يروّج مشاهير على مواقع "تيك توك" و"يوتيوب" أردنيون وعرب على منصات التواصل الاجتماعي لما يسمّونه بـ"الأمن والأمان" في سوريا، وتحديداً بمناطق سيطرة نظام الأسد.
ويصوّر هؤلاء الحياة العامة في مناطق سيطرة نظام الأسد على أنها تسير بشكل طبيعي وهادئ بعد مضي 12 سنة من القتل والتهجير والتعذيب بحق مواطنين سوريين طالبوا بحريتهم، وعدد من المواطنين من عدة جنسيات عربية وأجنبية زاروا سوريا خلال فترة الحرب إما بقصد السياحة أو التجارة أو القرابة أو غيرها من الأغراض.
وينطلق بعض ناشطي منصات التواصل الاجتماعي في حملتهم الترويجية عن أمان سوريا الأسد من بوابة ارتياد المطاعم الشهيرة والأكل والشرب داخل حارات دمشق وتوثيق الجلسات العائلية بالصور التذكارية وإظهار سوريا كما لو أنها عادت إلى سابق عهدها على حد زعمهم.
كما أن عمليات تجميل المناطق التي تتم بكاميرات بعض الناشطين ومشاهير العرب اليوتيوبرز والتكتوكر ممن يتشدقون بالكلام المعسول، لتلميع صورة النظام السوري والمناطق التي يسيطر عليها، وإظهارها بأحسن حال.
ومهما حاول هؤلاء وأمثالهم عبر المنصات الاجتماعية لن يستطيعوا إخفاء الزوايا القاتمة التي تغطي مساحات واسعة من سوريا بعد أن دنستها أرجل الغرباء، وأمعنت في معاناتهم، وزادت من أوجاعهم التي لا تنتهي.
اليوتيوبر الأردني "مصطفى عقرباوي" والمشهور بـ"ساهر جوردون" والتكتوكر العراقي "مهيمن شاوي" جميعهم يعمل على تلميع صورة نظام الأسد أمام الرأي العام السوري والعربي لتشجيع السياحة إلى سوريا، وجذب المغتربين إليها والاستثمارات وأصحاب رؤوس الأموال لدعم خزينة النظام وبالتالي زيادة موارده، وضمان بقائه على قيد الحياة فترة أطول كما يشتهون.
تزامنت حملات الترويج تلك مع اختطاف شابين أردنيين "علي إبراهيم الفتياني وراكان رشاد محمود"، عقب ساعات على دخولهم الأراضي السورية خلال أيام عيد الأضحى المبارك الماضي.
صحيفة "أخبار الأردن"، وقبل عدة أيام، سلّطت الضوء على اختطاف الشابين الأردنيين، ناقلة عن شقيق أحدهما انقطاع الاتصال بشقيقه وصديقه بعد وصولهما إلى الأراضي السورية.
وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً مصوراً لـ"إبراهيم الفتياني" والد الأردني "علي الفتياني"، وهو يروي تفاصيل اختفاء ابنه عند أحد المطاعم في منطقة "السبع بحرات" بدمشق يوم27 حزيران يونيو الماضي، ومعاناته في البحث عنه بعد إبلاغ القنصل الأردني والسلطات التابعة لنظام الأسد ودون جدوى.
ويتحمل المؤثرون الأردنيون على مواقع السوشيال ميديا مسؤولية تعرض مواطنين أردنيين وعرب للاختطاف أو الاختفاء في مناطق سيطرة نظام الأسد بعد إيهامهم بأن الحياة طبيعية ورخيصة للعيش وآمنة على حياتهم.
ولا يكترث هؤلاء التكتوكر واليوتيوبرز الأردنيون والعرب لحياة المواطنين الذين يتشجعون لزيارة سوريا بدنانير معدودة يقضون أوقاتهم ويستمتعون بالأكل والشرب والسيارين وجمال الورود والأشجار داخل بعض حاراتها ومطاعمها التي تبطن أكثر ما تظهر لزوارها وسياحها المخدوعين، وتبقى أرواح أولئك في رقبتهم.
كما ولابد من التذكير بأن أمثال "عقرباوي وساهر جوردون وشاوي" لا يعرّجون على مظاهر الفقر والعوز التي تتسم بها حارات وأحياء السوريين التي دمرتها آلة الحرب الأسدية فوق ساكنيها، لا لشيء سوى لأنهم انتفضوا على الظلم والمحسوبيات وطالبوا بحياة عادلة وتطبيق للقانون كما لو أنهم في دولة بكل ما تعنيه الكلمة.
والزائر لمعظم المدن والمناطق في سوريا سيلحظ ما إن يوسّع نظره قليلاً حجم الدمار الكبير الذي لحق بمنازل أهل الشام وحاراتها ومدنها وريفها وباقي مدن سوريا، لخروجها عن طاعة الأسد وإعلانها رفض الظلم وطلب الحرية والعدالة والكرامة.
ولن تنفع حملات التلميع والترويج والتشجيع لسياحة ممتعة ورخيصة و"شمّة هواء" في سوريا، بالرغم من صرخات اليوتيوبرز ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين لا تعنيهم حياة الناس, ويعدّونها بالدنانير والدراهم.
الزميل الصحفي "قتيبة ياسين" سبق أن شارك مقطع فيديو على حسابه في تويتر لوالد المخطوف الأردني "علي الفتياني"، فانهالت عليه التعليقات التي تتحدث عن حالات مشابهة عديدة تعرض لها مواطنون أردنيون وعرب، وبعضهم أعاد النظر بقرار زيارته لسوريا، وبعضهم ألغى الفكرة من أساسها.
وكانت السلطات الأردنية قد استعادت مواطناً أردنياً بعد تعرضه للخطف أثناء تواجده داخل الأراضي السورية مطلع العام الحالي.
وهناك العديد من حالات الاختفاء أو الاختطاف التي جرت لمواطنين أردنيين ولبنانيين ومغاربة وعراقيين ومن جنسيات مختلفة بعضهم لا يزال قابعاً في سجون نظام الأسد لا يعرف أحد مصيرهم.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية