أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السويداء.. انضمام "مشايخ العقل" أحرج النظام والمتظاهرون واعون لمخططاته

لافتة من السويداء - أ ف ب

يعيب النظام ومن يدور بفلكه على أهالي السويداء ثورتهم، محاولا النيل منها بشتى الأساليب، وهو الذي حاصرهم وابتزهم بأبنائهم الرافضين للخدمة العسكرية، بعد أن سلط عليهم إرهابه وميليشياته فتارة تقتلهم باسم "تنظيم الدولة"، وتارة أخرى تخطفهم وتروعهم تحت رايات ومسميات واسعة، لكنها بالنهاية لا تبتعد عن كونها عصابات مرتبطة بخط ساخن مع صاحب الأمن العسكري العميد "وفيق ناصر" ومن خلفه لاحقا في التسلط على رقاب الناس.

*ورقة حماية الأقليات
كيف لا يحارب النظام أهالي السويداء، بأغلى ما يملكون (الشرف والكرامة)، متهما إياهم بـ"العمالة والارتباط بأجندات خارجية"، وهم الذين نزعوا عنه ورقة "حماية الأقليات"، يقول المتظاهرون، مؤكدين أنهم لا يكترثون لمثل هذه الأكاذيب فالقافلة سارت بدرب الحرية مهما علت أصوات أبواق السلطة التي باركت سفك دماء السوريين على مدى 13 عاما.

الناشط السياسي "مروان حمزة"، أكد أن النظام الذي ادعى أنه حامي الأقليات لم يقدم شيئا للسويداء، مشيرا إلى أن المشاركة الواسعة بالمظاهرات وانضمام مشايخ العقل أحرج النظام ووضعه في "حيرة"، ما دفعه لإطلاق ألسنة أبواقه محاولا تشويه صورة أبناء المحافظة المنتفضين.
وشدد على أن السويداء دخلت في الحراك منذ اليوم الأول للثورة، وكل عام كانت تشترك بمظاهرات قد تستمر على مدى أسبوع أو 10 أيام، ينهيها النظام في كل مرة بحملات اعتقالات تطال كل الناشطين على رأس الحراك.

وأوضح أن النظام دأب على اتباع سياسة إذلال الشعب السوري كاملا ومنهم أهالي الجبل، لم يفرق أن هذا ابن السويداء وهذا ابن درعا، عدا عن أن غلاء الأسعار لم يطل ابن السويداء وابن درعا وابن حمص" فحسب، لافتا إلى أن حجم الاحتقان عند الذين خرجوا إلى ساحات الكرامة أكبر من أن يحتمل، فانفجرت الأوضاع على الشكل الذي نراه".

*الغطاء الروحي
ما يميز مظاهرات السويداء الأخيرة مشاركة جميع أطياف الشعب فيها كبار السن والشبان، الشيوخ والنساء والأطفال، لكن الفارقة الأهم التي تركت أثرا كبيرا، هي مشاركة شيوخ العقل، الذين أعلنوا دعمهم للحراك الثوري دون تردد أو تأخر خطوة واحدة عن المحتجين في الساحات.
واعتبر "حمزة" في حديثه مع "زمان الوصل"، أن حضور مشايخ العقل إلى ساحة الكرامة بأعلامهم كان بمثابة إعلان الحماية للمتظاهرين، كما منعت مشاركتهم النظام من أي تصرف أحمق تجاه أبناء المحافظة، مشيرا إلى أن "الغطاء الروحي الذي مده الرئيس الروحي لطائفية الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري للمتظاهرين عبر العلاقة التبادلية بينه وبين الشارع دفعت الجميع للانضمام والاستمرار".

وأوضح أن "الشيخ الهجري بذلك يستند الى حراك الشباب يقول لهم نحن معكم ومن ورائكم ولن نسمح لأحد بالاقتراب منكم"، منوها إلى أن "هذا الغطاء الديني ساهم بتعزيز التكاتف المجتمعي لدى الشباب في ساحة الكرامة لأنهم تسلحوا بكلام الشيخ.. هذه التبادلية سعت باستمرار التظاهر إلى اليوم".

*سياسة الشيطنة
أرجع "حمزة" صمت النظام عن حراك السويداء الأخير إلى أنه "لم يحسم حتى الآن خياره مع المتظاهرين"، كاشفا أن "رسائل كثيرة وصلت تفيد بأنه غير قادر على التعامل مع المتظاهرين كما فعل بالكثير من المحافظات الأخرى، لأن السويداء لا يوجد فيها تنظيمات جهادية وسلفية وإخوان وعناصر تنظيم الدولة كما كان يتصرف مع المحافظات الأخرى"، مؤكدا أن "النظام كان يصنع هذه المجموعات ويمدها بالأسلحة ويوهم الناس بأنه يشتبك معها ثم ينقض عليها بالأسلحة والقنابل المتفجرة.. هذه الذريعة سقطت بالسويداء، ولن يستطيع أن يتهم المتظاهرين بتلك الصفات التي اتهم بها بقية المناطق السورية".

لذلك، رأى "حمزة" أن النظام أطلق العنان لأبواقه بعد انطلاق المظاهرات الجديدة قبل نحو 3 أسابيع، يتكلمون عن مسعى المحافظة لـ"الانفصال" عن سوريا الأم أو قيام "حكم ذاتي" أو "إدارة ذاتية"، وأن هناك "مؤامرة دولية بالتعاون مع إسرائيل لإقامة حكم ذاتي خاص بالدروز جنوب سوريا"، بهدف تقزيم حراك السويداء ومظاهرات أبنائها، معتبرا أن النظام يطلق هذه الإشاعات "ليقنع الشعب السوري بأن ما يجري هو عمالة للخارج، ليس ثورة سياسية، بل هي مطالب معيشية، متجاهلا رفع الشعارات السياسية إلى أبعد حد من خلال تمزيق الصور وتحطيم التماثيل في معظم الدوائر الحكومية وإغلاق مقرات حزب "البعث".

وشدد "حمزة" عبر "زمان الوصل" على أن أهالي الجبل يرفضون بشكل قاطع من منطلق سياسي الانفصال عن سوريا الأم، موضحا أن الإشاعات التي يصنعها النظام في غرفه السرية عندما تلوح في الأفق أي بارقة للانتفاضة الشعبية وخاصة الاخيرة أصبحت معروفة للجميع.

ومضى بالقول، إن النظام روج أن هناك أعداء محيطين بالجبل من الشرق وهم عناصر تنظيم الدولة، وهذا فعله وطبقه يوم 25 تموز من عام 2018، عندما نقلهم من مخيم اليرموك وباقي مخيمات جنوب سوريا بباصات مكيفة خضراء مع أسلحتهم إلى قرى شرقي السويداء، وبعد عام بدأ بمدهم لوجستيا، وبدأ الأمن مع بعض الأهالي المنتفعين ببيعهم أسلحة ثقيلة ومؤن وكل ما يحتاجونه إلى أن جاءت الليلة الظلماء، هجموا على قرى الريف الشرقي وقتلوا خلال ساعات قليلة أكثر من 300 شهيد".

وأردف أن النظام ادعى أنه غير مسؤول عن أسيرات قرية "شبيكي" في قبضة عناصر التنظيم الإرهابي، اللاتي كن ينتقلن من سجن أمني إلى سجن أمني أخر.. كانت لعبته واضحة فالنظام والدواعش سواء، وهذا انكشف جليا عندما زار أهالي الأسيرات المحررات بشار الأسد، وقال لهن بالحرف الواحد: "أنتم أردتم ذلك لماذا لم ترسلوا أبناءكم للخدمة الإلزامية"، وكأنه يحملهن المسؤولية.

وبيّن "حمزة" أن ما حصل من انكشاف موقع القرى الشرقية كان بتخطيط من قبل النظام حيث سحب النقاط العسكرية قبل الهجوم بأيام كما سحب الأسلحة من ميليشياته خوفا من تدخلهم، وقطع الاتصالات والكهرباء ليسمح لعناصر التنظيم الدخول لقتل المدنيين الأبرياء.

*الاستعداد لمكائد الأسد
يرى الناشط السياسي "مروان حمزة" أن أهالي الجبل أصبحوا اليوم "واعين" للمؤامرات التي يحيكها النظام، كما أنهم حذرون يملكون أفقا أوسع بأن هذا النظام لم يكف عن تأمره، ففي السنوات السابقة عمل جاهدا لإثارة الفتن إما مع مكونات الجبل بالداخل بين "البدو والحضر"، أو افتعال مشاكل مع أهالي درعا، ولأكثر من مرة حدثت اشتباكات مع مجموعة "أحمد العودة"، الذي نصبه النظام بالتعاون مع الروس ليكون الشوكة في خاصرة الجبل الغربية وكان أخرها عام 2020 غرب "القريا"، والتي أودت بحياة 20 مدنيا. 

كما أكد على أن الأهالي الآن مستعدون للمواجهة خصوصا في القرى الشرقية، رغم نزوح الكثيرين منها إلى المدن والبلدات الداخلية ومن بقي منهم يتناوبون على الحراسة ومستعدون لأي طارئ.

*الاستمرار حتى إسقاط النظام
"حمزة" رجح استمرار المظاهرات لأن "نَفَس الشارع يقول بأنها ستستمر، نحن نرى الرجال والنساء يتشابكون بالدبكة في ساحات التظاهر، في بعض الأيام المشاركة النسائية تكون نصف الحضور وهو ما يزعج النظام".

وزاد بالقول: " عندما أتكلم للإعلام والفضائيات استمد حماسي من هؤلاء كوني معهم في كل الأيام.. قدرة الاهالي على التحمل مستمرة، إضافة إلى أن مسألة المناوبات ستدرس قريبا بحيث لا يجب ذهاب الجميع إلى ساحات التظاهر كل يوم، الذي ذهب اليوم يرتاح غدا، المهم بقاء متظاهرين في ساحة الكرامة يهتفون للحرية والكرامة وتطبيق القرار 2254 والافراج عن المعتقلين السياسيين ومعرفة مصير المفقودين قسريا والمطالبات الاخرى التي سمعناها في ساحة الكرامة".

وبحسب "حمزة"، لن "نشاهد أي تسويات بين المتظاهرين والنظام مستقبلا كما جرى في درعا أو حمص أو ريف دمشق أو غيرها من المناطق السورية، من خرجوا الى ساحة الكرامة، لا يأبهون للنظام ولا لغيره، ولم يفكروا على الإطلاق بأمر التسويات، النظام سقط بكل المعايير في السويداء، من خلال تمزيق الصور والتماثيل وإغلاق مقرات حزب البعث ومكاتبه وشعبه وفرقه، هذه المسألة انتهت في السويداء ولن يسمح أي فرد من هؤلاء لنفسه بالتفكير في العودة إلى حضن النظام، ليعود إلى ممارسة موبقاته كما كان في السابق"، لافتا إلى أن "حجم الألم والقهر والحقد عند هؤلاء بلغ ذروته".

وختم "حمزة" حديثه لـ"زمان الوصل": "هذا النظام طرد من الشارع ومن أذهان أهل الجبل إلى غير رجعة، نأمل أن تعم هذه التجربة كل المحافظات السورية، ونأمل ذلك من كل أخوتنا في حلب، وحمص، وحماة، ودمشق وريفها، ودير الزور وكل المناطق السورية.. ومن أهلنا بالساحل وأشقائنا بالروح في إدلب، ومن درعا شقيقة السويداء مكون جبل حوران وسهل حوران.. إلى درعا أم الثورات لن ننسى ما قدمته، فالعلاقة التكاملية بين درعا والسويداء هي قديمة منذ الأزل".

محمد الحمادي - زمان الوصل
(69)    هل أعجبتك المقالة (77)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي