أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

العزل السياسي في سوريا: خطوة ضرورية لتحقيق العدالة ومنع عودة الاستبداد

من دمشق - جيتي

يشكل العزل السياسي جزءًا من عملية شاملة لتحقيق العدالة الانتقالية وبناء دولة ديمقراطية مستدامة. ومع ذلك، يجب أن يُنفذ بعناية لتجنب إثارة انقسامات مجتمعية إضافية أو تغذية النزاعات. 

وفي الوضع السوري، يمكننا تقديم مقترح للعزل السياسي في سوريا لقطع الطريق على عودة النظام الأسدي البعثي البائد إلى السلطة، نتيجة القوة المستترة التي ربما ما زال يتمتع بها، ولقطع الطريق على أي قوة خارجية قد تستخدمهم لزعزعة الاستقرار في سوريا الجديدة. وصولًا لمنع تكرار ما حصل من جرائم وانتهاكات بحق السوريين في ظل حكم آل الأسد وحزب البعث، وانتهاءً بإحلال نخبة الثورة مكان نخبة السلطة بما يحمي الثورة من أي ثورة مضادة محتملة.

يشكل هذا القانون أداة رفض للسلوك الإجرامي في إدارة الدولة، ويجبرهم على احترام معايير العدالة وحقوق الإنسان. كما يوجه تحذيرًا شديدًا لمن قد يتقلد تلك المناصب في سوريا المستقبل. علاوةً على ذلك، يكفل ضمان العدالة للضحايا، ويمكنهم من استعادة كرامتهم بما يضمن استقرار السلم الأهلي وعدم عودة الاقتتال نتيجة الشعور بالظلم أو عدم إنصاف الضحايا.

ولذا، فإن أي قانون للعزل السياسي لابد أن يراعي المبادئ التالية:
1. ذا طابع مؤقت: يجب أن يكون قانون العزل السياسي إجراءً مؤقتًا ينتهي بمجرد تحقيق استقرار المؤسسات الديمقراطية. ويمكن اقتراح تحديد مدة للقانون (مثل 5 سنوات) قابلة للتمديد، مع ضرورة إنهاء العزل تدريجيًا بعد استقرار النظام الديمقراطي وعودة الثقة بين مكونات المجتمع.

2. يتسم بالمحدودية: يستهدف الأفراد المتورطين بشكل مباشر في الجرائم والانتهاكات، وقيادات الصف الأول من وزراء ومحافظين ومسؤولين كبار ومسؤولي حزب البعث وغيرهم ممن تحددهم هيئة العزل السياسي المستقلة التي سيتم إنشاؤها.

آليات التنفيذ:
1. تشكيل هيئة مستقلة: تضم قضاة مستقلين وخبراء قانونيين وممثلين عن المجتمع المدني. تُحدد معايير واضحة للأشخاص المشمولين بالعزل مثل التورط في الجرائم الكبرى، الفساد المالي، أو انتهاكات حقوق الإنسان، وكذلك حل حزب البعث البائد كحزب سياسي دمّر سوريا منذ استلامه السلطة وحتى سقوط النظام.
2. مراجعة ملفات الأفراد: تُصدر الهيئة قراراتها بناءً على أدلة قانونية واضحة مع توفير آلية للطعن لضمان العدالة والشفافية.
3. دعم المصالحة الوطنية: تشكيل لجنة عدالة وإنصاف لتوثيق الانتهاكات وتعويض الضحايا وتحقيق المصالحة بين مكونات المجتمع.

الأشخاص الذين قد يشملهم قانون العزل السياسي:
1. المسؤولون الكبار في الأجهزة الأمنية والمخابرات المتورطون في جرائم القتل والتعذيب.
2. قادة الميليشيات المرتكبة لجرائم حرب أو ضد الإنسانية.
3. قيادات حزب البعث العربي الاشتراكي السابقون والحاليون الذين كانوا شركاء لآل الأسد في حكم وتدمير سوريا.
4. المتورطون في الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال السورية وسرقتها.

تقليل الآثار السلبية للقانون:
• دمج الكفاءات الوطنية: السماح للموظفين غير المتورطين بالعودة للمساهمة في بناء الدولة.
• تعزيز العدالة بدلاً من الانتقام: التركيز على إعادة بناء المؤسسات بمعايير النزاهة والكفاءة.
• منع الإقصاء العشوائي: ضمان عدم استخدام العزل كأداة للإقصاء السياسي أو الطائفي.

ختامًا:
يهدف قانون العزل السياسي إلى تطهير مؤسسات الدولة السورية من بقايا النظام الأسدي البعثي البائد وتجريد عناصره من الشرعية واستبعادهم من العملية السياسية. كما يسهم في تعزيز ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة الجديدة وقدرتها على إنفاذ القانون، إضافةً إلى سد الطريق أمام القوى السابقة للعودة إلى السلطة٫ وانصاف للضحايا الذين سقطوا نتيجة جرائمه الواسعة.




فراس حاج يحيى - المستشار القانوني لـ"زمان الوصل"
(1)    هل أعجبتك المقالة (2)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي