في ظل الفوضى العارمة التي تطول سوق الصرف "العائمة"، وتمددُ ظاهرة صرافة البسطات والبقاليات، والتفاوت الكبير بين التسعيرة الرسمية للمركزي وأسعار السوق السوداء، يبدو السؤال التالي ملحاً للغاية: من المسؤول عن تسعير النشرات في السوق "العائمة" في كل من دمشق وإدلب اللتين تحتضنان سوقَي صرف عائمتين هما الأضخم حالياً؟
من يحدد تسعيرة إدلب؟
وفي معرض الإجابة، علم "اقتصاد" من مصادر مطلعة أن "المؤسسة العامة لإدارة النقد" التي كانت المخولة بترخيص شركات الصرافة والحوالات وإصدار التسعيرة الرسمية التي كان معمولاً بها في سوق الصرافة بإدلب لا تزال قائمة، لكن شكلياً.
ويبدو أن هذه المؤسسة ستواجه الحل قريباً، حيث تفيد المصادر بوجود ترتيبات جديدة للسوق لن تكون المؤسسة جزءاً منها. ويدلل على صحة هذه المعلومة ما أفاد به صرافون لـ "اقتصاد" من أن التسعيرة التي يعتمدونها حالياً تصدر عن "بنك شام" العامل أيضاً في إدلب، وهو جهة مصرفية باتت مرتبطة بالبنك المركزي، كما أنها قابلة للتوسع في المستقبل القريب.
وفي السياق، أفادت المصادر أن معظم شركات الصرافة لا تلتزم بالتسعيرة الصادرة عن "بنك شام"، بل يتأرجح سعر الصرف تبعاً للعرض والطلب، في ظل طلب حالي على الليرة السورية في إدلب بالرغم من عدم تداولها بشكل اعتيادي نظراً لأن التداول الرئيسي يتم بالليرة التركية، ما يعني على الأرجح أنها تستخدم للإدخار بعد التحسن الذي طاولها مؤخراً.
ماذا عن سوق العاصمة؟
إذا كان سوق الصرف في إدلب يخضع ولو شكلياً لتسعيرة "بنك شام"، فهذا يفسر لماذا لا يزال السوق مضبوطاً –نسبياً- في ظل الفوضى التي تعيشها السوق "العائمة"، بينما يمكن ملاحظة العكس في السوق "العائمة" بدمشق والتي تعيش ظاهرة غريبة في عمليات الاتجار بالعملات وصولاً إلى تفشيها حتى بين أصحاب البسطات وتجار التجزئة.
وبينما يغيب العمل بالتسعيرة الرسمية الصادرة عن المصرف المركزي والتسعيرة الرسمية لإدلب، يعتمد السوق في العاصمة على العرض والطلب لا على منصات محددة. ويتحكم بحجم العرض والطلب وعقد الصفقات الكبرى حيتان السوق القدامى الموجودون في العاصمة إضافة لحيتان السوق الشمالية الغربية والشرقية.
وبالفعل، أفادت الجهات المضاربة من أزمة السيولة التي أصابت الليرة السورية منذ الساعات الأولى لسقوط النظام، حيث شرعت في عملية موسعة تستهدف لملمة القطع الأجنبي من السوق، مستغلة زيادة الطلب على الليرة لأسباب عديدة منها عدم توفرها والحاجة اليومية إليها، ولأن تحسن سعر الصرف فتح شهية المدخرين على استبدال الدولار بالعملة الوطنية طمعاً في جني الأرباح.
مصادر "اقتصاد" في دمشق أكدت أن العملة الوطنية من فئة الـ 5 آلاف غير متوفرة في السوق إلا بصعوبة بالغة، كما أشارت إلى محدودية فئة الـ 2000 ليرة، وإلى أن الفئات الرئيسية المتداولة هي فئة الـ 1000 ليرة والـ 500 ليرة فقط، ما يؤكد أزمة السيولة التي تعيشها الليرة السورية والتي قد تتسبب قريباً بأزمات وهزات كبيرة تطاول سوق الصرف بأكمله.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية