حذرت مصادر طبية من داخل مخيمات اللاجئين السوريين في بلدة "عرسال" اللبنانية من التدهور المتسارع في شروط السلامة الصحية بين اللاجئين على خلفية تسرب المياه الآسنة (مياه الصرف الصحي والمجارير) من الحفر "الفنية" الموجودة داخل المخيمات.
وكشف المسؤول عن مؤسسة "عامل" الطبية في البلدة "مرعي الفليطي" أن عدة أمراض ناتجة عن تسرب تلك المياه الضارة تم كشفها من خلال جولاتهم اليومية كحالات "الجرب والصفيري"، مؤكدا أنّ نحو 60 لاجئا يتلقون العلاج اليومي.
وأفاد "الفليطي" لـ"زمان الوصل" بأن فريق المؤسسة سحب عدة عينات من الدم من المشتبه بإصابتهم بمرض الصفيري لإرسالها إلى مخابر وزارة الصحة للتأكد من الإصابة.
وحصلت "زمان الوصل" على الإحصائية الأولية لأعداد وأنواع الإصابات الناتجة عن تسرب المياه الآسنة داخل مخيمات البلدة. وكشفت الإحصائية الأولية عن أنواع الإصابات التي تم رصدها بين اللاجئين وشملت "الطفح الجلدي والصفيري والإسهال والشاهوق" وغيرها من الأمراض المرتبطة بالتلوّث.
وأشارت الإحصائية إلى أن نسبة الإصابات لاتزال تسجّل ارتفاعاً في البلدة، نتيجة استمرار تسرب مياه الصرف الصحي في شوارعها وأحيائها وداخل مخيمات اللاجئين السوريين.
وأوضحت الإحصائية أن عدد الإصابات بالصفيري فاق 110 إصابات وبالإسهال 170 إصابة وبالجرب والطفح الجلدي الـ 170 إصابة، كما سُجّلت 3 إصابات بالتهابات السحايا.
في سياق متصل استنكر الناشط الإنساني في مخيمات عرسال "أبوإبراهيم" حالة التراخي والإهمال واللامبالاة في أداء المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
وقال لموقع "زمان الوصل": المفوضية العليا لشؤون اللاجئين مهملة، ولا تقوم بدورها الإنساني الذي تتغنى به على مدى العصور، إذ تركت اللاجئين السوريين في لبنان يواجهون مصيرهم المجهول.
وأردف الناشط: إن مانراه في الاجتماعات الدولية مع كل أسف يدعم هذه السياسات التي تنتهجها المفوضية من تضيق وضغط على اللاجئين، مضيفا: "نحن كلاجئين نرفض التوطين في لبنان، ونطالب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين العمل على إعادة التوطين في بلاد أخرى تستطيع استقبالنا أوالدفع لإيجاد حلول سياسية في سوريا تنتهي بعودة كافة اللاجئين الى بلادهم تحت رعاية دولية.
ووصف الناشط الإنساني في مخيمات عرسال "أبو أحمد السحلي" المؤتمرات التي تعقدها الدول المانحة للبت في قضية اللجوء السوري (بالتجارة) "إنهم يتاجرون بنا كلاجئين بهدف عرقلة إيجاد حل نهائي للملف السوري".
ورفض الناشط "السحلي" النتائج التي توصلت إليها الدول المانحة في المؤتمر الثامن "لدعم مستقبل سوريا والمنطقة" والذي عقد في العاصمة البلجيكية "بروكسل" يوم الإثنين 27 أيار/مايو/2024.
وقال: "إن الإتحاد الأوربي وماينتج عن مؤتمراته ومن ضمنها مؤتمر بروكسل، من قرارات يسبب لنا الحرج مع المجتمع المضيف، إنهم يتجاهلون الأصوات الغاضبة التي تطلقها الدول المضيفة والمتأففة من وجودنا، قضيتنا بحاجة لحل نهائي وليس إلى مسكنات، على شكل مؤتمرات داعمة".
من جهته أشار اللاجئ السوري "خالد" من مخيم "المرجان" في "عرسال" إلى أن أولاده قد تعرضوا للطرد من المدرسة بسبب ظهور حبوب على الجلد.
وقال: "يواجه اطفالنا في مخيم المرجان كود 133 أمراضا كثيرة بسبب قلة المياه، وعدم شفط جور الصرف الصحي منذ قرابة الشهرين، وناشد الجهات ذات الصلة لمعالجة المشكلة لأن الوضع أصبح كارثي بحسب وصفه.
ونوه مراسلنا من مخيمات "عرسال" إلى أن هذه الجائحة البيئية والصحية قد بدأت بالظهور داخل المخيمات من بداية شهر نيسان/إبريل المنصرم على خلفية قرار أممي صادر عن "اليونسيف" يقضي بتخفيض مخصصات الماء اليومية للاجئ من 20 إلى 12 ليترا، والذي انعكس بدوره على عمليات شفط الحفر المخصصة للمياه الآسنة داخل المخيمات، حيث خفضت "اليونيسيف" نشاطها في عمليات الشفط من 70% إلى 40%، ما فرض على اللاجئ تكاليف مادية إضافية لشراء الماء، ودفع أجور الشفط، الأمر الذي رفضه مشرفو المخيمات في البلدة وأعلنوا مقاطعتهم للقرار الذي وصفوه "بالجائر" ورفضهم إستلام مخصصات الماء بالكمية الجديدة، إلا أنهم سرعان ما تراجعوا عن قرارهم بالمقاطعة بعد تلقيهم تطمينات أممية ورسمية بإعادة النظر بالقرار الذي إتخذته " اليونيسيف" متذرعة بما أسمته "نقص التمويل".
ولفت المراسل إلى أن هذه الجائحة البيئة والصحية لازالت مستمرة في تشديد الخناق على مخيمات اللاجئين السوريين في بلدة "عرسال"، دون التوصل لأي حل أممي أو رسمي لبناني ينهي أضرارها على سكان المخيمات حتى الآن.
ونقل المراسل تخوف لاجئين من إطالة عمر هذه الجائحة إذ قد يتسبب ذلك بخلق نوع من التشنج والأجواء السلبية بين اللاجئين السوريين وسكان البلد المضيف بسبب التداخل الجغرافي بين الكثير من المخيمات ومنازل السكان المحليين من أبناء البلدة.
ويعيش في بلدة "عرسال" بحسب إحصاءات رسمية قرابة 62 ألف لاجئ سوري يتوزعون على 162 مخيما (8600 خيمة) و166 تجمعا سكنيا وسط ظروف صحية واقتصادية بائسة.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية