أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

محمد الحبال.. حلمٌ انتهى تحت التعذيب في سجن تدمر

الحبال

في أيلول/سبتمبر 2011، كان الشاب محمد عبد القادر الحبال من مدينة حمص يعمل على سيارة "فان"، يوزع المواد الغذائية للمحال والبقاليات، ويسعى لتأمين مستقبله وبناء حياة كغيره من شباب حي الميدان الحمصي، حيث نشأ وترعرع. لكن حياته انقلبت رأسًا على عقب بسبب حدث لم يكن في الحسبان.

مع تدهور حالته الصحية، اضطر محمد إلى تأجير سيارته، إلا أن المستأجرين كانوا ملاحقين من قبل أجهزة النظام الأمنية، مما أدى إلى اعتقاله بعد إلقاء القبض عليهم. تم اقتياده إلى سجن تدمر العسكري سيئ السمعة، حيث عاش عامين من المعاناة والتعذيب الوحشي قبل أن تتلقى عائلته خبر وفاته في آب/أغسطس 2013.

رحلة تسلم الجثمان
وروى "ابراهيم دندل" مدير الهلال الأحمر السوري السابق في تدمر لـ "زمان الوصل" أنه تلقى حينها اتصالاً من السيد "توفيق الحبال" من مدينة حمص في آب من عام 2013 يخبره فيه بأن له ابن يدعى "محمد " كان معتقلاً لدى الأمن العسكري في تدمر توفي ورجاه أن يستلم جثته بدلاً عنه، فأعتذر منه بداية بسبب الذهاب إلى فرع الأمن العسكري ومزاجية تعاملهم فهي عقوبة، بالإضافة إلى مشهد الجثث المرمية على الأرض في براد مشفى تدمر - حيث تحول هذا المشفى آنذاك إلى قطعة عسكرية في ظل الأمن العسكري المجرم سنوات الثورة-.

وبحسب محدثنا فإنه سبق له أن شاهد منظر الجثث في 27 تموز 2013 أي قبل شهر من مكالمة الحبال.

ويسرد دندل تفاصيل ما حدث بعد ذلك قائلاً أن أحد أعضاء مجلس إدارة فرع حمص لمنظمة الهلال الأحمر العربي السوري اتصل به بعد ذلك وطلب منه استلام الجثة، فوعده خيراً .

ويتابع المصدر أنه تواصل مع قسم المعلومات في فرع الأمن العسكري 221 في تدمر اليوم التالي وأخبرهم بأنه مكلف باستلام جثة الشاب "محمد الحبال" نيابة عن والده الذي يعاني من ظروف صحية صعبة.

أغلق التابوت
ويردف دندل المقيم حالياً في سويسرا: "في اليوم التالي ذهبت إلى مشفى تدمر وقمت بإجراء الأوراق المطلوبة لاستلام الجثة ومتعلقات الضحية وهي ساعة يد ومفاتيح ومبلغ مالي يقارب الثلاث آلاف ليرة سورية إلى جانب بطاقته الشخصية.

ويكمل محدثنا بنبرة مؤثرة أنه ذهب إلى المشفى لاستلام الجثة وأثناء الكشف عليها هاله منظر وجه الضحية ورأسه المتورمان بشكل مخيف، فأغلق التابوت ووضع في سيارة فان مع السائق برهان المحمد- الملقب برهان الميس - من أهالي وسكان مدينة تدمر، واستدرك محدثنا أنه اعتذر عن الذهاب مع الجثة إلى حمص عندها كي لا يرى مشهد والده ووالدته اللذان ينتظرانه.

ولفت دندل إلى أنه قدم شهادته بخصوص الضحية "محمد توفيق الحبال" في عام 2020 أمام مركز الدراسات والأبحاث القانونية في برلين الذي يترأسه المحامي السوري أنور البني.

سجن تدمر.. تاريخ من الرعب
يقع سجن تدمر العسكري قرب المدينة الصحراوية التي تحمل اسمه، وقد شُيّد في الأصل على يد الفرنسيين، لكنه أصبح رمزًا للرعب طوال حكم حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد. 

وأُغلق السجن في 2001، لكنه أعيد فتحه في يونيو/حزيران 2011، ليصبح مجددًا مركزًا للاعتقال والتعذيب، حيث احتُجز فيه أكثر من 2500 شخص بحلول ديسمبر/كانون الأول 2011، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.

قصة محمد الحبال ليست سوى واحدة من آلاف القصص لمعتقلين دفعوا حياتهم ثمنًا في زنازين الموت، تاركين وراءهم أحلامًا لم تكتمل، وعائلات تنتظر العدالة.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(10)    هل أعجبتك المقالة (11)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي