أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الموظفون الأشباح.. عمالة زائدة فاسدة أم ضحية؟

لا تزال المقابلة التي أجرتها وكالة "رويترز" مع خمسة وزراء من الحكومة السورية المؤقتة، تثير الكثير من الاستغراب عن وضع الفساد الذي كان سائداً في عهد النظام البائد، وخصوصاً لناحية المعلومات التي كشف عنها وزير المالية محمد أبازيد، من أن 900 ألف فقط من أصل 1.3 مليون موظف يتقاضون رواتب من الحكومة، يأتون إلى العمل بالفعل، موضحاً أن هذا يعني أن هناك 400 ألف من "الموظفين الأشباح".

وأعلنت الحكومة أنها تنوي التخلص من هؤلاء الـ 400 ألف موظف، ضمن خطتها لإجراء إصلاحات جذرية لاقتصاد البلاد المنهك، والتي تتضمن أيضاً خصخصة شركات القطاع العام، غير أن الكثير من المراقبين، يرى أن البدء بالإصلاح الاقتصادي انطلاقاً من العامل البشري، سوف يترك مردوداً سلبياً على المجتمع والذي يعاني بالأساس من حالة فقر شديد، ويعتاش أغلبه على راتب الدولة البالغ نحو 20 دولاراً فقط.

وتواصل عدد من الموظفين التي تنوي الحكومة التخلص منهم، مع موقع "اقتصاد"، مشيرين أن البعض يعمل بعقد مؤقت منذ نحو 20 عاماً، وأن ظروف البلد خلال السنوات الأربع الماضية على وجه الخصوص، والتي تميزت بارتفاع أسعار المحروقات ومعها أجور النقل، بالتزامن مع تراجع مستوى الدخل، دفع المدراء الحكوميين للطلب من بعض الموظفين بعدم الدوام، كنوع من التعاطف مع أوضاعهم، لأن الراتب كله لا يكفي لتغطية تكاليف النقل، بحسب قول أحدهم الذي طلب عدم التصريح عن اسمه.

وكشف موظف آخر عرّف عن نفسه باسم "عبد الكريم"، وهو يعمل في دائرة الخدمات الفنية، لكن رفض أن يحدد المحافظة، أنه تم إبلاغه بالتخلي عن خدماته، معترفاً بأنه كان يأتي للدوام لمدة ساعتين بالأسبوع، ولكن كان ذلك بالتفاهم مع مديره في العمل، والسبب حسب ما أخبرنا، هو توقف الجهة التي كان يعمل بها عن القيام بأعمال تتطلب الكادر الموجود فيها، ولا سيما خلال العامين الماضيين.

وأضاف أنه موظف بعقد سنوي منذ سبع سنوات، ويتقاضى راتباً يعيل أسرته المكونة من أربعة أفراد، ولا يوجد عنده أي دخل آخر.

وفي السياق ذاته، أفاد المحلل والصحفي المختص بالشأن الاقتصادي، قاسم الشريف، أنه على الحكومة قبل أن تبدأ بإصلاح الفساد من خلال التخلي عن العمالة الزائدة في المؤسسات الحكومية، أن تهيئ بيئة عمل أخرى لهم، ويكون ذلك بعد أن تستقر البلاد وتبدأ عجلة الاقتصاد بالدوران.

وأشار الشريف لـ"اقتصاد"، أنه يجب أن يكون هناك معايير أكثر دقة في قضية التخلي عن العمالة الزائدة، فلا يمكن التعامل مع موظف بعقد سنوي، يعمل في الدولة منذ أكثر من عشرين عاماً، بنفس المقياس الذي يتم التعامل به مع موظف آخر بعقد مؤقت منذ ثلاث أو أربع سنوات، لافتاً إلى أن هناك موظفين مؤقتين تجاوزوا السن الصالحة لكي ينخرطوا في سوق عمل آخر، وبالتالي لا بد من التعامل معهم برؤية مختلفة على حد قوله.

من جهته، كشف المحلل الاقتصادي، مروان قويدر، أن العمالة الزائدة، هي عمالة فاسدة، وخصوصاً ممن تم توظيفهم في السنوات العشر الأخيرة.

ولفت قويدر لـ"اقتصاد"، أن الفساد في هذا الموضوع اتخذ أشكالاً مختلفة، فعلى سبيل المثال، مع فرار عدد كبير من السوريين خارج البلاد، كان بينهم عشرات آلاف الموظفين الحكوميين، وبالتالي فإن النظام قام بتعيين أشخاص مكانهم من مناطق أخرى، ونظراً لصعوبة أن يلتحق هؤلاء بأماكنهم الجديدة، فإنهم ظلوا يتقاضون رواتب دون أن يقوموا بأية أعمال، لافتاً إلى أن هؤلاء يجب تخييرهم بين أن يلتحقوا بالأعمال في مكان تعيينهم أو أن يقدموا استقالاتهم.

وأضاف قويدر، أنه هناك فساد آخر معروف للجميع، حيث كان النظام يعيّن أفراد ميلشيا الدفاع الوطني وعائلاتهم في الدوائر الحكومية، كنوع من المكافأة لهم، ولا يداومون في أماكن عملهم، وهؤلاء حسب رأيه، يجب أن يتم التخلي عنهم وبسرعة.



اقتصاد - أحد مشاريع "زمان الوصل"
(9)    هل أعجبتك المقالة (5)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي