لم تمنع مشاهد الموت والدمار في أنحاء مختلفة من مدينة دمشق شبابها الأحرار من غناء وتسجيل الأغاني التي تنشد للحرية وتتحدى الطغيان والإستبداد، وبثها على الملأ ومنها قصيدة "دوما في القلب" التي كتبها الشاعر الحمصي الدكتور حسان أحمد قمحية وأرسلها لمجموعة من أحرار مدينة دوما بريف دمشق قبل تهجيرهم منها وكان قد نظمها خلال الهجوم الكيميائي على المدينة عام 2018 كما يروي لـ"زمان الوصل" مضيفاً أن أحد الإخوة المنشدين وهو الفنان "عبد العزيز سريول" اطلع عليها فأعجبته وتواصل معه وقرر مع فريقه إنشادها خلال آخر جولة من قصف الـمدينة الذي تخلّله استعمال السِّلاح الكيماوي، وكان ذلك مع الأشهر الأولى من سنة 2018 م، وأضاف محدثنا أن هذه القصيدة هي آخر ما أنشده الفريق قبلَ مغادرة الـمدينة.
*تدمير الاستديو
وروى الشاعر قمحية أن المنشدين سجّلوا الصوت تحت القصف في استوديو كانوا قد جهّزوه تحت إحدى الأبنية الـمدمّرة في دوما كما قيل له ، ولم يستطيعوا أن يضعوا مونتاجا للصوت. وبعدَ مغادرتهم المدينة وانتقالهم إلى الشمال السوري، قام إبراهيم الشيخ إبراهيم، أحدُ أقرباء المنشد عبد العزيز، بالـمونتاج وإضافة بعض الفيديوهات للمدينة أثناء الحملة الأخيرة عليها، وخرجت الأنشودة بالشكل الذي بُثّت به.
وكشف المصدر أن البناء الذي سجلت فيه الإنشودة تعرض للقصف خلال التسجيل وسلم الله من كان داخله وروى قمحية أنه لم يكن في حينها على تواصل مع الفريق وإنما حدثه الفنان "عبد العزيز سريول"عن ذلك عند زيارته له في اسطنبول سنة 2018 وبحسب ما قال فإن أحد صواريخ النظام سقط على البناء وانهدم سقف الاستوديو وجدرانه، وكان سريول في الغرفة المحاذية (غرفة المراقبة أو الكنترول)، وأصيب عدد من الأشخاص بعد قصف المبنى، وتم إخراج أحدهم من تحت الردم وهو على قيد الحياة.
*صيحة حرية
وبدوره قال الفنان السوري "عبد العزيز سريول" في حديث مع زمان الوصل أن فرقة "صيحة حرية" كانت جزءاً من شركة بذات الاسم مهتمة بالإنتاج الفني، وكانت تنطوي تحتها الفرقة الإنشادية التي كانت تحيي المناسبات الاجتماعية والمهرجانات الثورية وحفلات دعم نفسي للأطفال.
وبعد قيام الثورة أوقف عمل الفرقة وبدأ فريقها يعمل بشكل سري كما تم تأسيس استديو بإمكانيات بسيطة في أحد الأقبية عام 2014 ولكنه كان مميزاً من حيث العزل والكواليتي والإنتاج، وتم قصف مقره في العام 2018 بعد أن سقط صاروخ في قلب الاستوديو فتم تدميره بشكل كامل وفي تلك اللحظات كانت الفرقة –كما يقول- تسجل أنشودة "دوما في القلب".
وروى محدثنا أنهم في فرقة "صيحة حرية" كانوا على تواصل مع الدكتور والشاعر "حسان قمحية " منذ العام 2015 وحينها في حملة النظام الأخيرة على المدينة تم تلحين أنشودة "دوما في القلب" والمباشرة بتسجيلها، ولكن لم تتوفر ظروف إجراء عمليات المونتاج بسبب اشتداد الحملة ضد المدينة، وأدّى الأنشودة بأسماء مستعارة كل من "عبد العزيز سريول (شادي الحسن) محمد الترك (محمد مصطفى) -زكي الترك (أحمد مصطفى) حمزة أبو راتب (حمزة عيون).
أُنْشودة دُوما في القَلْب للشاعر د. حسان احمد قمحية:
يا حُزْنًا في القلبِ مَداهُ ... يَتَردَّدُ في النَّفْسِ صَداهُ
أَبْكاني جُرْحُكِ يا دُومَا ... والدَّمْعُ بعَيْنَيْكِ أراهُ
كَمْ أُمٍّ قدْ صارَتْ ثَكْلَى ... والطِّفْلُ يُنادي أُمّاهُ
والحُرَّةُ تَدْعُو خالِقَها ... مَنْ يَسْمَعُ شَكْواكِ سِواهُ؟
قدْ ماتَتْ نَخْوَةُ مُعْتَصَمٍ ... واجْتَرأَ الباغِي أُخْتَاهُ
وصلاحٌ ما عادَ يُنادِي ... والجَمْعُ الرَّاشِدُ لبّاهُ
يا بِنْتَ الغوطةِ شامِخَةً ... حَيّاكِ رَسولٌ نَهْواهُ
في الشَّامِ رِجالٌ قدْ صَدَقُوا ... وبِدُوما .. الـمَجْدَ قَطَفْناهُ
سَيَؤُوبُ الظّالـمُ مُنْدَحِرًا ... وسَيَرْجِعُ للحَقِّ سَناهُ
فالمؤمنُ لَنْ يَيْأَسَ أبدًا ... مِنْ وَعْدِ اللهِ جَناحاهُ
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية