أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بعد دور "زمان الوصل".. مذكرات توقيف 4 من كبار ضباط الأسد في فرنسا للتواطؤ بجرائم حرب

أرشيف

أمر قضاة التحقيق في وحدة جرائم الحرب الفرنسية، أمس الأربعاء في 18 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بتوقيف أربعة من كبار ضباط نظام الأسد في سوريا، على رأسهم وزيرا الدفاع السابقان العماد علي عبد الله أيوب والعماد فهد جاسم الفريج، بالإضافة لقائد القوى الجوية اللواء أحمد بلول، وقائد اللواء /64/ حوامات العميد الركن علي الصافتلي، بتهمة التواطؤ في جرائم حرب.

وأصدر قضاة التحقيق مذكرات توقيف دولية بحق الضباط الأربعة في نهاية التحقيق القضائي الذي بدأ في عام 2017 إثر شكوى قدمها عمر أبو نبوت، بعد مقتل والده في هجوم بالبراميل المتفجرة نفذته قوات الأسد في حزيران/ يونيو 2017، في إطار العملية العسكرية التي يقودها جيش النظام السوري على مدينة درعا بدعم من روسيا.

وقال عمر أبو نبوت، نجل الضحية المقيم في مدينة باريس حالياً: "بعد ست سنوات من التصميم، أفتخر اليوم لأن هذه الدعوى ضد مجرمي الحرب وقتلة والدي أصبحت حقيقة واقعة. أتذكر جيدًا عندما تقدمت بطلب إلى المدعي العام الفرنسي بفتح تحقيق في وفاة والدي، وكان هدفي هو منع مجرمي الحرب من الإفلات من العقاب".

من جانبه، قال المحامي مازن درويش، مؤسس ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير: "تم استهداف المدارس والمستشفيات والكوادر العاملين بها بشكل متعمد ومنهجي من قبل الحكومة السورية على مدار العقد الماضي. وهذه هي المرة الأولى التي ينظر فيها القضاء إلى دور سلاح الجو السوري في استهداف منشآت حيوية واستخدام البراميل المتفجرة.

وتعتبر مذكرات التوقيف هذه خطوة نحو المحاسبة على هذه الجرائم وتحقيق العدالة لضحاياها".

وزود المركز قضاة التحقيق بأسماء الشهود، ومجموعة كبيرة من الصور ومقاطع الفيديو، التي وثقت تفجير 7 حزيران/ يونيو 2017 في درعا، بالإضافة إلى معلومات أساسية حول التسلسل القيادي للقوات الجوية السورية وجيش النظام السوري، وآلية صدور وتسلسل تنفيذ الأمر القتالي في سلاح الجو السوري.

كما ساهم المركز بفعالية في التحقيق من خلال تقديمه للقضاء دراسة خاصة تمكن من خلالها تحديد المطار الذي انطلقت منه الطائرة التي نفذت الهجوم، وجرى التعرف على نوعها وهي (طائرة حوامة نوع ME روسية الصنع)، إضافة إلى تحديد نوع السلاح المستخدم وهو البراميل المتفجرة.

وكذلك حصل المركز السوري للإعلام وحرية التعبير على عينات من المبنى المستهدف.

وتقدم المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بالشكر لجريدة "زمان الوصل" التي ساهمت بدعم التحقيق القضائي ضد المتهمين الأربعة من ضباط الأسد من خلال تقديمها معلومات وصور توثق التهم الموجهة إليهم، بالإضافة إلى دور المنشقين عن الجيش وأجهزة الأمن، وموقع وجريدة جسر لمساعدتهم.

وتأتي هذه القضية لتكون الأولى من جهة التعامل مع جريمة استهداف منشآت مدنية واستخدام أسلحة عشوائية الأثر كالبراميل المتفجرة كجريمة حرب.

وكانت طائرة حوامة تابعة لقوات الأسد الجوية قد ألقت برميلاً متفجراً بتاريخ 07 حزيران/ يونيو 2017، على مبنى مؤلف من 3 طوابق في منطقة طريق السد في مدينة درعا، تعود ملكيته للمواطن السوري والذي يحمل الجنسية الفرنسية، صلاح أبو نبوت ما أدى إلى مقتله.

وضم المبنى المستهدف مدرسة للأطفال وهي مدرسة السد (أجيال) التي كانت تدار من قبل منظمة غير حكومية أردنية.

وكان صلاح أبو نبوت قد تعرض للاعتقال في نيسان/ أبريل 2013 حتى صيف عام 2015 عندما أطلق سراحه من سجن عدرا، وغادرت عائلته إلى الأردن ثم إلى فرنسا خلال فترة اعتقاله.

ولم تكن مدرسة "أجيال" المدرسة الوحيدة التي تمّ استهدافها في درعا في ذلك الوقت، حيث تعرضت 7 مدارس أخرى لقصف طيران الحكومة السورية وبدعم من روسيا، ما أدى لمقتل عدد من التلاميذ كما تظهر بالصور والفيديوهات.

وفي هذا السياق، قال المحامي "طارق حوكان"، مدير مشروع التقاضي الاستراتيجي في المركز: "إن هذه القضية هي أول قضية يعمل عليها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بشكل كامل ومستقل ودون شركاء دوليين، حيث قام فريق المركز بإعداد وبناء ملف الدعوى كاملا وتقديمه للقضاء. وهي رسالة أخرى مفادها، أن الضحايا أنفسهم والمؤسسات المحلية هي الضمانة الاساسية لتحقيق العدالة ومنع الإفلات من العقاب للوصول الى سلام مستدام في سوريا".

وسبق للقضاء الفرنسي عام 2018 أن أصدر مذكرات توقيف بحق ثلاثة من المسؤولين الأمنيين السوريين رفيعي المستوى هم اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني، واللواء جميل حسن مدير إدارة المخابرات الجوية، والعميد عبد السلام محمود رئيس فرع التحقيق في المخابرات الجوية، وذلك لتورطهم في ارتكاب جرائم تعذيب وإخفاء قسري وقتل كل من مازن وباتريك الدباغ والتي تعتبر جرائم ضد الإنسانية.

وتأتي قضية أبونبوت بوصفها الأولى من نوعها، التي ينظر فيها أمام القضاء وتركز على القتل والاستهداف المتعمد للمدنيين، ما يشكل جرائم حرب. إذ تسبب استخدام قنابل البراميل والهجمات المتعمدة ضد السكان المدنيين في مقتل الآلاف في سوريا منذ عام 2011 في جميع أنحاء البلاد.

ويظهر انتشار مثل هذه الجرائم واستمرارها مدى أهمية المساءلة لوضع حد لها.

وقالت محامية الأطراف المدنية في الدعوى كليمانس بيكتارت: "هذه القضية تظهر مدى شجاعة وتصميم الناجين السوريين، والمجتمع المدني السوري. مذكرات الاعتقال الدولية التي صدرت هي الأولى من نوعها، التي تتهم كبار مسؤولي النظام السوري بجرائم حرب. وهذا ما يدلّ، وخاصة بعد الحكم القضائي التاريخي الصادر في مدينة كوبلنز في ألمانيا العام الماضي والأمر الصادر في 29 آذار/مارس 2023 من قبل قضاة فرنسيين بإرسال مسؤولين سوريين للمحاكمة بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، أن المعركة من أجل المحاسبة والمساءلة مستمرة".

هذا، ورحب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بالقرار الصادر عن قضاة التحقيق في باريس في قضية استهداف مدرسة "أجيال" في درعا، التي أودت بحياة صلاح أبو نبوت، وأشاد بالدور الأساسي لنجل الضحية، لما يمثله من نموذج للتصميم على إنصاف الضحايا بجميع السبل القانونية المتاحة.

واعتبر المركز أن تحريك هذه الدعوى هي خطوة تضاف إلى خطوات التقاضي السابقة، دعماً لجهود الضحايا بالعمل على تحقيق العدالة، وتأتي ضمن سياق العمل على البدائل المتاحة، صوناً لحقوق الشعب السوري، وتمهيداً لمسار عدالة انتقالية وطني شامل مستقبلاً.

زمان الوصل
(59)    هل أعجبتك المقالة (60)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي