منعت السعودية، 44 شخصا سوريا، من دخول المملكة لأداء مناسك الحج، قادمين من الشمال السوري المحرر، وأعادتهم إلى تركيا، في حادثة غير مسبوقة، ربطها البعض بعودة العلاقات مع نظام الأسد، وتقليل صلاحيات لجنة الحج العليا التابعة للمعارضة، فيما رأى البعض أنها إجراءات طبيعية مرتبطة بـ"الأمن" و"سلامة" وثائق السفر.
رغم أنه لا تعليق رسميا من الجانب السعودي، إلا أن مصدرا من الائتلاف الوطني السوري كشف لـ"زمان الوصل"، أن أصل المشكلة يعود لما أسماه "جودة" بعض جوازات السفر، حيث يحمل 31 شخصا وثائق سفر صفحتها الأولى "مشوهة"، تعذر قراءتها من قبل الأجهزة الإلكترونية في المطارات السعودية، فيما منع 13 شخصا من الدخول لأسباب "أمنية".
رحلة الحج وما تشملها من مناسك وزيارة لبيت الله الحرام ومسجد الرسول، الحلم الأكبر الذي يكبر مع كل مسلم، قد يكون تحقيقه مبنيا على صبر سنوات طوال على حساب لقمة العيش وقوت العيال، بهدف تأمين المستلزمات الباهظة، خصوصا إن كان الشخص يعيش في مجتمع هش فقير توالت عليه نوائب الدهر والكوارث منذ 14 عاما، كالشمال السوري الذي ما زال في حالة حرب مستمرة من قبل نظام الأسد والقوى الداعمة له.
*الائتلاف يُخلي المسؤولية
مصدر من الائتلاف الوطني السوري، أكد لـ"زمان الوصل" أن الأخير أوقف إصدار جوازات السفر منذ عام 2016، بعد أن تعرض كثيرون لمشاكل في المطارات آنذاك، مشددا على أنه لا يوجد حاليا "جوازات ائتلاف"، فهي أغلبها صادرة عن النظام وسماسرته.
ولم يستبعد أن يكون التلاعب من النظام نفسه، خصوصا عندما يعرف أن هذه الوثائق لأشخاص يعيشون في المناطق المحررة، مشيرا إلى أن السوريين في خارج مناطق سيطرة النظام لا يستطيعون الحصول على الوثائق من النظام مباشرة، يحصلون عليها بطرق مختلفة عبر أشخاص على ارتباط بالنظام، وقد تكون بالنهاية غير سليمة ومزورة.
وأوضح أن "مسألة التحقق من جوازات السفر في السعودية طبيعية وهي تجري مع كل الوفود على نفس السوية كل عام"، مشيرا إلى أن لجنة الحج العليا متواجدة هناك وتعود إليها السلطات السعودية عند أي مشكلة تواجه الحجاج السوريين.
الصحفي "وليد سليمان"، أبدى استغرابه من عدم صدور بيان من قبل الائتلاف الوطني حول الحادثة، معتبرا أنه عدم صدور وثائق السفر عن الائتلاف لا يبرئ مؤسساته مثل لجنة الحج العليا السورية والحكومة السورية المؤقتة التي يشغل رئيسها "عبدالرحمن مصطفى" صفة رئيس لجنة الحج العليا السورية.
"سليمان" قال إن مسؤولية التحقق من سلامة جوازات السفر، تقع على عاتق هذه المؤسسات، فهي غير عاجزة على الاستعانة بمختصين يتأكدون صحة الوثائق أثناء التسجيل، في ظل الحالة السورية التي يكثر فيه عمل السماسرة وتجار الأزمات وتلاعب النظام الذي يرعى عمليات الابتزاز والتزوير.
*دور السياسة
"في السنوات الماضية، كانت السعودية تقبل وثائق السفر الصادرة عن الائتلاف الوطني السوري دون أي مشاكل، بعد أن سحبت ملف الحج من النظام عام 2013، وتسلمه الائتلاف ولجنة الحج العليا السورية والتي تشكلت في العام ذاته، وأصبحت هي المسؤولة عن تنظيم رحلات الحج والعمرة للسوريين المقيمين في خارج مناطق سيطرة النظام واللاجئين في الأردن ولبنان وتركيا ومصر والخليج العربي، حسبما قال "أبو عبدالله تفتناز".
وأضاف: "هذا العام، سمحت السعودية لنظام الأسد تنظيم أفواج الحجيج من مناطقه، بعد عودة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات وتعيين سفراء، ربما هذا يندرج ضمن تغيير السياسة السعودية تجاه سوريا، وبالتالي شملت ملف الحج دون مراعاة للظروف القاهرة التي تحيط بهم".
وكان سفير نظام الأسد في السعودية "أيمن سوسان"، قال في وقت سابق هذا العام: "بعد غياب 12 عاما سيتمكن المواطنون السوريون من أداء فريضة الحج انطلاقا من سوريا وبإدارة وزارة الأوقاف السورية"، مضيفا: "هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز التوجه والرغبة بين البلدين بأن تعود العلاقات كما كانت عليه، وهناك رغبة مشتركة لفتح صفحة جديدة في هذه العلاقات، لأن الطرفين يعتبران بأنه لابد من تحصين الموقف العربي بأن تكون الأجواء العربية كما يجب أن تكون بين الدول العربية الشقيقة".
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية