أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

محاكم الميدان العسكرية في سوريا.. 55 عاماً من الأحكام التعسفية

أرشيف

بعد 55 عاماً من إنشائها، صدر في شهر أيلول/سبتمبر الفائت المرسوم التشريعي رقم 32 منهياً العمل بالمرسوم التشريعي رقم 109 لعام 1968 وتعديلاته، والذي نصّ على إحداث "محاكم الميدان العسكرية" التي تتولى النظر في "الجرائم المرتكبة في زمن الحرب أو خلال العمليات الحربية".

وقالت منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، إنه في عام 1980 تمت إضافة عبارة "وعند حدوث اضطرابات داخلية" على القانون، الأمر الذي أدّى إلى توسيع صلاحيات المحكمة الشخصي والنوعي، وصار بإمكانها محاكمة المدنيين أيضاً وبغض النظر عن الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة، وتم استثمار هذا الأمر في ملاحقة الأشخاص المتهمين بالانتماء لجماعة "الإخوان المسلمين" في ثمانينيات القرن الماضي، وكذلك كل من تمّ اعتباره من المناوئين للسلطة الحاكمة بعد انطلاق الحراك الشعبي في سوريا عام 2011، وبين هذين التاريخين.

وأضافت المنظمة أن "مرسوم إلغاء المحاكم الميدانية صدر بالتزامن مع تفاعل الملف السوري على عدة أصعدة، حيث تتباين التفسيرات والتحليلات وراء إصداره، فهناك تخوف حقيقي من أن يكون هذا المرسوم هو مجرد إجراء شكلي لإرضاء المبادرة الأردنية لحل الأزمة السورية التي تبنتها جامعة الدول العربية خاصة فيما يتعلق بملف عودة اللاجئين، أو وسيلة للالتفاف على ملف الاختفاء القسري بعد صدور قرار إنشاء المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا".

وعبرت عن خشيتها أنّ يكون المرسوم أداة لطمس معالم الجرائم التي ارتكبتها الحكومة فيما يتعلق بالتعذيب، خاصة بعد الدعوى التي رفعتها كندا وهولندا ضد سوريا أمام محكمة العدل الدولية. كما يُخشى من أن يكون هذا المرسوم طريقة للإفلات من المحاسبة من خلال التخلص من سجل محاكم الميدان العسكرية وضياع الأدلة، خاصة أنه لم ينص إلا على إحالة الملفات المنظورة أمام المحكمة بتاريخ صدور المرسوم إلى القضاء العسكري دون أن يأتي على ذكر ملفات القضايا السابقة وأرشيفها.

وتعتبر هذه المحاكم بشكل عام أحد أساليب النظم الشمولية للتخلص من معارضيها، وهي تسلب اختصاص القضاء العادي بالنسبة لجرائم معينة أو لفئة محددة من المواطنين، وفقاً لقانون خاص وإجراءات خاصة تختلف عن تلك المتبعة في القضاء العادي، فيُحرم المتهم تبعاً لذلك من حقوقه الأساسية، وخاصة حق الدفاع، وتتشكل هذه المحاكم من ضباط جيش لا يشترط بالضرورة أن يكونوا مجازين في الحقوق وتخضع للسلطة التنفيذية مخالفة بذلك مبدأ فصل السلطات.

وأكدت المنظمة أن محاكم الميدان العسكرية الاستثنائية استخدمت منذ تشكيلها كأداة لترهيب المجتمع السوري وتطويعه وقمعه، بما يخالف مبدأ حيادية القضاء واستقلاله ونزاهته المنصوص عليه في المادة 132 من الدستور السوري لعام 2012.

ولم تحترم محاكم الميدان العسكرية مبادئ المحاكمة العادلة بما يخالف المادتين 10 و11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وما دعا له الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة. خاصة وقد نصت المادة 5 من المرسوم التشريعي رقم 109 آنف الذكر على جواز عدم التقيد بالأصول والإجراءات المنصوص عليها في التشريعات النافذة، وبهذا لم يعد للمتهم الحق بتعيين محامٍ بحجة خطورة الجرائم وضرورة البت فيها بشكل مستعجل، وذلك رغم أن الحق في الدفاع هو حق دستوري لضمان المحاكمة العادلة بحسب المادة 51 من الدستور.

وفي ذات السياق، حرمت محاكم الميدان العسكرية المتهم أمامها من حقه في علنية المحاكمة رغم نص المادة 65 من قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية رقم 61 لعام 1950 على أن علنية المحاكمة هي القاعدة.

وشددت على أن محاكم الميدان العسكرية استخدمت كوسيلة لترهيب المعارضين لنظام الحكم، فمنذ الثمانينيات نفذت عدداً كبيراً من الإعدامات صرح عنها وزير الدفاع السابق العماد مصطفى طلاس عام 2005 في مقابلة مع الصحيفة الألمانية دير شبيغل، حيث تحدث عن الهجوم العسكري الدموي على حماه عام 1982 مشيراً إلى تنفيذ150 حكماً بالإعدام أسبوعياً في دمشق وحدها في ذلك الحين.

أما منذ بدء الحراك في عام 2011، فقد أصدرت محكمة الميدان آلاف أحكام الإعدام خارج إطار القضاء حيث تقدر منظمة العفو الدولية أن ما بين 5 آلاف و 13 ألف شخص قد تم إعدامهم ما بين أيلول/سبتمبر 2011 وكانون الأول/ديسمبر 2015 . وبحسب تقرير منظمة العفو الدولية المذكور، بدأت أولى عمليات الإعدام المتعلقة بالنزاع السوري في سجن صيدنايا العسكري في شهر أيلول/سبتمبر 2011، ولا يوجد أي دليل يشير لتوقف صدور وتنفيذ أحكام الإعدام قبل تاريخ المرسوم التشريعي رقم 32 لعام 2023.

زمان الوصل
(57)    هل أعجبتك المقالة (63)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي