فهل تنجح سياسة لى الذراع؟
بعض أنظمة الحكم – شديدة الغباء طبعا- يخافون من الردع ويترك فيهم الردع أثره النفسى فتراهم يخافون من بوادر عصيان أو تمرد أو إضراب أو حتى نقد ويرتعدون رعدة الموت من سيرة العصيان المدنى فيضربون بيد من حديد من يعلمون أن الناس تأمل فيهم قيادة العصيان المدنى أو التحرك نحو الطغاة فمن اعتقالات إلى محاكمات عسكرية غبية إلى قتل المواطنين حرقا أو غرقا أو سرطانا أو إلقاء من طوابق عليا فضلا عن التعذيب والاعتداءات البدنية بالغة السوء إلى حبس الصحافيين وغيرهم.
ولقد بلغ السيل الزبى وبلغ احتقان الناس مبلغا لن تحمد عقباه مستقبلا، ولا نقول هذا تنجيما بالغيب وإنما هى مقدمات تودى حتما إلى نتائج لا تخطئها عين بصيرة...فقد عادى نظام الحكم فى مصر قطاعات متعددة حتى صار بينهما طريق اللاعودة وسل عن القضاة ونقابة المهندسين والصحافيين وطلاب الجامعات والعمال فضلا عن العجز عن احتواء الإخوان المسلمين بما يمثلونه من تيار له شعبية لا ينكرها حتى أعداؤهم، ومعاداة الفقراء فى بلادى وممارسة حرب ضروس ضدهم باتت تهدد أركان الدولة وكيانها وليس أدل على ذلك من اعتصامات المدرسين والعمال وما اعتصام عمال المحلة عنا ببعيد.
الأستاذ/ صلاح الدين حافظ يتساءل : لماذا هذا التعمد في تصعيد حالات الاحتقان الواسع, ولماذا الصدام المدوي مع قوي اجتماعية, تبدأ من أسفل الطبقة العاملة وأصحاب الجلاليب الزرقاء, وتصل إلي أعلي صفوة المجتمع وقواه المثقفة؟ انتهى.
وهو لا شك تساؤل صار يتردد بصورة مغايرة فى أذهان الذين هم حريصون على مصلحة مصر من مستقبل غامض ويدقون ناقوس الخطر بالدعوة إلى مصالحة بين ما تبقى من نظام حالى وبين بقية المصريين مصالحة تعتمد الثقة والرغبة فى مصلحة مصر والارتقاء بها فوق مصالح التوريث ومحاباة المفسدين.
فمما لا شك فيه أن الصورة القائمة الآن تستنزف البلاد من حيث الاقتصاد ومن حيث تشويه سمعة البلاد ومن حيث حدوث حراك سياسى – عمالى فى حده الظاهر- إن تصاعدت وتيرته فلن لا تحمد عقباه مستقبلا فقد بات واضحا فى ظل هذا المشهد الكريه ألا خير فى مقاومة نظام يتبعها اعتقالات وتجنيد مؤسسات الدولة لخدمة النظام... وليس أدل على ذلك من تجميد فعالية مؤسسات الدولة لصالح تغول المؤسسة الأمنية... فلا مجالس نيابية حقيقية ولا إعلام هادف ولا أزهر فاعل ولا نقابات عاملة ولا جامعات تحسن تثقيف طلابها ...الخ.
وقد اختزل أ/ صلاح الدين حافظ مساوئ هذا الاحتقان بقوله رعاه الله: من واجبنا القول, إن تصعيد الاحتقان بهذا الشكل, إنما هو خطر داهم في ثلاثة اتجاهات, هو خطر علي السلام الاجتماعي, وهو خطر علي الأمن القومي, ثم هو خطر علي حرية الرأي والتعبير, بل علي مستقبل أو أمل الإصلاح الديمقراطي في مصر! انتهى.
والأستاذ / فهمى هويدى يبحث عن مبرر واحد مقنع، يدفع السلطة في مصر إلى تصعيد توتير المجتمع وزيادة الاحتقان فيه فلا يجد... ويستغرب أن يغيب علي أجهزة السلطة أن البلد فيه من التوتر ما يكفيه، وكتب رعاه الله: إن أي عقل متوازن و رشيد لابد له أن يدرك أن المناخ العام في مصر المسكون بالاستياء والتوتر يحتاج لمن يخفف من حدة توتره لا إلى من أن يقمعه ويزيد عليه... وفي ظروف كهذه نحن أحوج من نكون إلى التسلح بالرفق والصبر وطول النفس، وهي العدة المطلوبة لتهيئة النفوس وامتصاص الغضب وإطفاء الحرائق، لكن هذا الجهد الذي يبذل الآن لإشعال الحرائق- يقصد زيادة الاحتقان- وتوسيع نطاقها يشير إلى أن ثمة خللا ما في مركز القرار لابد من تشخيصه جيدا قبل التفكير في كيفية إصلاحه. انتهى.
سياسة لى الذراع
أرسى نظام الحكم فى مصر أن سياسة لى ذراع النظام ناجعة لمن يملكون خمس مفردات على الأقل:
* الصبر وطول النفس.
* عدم الانضغاط لتهديد أمن الدولة.
* الثبات لأطول فترة ممكنة( النظام لا يمكنه الثبات لعدة أسابيع أمام إضرابات ما ).
* عقلانية المطالب وإمكانيتها ومشروعيتها.
* جماهيرية ( زيادة أعداد المعتصمين).
ويمكن أن نستأنس ههنا بما حدث من عمال غزل المحلة فى الأيام الماضية أو اعتصام مدرسى الأزهر من قبل...فهل تنجح سياسة لى الذراع التى فرضها النظام واضطر إليها الناس فى بلادى اضطرارا؟!
آمل أن يعقل النظام ولو أن يستعين بالعقلاء إن هو عدم العقلاء فى صفوفه فمصر ينتظرها مستقبل غامض بسبب ضبابية النظام الحاكم وصبيانية مقترحاته التى تدل أنه يعوزه عقل رشيد.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية