تمثل أسماء الشوارع والنصب التذكارية لنظام الأسد المخلوع في لبنان إرثاً ثقيلاً يعكس حقبة من الهيمنة السياسية، وخلدت بعض الشوارع والساحات والنصب التذكارية أسماء شخصيات كحافظ الأسد وابنيه باسل وبشار الأسد.
وبعد سقوط النظام المخلوع بدأت بعض البلديات اللبنانية بإزالة وتغيير الأسماء والرموز التي تذكّر برموز الوصاية السورية بعد الإطاحة بنظام الأسد، والتخلص من رواسبه خصوصاً بعد الكشف عن الجرائم التي طالت الشعب السوري وانسحبت على اللبنانيين إبان وصايته.
ووفق وسائل إعلام لبنانية تمثّلت هذه المتغيّرات في تبديل أسماء طرق رئيسية وشوارع وساحات كانت تحمل اسم رموز النظام السوري السابق، خصوصاً اسم الرئيس الراحل حافظ الأسد.
وجاءت هذه الخطوة بالتوازي مع دعوات لإزالة أي بقايا ترمز للهيمنة السورية على لبنان بما في ذلك المعالم، وفروع الأحزاب السياسية السورية، والمعاهدات والآليات التي رسخت هذه الرعاية، رافقها دعوات لمحاكمة مسؤولين سابقين في نظام الأسد بتهمة اغتيال مسؤولين لبنانيين ومنهم "رفيق الحريري" و"جورج حاوي" و"بشير الجميل".
واستهلت هذه الحملة الشهر الماضي بتغيير اسم الطريق التي تربط بلدة المديرج – حمّانا ببلدة بزبدين في المتن الأعلى (جبل لبنان)، وهذا ينسحب على كلّ معلم يرمز إلى الحقبة السورية.
وفي هذا السياق دعت "نوال برو"، كاتبة العمود في صحيفة "نداء الوطن" اللبنانية المعروفة بمعارضتها لنظام الأسد، الحكومة اللبنانية إلى "إزالة جميع فروع النظام السوري التي لا تزال باقية" في البلاد، بما في ذلك فروع حزب البعث السوري، "حتى نتمكن من القول إن عصر الاحتلال السوري، بكل أشكاله، قد انتهى".
وفي حين أن هناك زخماً متزايداً لإزالة الأسماء والرموز المرتبطة بالنظام السوري، فإنه لا بد من اتباع الإجراءات القانونية حتى تدخل هذه التغييرات حيز التنفيذ، كما اشار محافظ جبل لبنان، القاضي محمد مكاوي في تصريحات صحفية مضيفاً أن «أي تغيير لأسماء الشوارع والطرق يجب أن يأتي بمبادرة من البلديات التي تقع هذه الطرق ضمن نطاقها الجغرافي، وبعد الموافقة يوقّع عليه ويحيله إلى وزارة الداخلية التي تصادق على هذا القرار حتى يصبح نافذاً».
ويُنتظر أن ينسحب تغيير الأسماء على كلّ المواقع والشوارع التي تحمل أسماء شخصيات مرتبطة بالنظام السوري؛ في مبادرة لقطع الصلة مع إرث الوصاية السورية، غير أن نزع اسم «جادة حافظ الأسد» عن الطريق السريعة التي تربط مطار بيروت الدولي بوسط العاصمة واستبدال اسم آخر به، يلقى رفضاً من بلديات الضاحية الجنوبية، لا سيما بلدتي الغبيري وبرج البراجنة؛ لأن هذه البلديات تخضع لنفوذ «حزب الله»، وهي تراعي التحالف الوثيق بين «الحزب» والنظام السوري البائد.
و لعل الإعتراض على الوصاية السورية والدعوات لمحو كل إرث لها ليس وليد اللحظة بل بدأ بالتزامن مع انسحاب الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005، وفي أعقاب اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير/شباط 2005، ألقى العديد من اللبنانيين باللوم على سوريا في مقتله. ورداً على ذلك، قام المتظاهرون بإسقاط وتخريب تمثال لحافظ الأسد في بلدة قانا الجنوبية.
كما جرى تحطيم تمثال نصفي لباسل الأسد شقيق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، في بلدة المرج بالبقاع الأوسط، وتحطيم تمثال آخر له في ساحة مدينة حلبا في عكار شمال لبنان، ثم عمد الجيش اللبناني إلى تفكيك تمثالين من البرونز لبشار الأسد ووالده الراحل حافظ الأسد في مدينة حلبا أيضاً قبل أن يطالهما التحطيم .
إسقاط الماضي
وكانت وُجهت دعوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي باسم الشعب اللبناني في كانون الأول الماضي عقب سقوط النظام المخلوع دعت إلى إزالة نصب حافظ الأسد بالقرب من السفارة الكويتية في بيروت وتمثال بشار الأسد في شتورا.
وجاء في الدعوة:" احتراماً لإرادة الشعب السوري ولجميع المفقودين في أقبية سجون النظام المخلوع ولذكرى الشهداء اللبنانيين الذين سقطوا ضحايا ضحايا لظلم عائلة الأسد الطغاة، وترسيخاً لسيادة لبنان، نطالب السلطة اللبنانية بإزالة النصب التذكاري لحافظ الأسد بالقرب من السفارة الكويتية في بيروت وتمثال بشار الأسد في شتورا".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية