أكدت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن "الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية"، أدوات النظام السوري في نهب المساعدات الإنسانية، مشددة على أنه يجب إيجاد طرق بديلة لإيصال المساعدات للمستحقين الفعليين في مناطق سيطرة النظام.
وقالت في تقرير لها، إن بشار الأسد تبنى منذ استلامه الحكم عام 2000 العديد من المنظمات غير الحكومية الناشئة، وعزز عمل المنظمات غير الحكومية التي تتلقى دعماً دولياً مستداماً مثل "الهلال الأحمر السوري"، لكنه بالتوازي فرض سيطرة حكومية على هذه المنظمات، من خلال التحكم بتعيين الإداريين فيها وإبقاءها تحت سيطرة الحكومة، فقد لاحظ أنها مصدر دخل مادي مهم للنظام السوري، فحاول الاستفادة منها، عوضاً عن قمعها كما فعل والده.
وأضافت أن زوجة الرئيس أسماء الأسد أسست عدة مبادرات ومشاريع مجتمعية، دمجتها لاحقاً تحت لواء منظمة "الأمانة السورية للتنمية"، مشيرة إلى أن النظام استخدم منظمتي الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية بهدف السيطرة على العمل لإغاثي، وأصبحتا بمثابة "قوة ناعمة" تساعد النظام على تحقيق أهدافه، وبوابة للاستيلاء على أموال المانحين واحتكار الدعم الدولي، فقد فرضهما النظام على وكالات الأمم المتحدة والدول المانحة ليكونا البوابة التي تتدفق من خلالها أموال المشاريع الإغاثية والتنموية.
وأوضح التقرير كيفية استحواذ النظام السوري على أموال المساعدات الإنسانية وتسخيرها لتحقيق أهدافه وتحكمه بمصائر المستفيدين منها، من خلال تحكمه بالمنظمات غير الحكومية التي تستقبل هذه الأموال وتديرها، وقدم التقرير دراسة حالة حول "الهلال الأحمر السوري" و"الأمانة السورية للتنمية" على وجه التحديد لأنهما الواجهتان الأساسيتان اللتان اعتمدهما النظام لتلقي أموال المساعدات.
وأضاف التقرير أن النظام السوري اختار منظمة الهلال الأحمر والأمانة السورية للتنمية لسببين أولهما موثوقية حركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر التي ينتمي لها الهلال الأحمر السوري، وثانيهما أن العقوبات المطبقة على النظام ورموزه لا تشمل الهلال الأحمر الذي يتلقى دعماً مباشراً ومستداماً من أطراف دولية متعددة منها وكالات الأمم المتحدة ومنظماتها، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالإضافة إلى المساعدات التي تتلقاها المنظمة من الجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، مثل الصليب الأحمر البريطاني، والصليب الأحمر الدنماركي، والصليب الأحمر الهولندي، وغيرها.
أضاف التقرير أن إحدى أبرز الاستراتيجيات التي اتبعها النظام السوري في سبيل السيطرة على الهلال الأحمر كانت ضمان ولاءات الإداريين والموظفين على حد سواء من خلال سياسات التوظيف الفاسدة القائمة على المحسوبيات.
وقد برزت المحسوبيات والممارسات التمييزية كواحدة من مظاهر الفساد الأكثر انتشاراً في الهلال الأحمر الذي بات أداة بيد النظام السوري لمكافأة الموالين له بتقديم المساعدات لهم حتى إن كانوا غير مستحقين لها، ولمعاقبة معارضيه عبر حرمانهم من المساعدات بغض النظر عن حاجتهم لها. وأكد التقرير أن كل هذه الممارسات تتعارض مع مبدأ “عدم التحيز” الذي تتبناه الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، ومن المفترض أن الهلال الأحمر السوري يتبناه كذلك.
وطبقاً للتقرير فإن أسماء الأسد حرصت منذ تولى زوجها السُّلطة عام 2000 على أن تبرز شخصيتها كفرد فاعل في النظام السوري وأسست العديد مِن المشاريع والمبادرات التي اندمجت جميعها تحت مظلة مُنظمة واحدة أطلق عليها "الأمانة السورية للتنمية" والتي حصلت في نيسان عام 2007 على الترخيص القانوني وأدرجت في قوائم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وتم الترويج لها على أنها تدعم المبادرات المحلية، وتُعزِّز المواطنة النشطة وريادة الأعمال، وتدعو إلى مشاركة المجتمع المدني في صنع القرار ومسائل التنمية.
وأثبت التقرير أن النظام السوري نجح في تحويل منظمات غير حكومية مثل الهلال الأحمر والأمانة السورية للتنمية إلى منظمات تدار من قبل الحكومة وهو نمط شائع في السياقات الاستبدادية يهدف إلى تقويض قدرات المجتمع المدني والسيطرة الحكومية على مؤسساته لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية تصب في صالح النظام. كما قام بخلق مجتمع مدني يخدم لأجل تلميع وتسويق صورته كما هو الحال مع الأمانة السورية للتنمية.
كما أثبت قيام النظام السوري بفرض الهلال والأمانة لتكونا بوابات حصرية لتلقي الدعم الدولي من وكالات الأمم المتحدة والدول المانحة، واستخدمهما لرفد البنك المركزي بالعملات الصعبة والاستحواذ على أموال طائلة من المجتمع الدولي، على الرغم من العقوبات التي يخضع لها.
وأكد التقرير أن منظمة الهلال الأحمر أصبحت تحت سيطرة الأجهزة الأمنية بشكل واضح بعد الحراك الشعبي في آذار/2011، واستخدمت تلك الأجهزة بيانات المستفيدين من الهلال لملاحقة المطلوبين أمنياً كما وثِقت حالات استخدمت فيها مقرات الهلال للاحتجاز التعسفي، ولم يعد بإمكان المنظمة العمل دون تصريحات أمنية لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ووثقت العديد من الحالات التي تمت فيها سرقة المساعدات من قبل فروع الأمن أو الحواجز.
وأضاف أن النظام السوري مكَّن أسماء الأسد مِن القضاء على منافسيها في مجال العمل الإنساني وساعدها على سحق المنظمات غير الحكومية الأخرى التي فضلت الاستقلالية، ليستطيع النظام السوري التحكم بالقطاع الإنساني عبر الأمانة السورية للتنمية.
وأوضح التقرير أنه لا يمكن اعتبار مؤسسات مثل الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية مؤسسات مجتمع مدني ومؤسسات للعمل الإنساني وفق ما تؤمن به الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، لأنه يستحيل على مثل هذه المؤسسات المسيطر عليها من قبل النظام السوري أن تلتزم الحياد، والاستقلال، وعدم التحيز.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية