وقّع مثقفون وناشطون سوريون رسالة مفتوحة إلى وزيرة الثقافة ومحافظ دمشق بعد إغلاق مكتبات الأرصفة التي كانت منتشرة تحت جسر الرئيس.
وقال موقعو الرسالة بعد أن أغلقت معظم مكتبات العاصمة أبوابها، وأمام ارتفاع أسعار الكتب في بقية المكتبات، لم يبق من فسحة للقرّاء سوى بسطات الكتب المستعملة إلا أن المذبحة التي طالت هذه البسطات المتواجدة منذ سنوات تحت جسر الرئيس بقرار من محافظة دمشق (الأربعاء 16 تشرين الأول- 2024) سدّت آخر رئة لتنفّس هواء المعرفة، الهواء الذي يميّز كل عواصم العالم من باريس إلى القاهرة وبغداد.
وأضاف الموقعون : "كأن مثل هذا القرار الجائر قدر دمشق كي تحتضر أكثر فأكثر. واستدركوا أن ذريعة تجميل المكان ينبغي أن تخصّ كل أنواع البسطات ما عدا بسطات الكتب بوصفها ملاذاً جمالياً ومعرفياً، وكان الأجدى إعادة رصيف كلية الحقوق إلى هويته القديمة، وهو الرصيف الذي يعج اليوم بكل أنواع القبح ما حجب إحدى التحف المعمارية عن نظر العابرين.
وختمت الرسالة :"أعيدوا لنا هذا المكان الأليف، فما أقلّ الزاد وما أطول وحشة الطريق".
- تأهيل الجسر ومحيطه
وبحسب الصحفي والكاتب السوري "علي سفر" فإن قصة إزالة البسطات من تحت جسر الرئيس تعود إلى خطة وضعتها، وأعلنت عنها محافظة دمشق منذ عام تقريباً، لإعادة تأهيل المنطقة بشكل كامل.
ونشرت صحيفة "الثورة" التابعة للنظام، تصريحات لمدير الدراسات الفنية في المحافظة، م.معمر الدكاك، قال فيها إن تنفيذ تأهيل جسر الرئيس ومحيطه "سيتم خلال النصف الثاني من العام المقبل (أي في الوقت الحالي)، عبر إحدى شركات القطاع العام (لم تُعرف هويتها)، تمهيداً للبدء بمشروع التأهيل في هذه المنطقة المزدحمة بالآليات، كونها مركز انطلاق تبادلياً، بالإضافة إلى وجود الإشغالات المختلفة، والتي تتطلب اتخاذ الحلول والإجراءات اللازمة لإعادة تجميل وتنظيم هذه المنطقة، نظراً لما تعانيه من تشويه بصري وفوضى في توزع الإشغالات الموجودة، وكثافة في عدد خطوط النقل وتوزعها".
- محافظة دمشق تعلق
وأصدرت محافظة دمشق بياناً قالت فيه أنها قامت بإزالة جميع الإشغالات غير النظامية بمحيط جامعة دمشق وتحت جسر الرئيس ومن بينها بسطات الكتب المتواجدة في المكان، ووفقاً للبيان الذي اطلعت "زمان الوصل" عليه فقد جاءت هذه الخطوة نظرا لما تسببه هذه الإشغالات والبسطات من ازدحام ومضايقات للمشاة وتشويه للمنظر العام.
وأكدت المحافظة أنها بالنسبة تقوم بتجهيز أماكن مناسبة لبسطات الكتب تحديداً، وهذه الأماكن وفقاً للمحافظة تليق بالكتب وتحت إشرافها للحفاظ عليها وتنظيم عملها بما يؤمن استمرارها ويلبي حاجة مرتاديها بشكل نظامي.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو صورها ونشرها ناشطون آلية تركس وهي تجرف الكتب التي بدت مبعثرة في المكان، وبحسب الناشطين تجاوزت خسارة بعض بائعي الكتب تحت جسر الرئيس نحو 60 مليون ليرة سورية.
- المكتبة المنسية
وعبر عدد من المثقفين السوريين عن استيائهم وحزنهم لإزالة سوق الكتب المستعملة الذي يعد ظاهرة مألوفة ومعروفة في كل دول العالم وقال"بسام بلان" : "لا أظن أن مهتماً بالقراءة واقتناء الكتب في دمشق، لم يزر "المكتبة المنسية" تحت جسر الرئيس ليشبع شغفه في اقتناء كتاب نادر او مفقود.. وايضا بسعر في متناوله.
وأضاف: "من ناحيتي فإن أمتع الأوقات كنت أقضيها في هذا المكان الذي ربطتني به وببائعي الكتب فيه علاقة خاصة، وأذكر أن أحد هؤلاء كان يخبئ لي كتباً يعتقد انها ستعجبني وتقع موضوعاتها في دائرة اهتمامي.
وتابع بلان "أعرف كما يعرف غيري مدى تراجع الاهتمام بالقراءة واقتناء الكتب في سوريا، المنهك ناسها اقتصاديا واجتماعيا وإنسانياً، ولكن المؤلم أكثر أن تضيق مدن الوطن بمساحة متواضعة لبيع الكتب، وتتسع جدا لمنافذ بيع الممنوعات على اختلافها تحت أعين الجميع، وختم متسائلاً: "ما الذي سيتبقى لنا في ضجيج هذه الفوضى وهذا الانفلات؟!".
وطالب "علاء أحمد طرقج " بإعادة بسطات الكتب والمكان الأليف الذي كان يغطي على قباحة ريحة النشادر تحت جسر الرئيس".
- لنتنفس هواء المعرفة
وأضاف بنبرة مؤثرة :"لماذا تغيرت بوصلة مجازركم ؟ أقتلوا الإنسان وأتركوا الكتب لنتنفس هواء المعرفة ، نحن المعارضة الوطنية لن نصمت بعد اليوم وسوف يرتفع صوتنا عالياً لندافع عن الكتب والموبايلات المستعملة".
وقال الكاتب "نجم الدين سمان ": "ما أجمل البسطات.. ما أقبح السلطات أزالوا بسطات الكتب تحت جسر الرئيس.. وبقيت صورة الرئيس الذي يكره القراءة ويتخوف من القراء".
وعقّب "عابد الريس" : "جسر الرئيس كان ملوثاً : بالضجيج، مشوها: بالاصطفاف العشوائي للسرافيس، متسخاً: ببقايا التفاح والسندويش وقناني الكولا البلاستيكية مختنقاً : بكتل الاسمنت الكالح اليوم فقد زينته".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية