فقدت الأوساط العلمية والأكاديمية في سوريا أمس "الأحد" الكاتب والمؤرخ السوري الدكتور "عبد الكريم رافق " الذي توفي في الولايات المتحدة الأمريكية عن عمر ناهز الـ 94 عاماً إثر حادث أليم، وسيوارى الثرى في ولاية بوسطن يوم الأربعاء القادم.
ولد الراحل "عبد الكريم بن سمعان رافق" في مدينة إدلب في 21-5-1931 وسط أسرة أرثوذكسية متدينة جداً تمتهن العلم واكتسبت شهرتها من العلم، وكانت والدته تدير مؤسسة انجيلية مشيخية في إدلب وتابع في خدمة الكنيسة الأرثوذكسية -ابرشية حلب والاسكندرون- وكانت ادلب تتبع لها ثم التحق بالمدرسة الثانوية البريطانية في إدلب، وكانت من أفضل المدارس الثانوية في المدينة، حيث أكمل فيها دراسته الثانوية، ثم انتقل إلى حلب وأمضى أول عامين من تدريبه الجامعي في الكلية الأمريكية في حلب، بقسم التاريخ بكلية الآداب الذي كانت الحكومة السورية قد استحدثته عام الاستقلال 1946 وحصل على إجازة الامتياز عام 1955 واستمر لمدة عام آخر في المعهد العالي للمعلمين وحصل على الدبلوم عام 1956 ثم عين مدرساً في قسم التاريخ بجامعة دمشق.
ونظراً لأدائه الأكاديمي المتميز، تم تعيينه مدرساً في قسم التاريخ في جامعته، حيث درّس لمدة عامين قبل أن يحصل على منحة للدراسات العليا في الخارج. كما حصل عدد من زملاء رفيق في القسم على منح مماثلة، أبرزهم خيرية قاسمية وأحمد بدر.
وحصل بعدها على منحة للدراسات العليا في الخارج حيث أوفد من قبل وزارة التعليم العالي إلى جامعة لندن، وتابع دراسته فيها في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية ثم حاز على درجة الدكتوراه من جامعة ساوس في لندن عام 1963 عن أطروحة بعنوان ولاية دمشق من 1723إلى 1783، نشرتها دار نشر الخياط في بيروت عام 1966 وعمل بعدها أستاذا زائراً في جامعة بنسلفانيا 1977-1979 وفي جامعة شيكاغو 1981-1983 وفي جامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس 1984.
مناصب ورتب أكاديمية
بعد عودته إلى دمشق، انضم رافق إلى هيئة التدريس في قسم التاريخ بجامعة دمشق كمحاضر في عام 1964 وترقى في الرتب الأكاديمية، وأصبح أستاذًا مشاركًا في عام 1969 وأستاذًا متفرغًا في عام 1974.
وشغل منصب رئيس القسم مرتين (1975-1975). 1977 و1988-1990)، وكان نائباً لعميد كلية الآداب للشؤون الأكاديمية (1980-1981).
وخلال فترة عمله في دمشق، شغل الباحث الراحل مناصب زائرة في الجامعة الأردنية، والجامعة اللبنانية، وجامعة بنسلفانيا، وجامعة شيكاغو ، وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس .
غادر رافق دمشق عام 1990 إلى كلية ويليام وماري في ويليامزبرغ، فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية ليقدم هناك عدة دورات في تاريخ الشرق الأوسط. وعمل عضوًا في هيئات تحرير العديد من المجلات الأمريكية والبريطانية والفرنسية واليابانية واللبنانية والسورية المتخصصة في دراسات الشرق الأوسط.
وتولى تقييم أعمال زملائه في العديد من الجامعات الأمريكية والعربية لأغراض التثبيت والترقية، وعمل أيضاً في لجان أطروحات العديد من رسائل الدكتوراه الحديثة في التاريخ السوري.
وامتازت أبحاثه ودراساته باستخدام سجلات المحكمة الإسلامية كمصادر للتاريخ الاجتماعي وخاصة التاريخ الحضري.
وبحسب الباحث "مصطفى عبد الغني" في كتابه " معجم مؤرخي التاريخ العربي الحديث والمعاصر" يلاحظ المتابع لفكره تأثيره وإسهامه في تكوين علم التاريخ على المستويين العربي والعالمي ، وكان مقدراً لهذه الجهود والخط المنهجي النهضوي الذي سار عليه رافق أن تكون حصيلته داخل المحيط الثقافي العربي أشمل وأعمق مما جرى على أرض الواقع المحلي".
حديث عن بلاد الشام
وفي أيار/مايو وحزيران/يونيو 2004، عُقد مؤتمر كامل في بيروت وسوريا لإحياء ذكرى عمله الذي حمل عنوان "تحية إلى عبد الكريم رافق -بحث حديث عن بلاد الشام في ظل الحكم العثماني (1517-1918)." وأيضًا، تقديرًا لمساهماته كباحث ومدرس وملهم للباحثين الآخرين، في عام 2002، اعترفت جمعية الدراسات السورية برفيق كأول عضو فخري لها.
وترك المؤرخ الراحل عدداً كبيراً من الكتب والدراسات من أبرزها "العرب والعثمانيون 1516-1916" و"بحوث في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لبلاد الشام"و"بلاد الشام ومصر من الفتح العثماني إلى حملة نابليون بونابرت" 1968 و"بحوث في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لبلاد الشام 1985 "و"المشرق العربي في العهد العثماني" منشورات جامعة دمشق 2003 و"جوانب من التاريخ العمراني والإجتماعي والإقتصادي في غزة 1857-1861م. "."و"تاريخ الجامعة السورية –البداية والنمو 2004 ".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية