم من قبل التجار، وخاصة أنهم يعلمون بأننا لن نستطيع الذهاب بقطعاننا إلى الغاب أو إلى الديار الغربية، كما كنا نفعل في السنوات السابقة، بسبب قلة الأمان في تلك المناطق أيضاً، وبالتالي صرنا مجبرين على الخضوع للأسعار المتداولة لشراء العلف للأغنام.

بدوره يرى "أبو مرعي"، تاجر أغنام من بادية تدمر، أن أسعار الأعلاف لهذا الموسم تجاوزت المعتاد، فقد بلغ سعر كغ الشعير 3600 ل.س، والتبن الأبيض 1700 ل.س، والتبن الأحمر3000 ل.س، والكسبة 4000 ل.س، والخلطة 6000 ل.س، مشيراً إلى أن هذا لا يتناسب مع أسعار الأغنام المتداولة حالياً، وهو ما دفع الكثيرين لعرض أغنامهم للبيع كونهم لا يملكون تكاليف العلف، مما زاد العرض على الطلب، وبالتالي تراجعت الأسعار.



 



 



اقتصاد - أحد مشاريع "زمان الوصل"
(23)    هل أعجبتك المقالة (17)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي