أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رايتس ووتش تؤكد ارتكاب انتهاكات بحق السوريين المرحلين من لبنان قسريا

من مخيمات "عرسال" - أ ف ب

أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، ي تقرير لها امس الأربعاء، أن "الجيش اللبناني" اعتقل تعسفيا ورحّل آلاف السوريين، بينهم أطفال غير مصحوبين بذويهم، إلى سوريا بين أبريل/نيسان ومايو/أيار 2023.

ونقلت عن سوريين مرحلين قولهم إن الجيش اللبناني تجاهل وضعهم كلاجئين أو مخاوفهم من تعرضهم للاضطهاد في حالة إعادتهم. قال رجل إن الجيش السوري احتجزه تعسفيا، وعذبه، وجنّده قسرا في قوات الاحتياط العسكرية السورية بعد ترحيله في أبريل/نيسان.

وفي مايو/أيار ويونيو/حزيران 2023، قابلت هيومن رايتس ووتش هاتفيا أو شخصيا 11 رجلا سوريا رحّلهم الجيش اللبناني إلى سوريا، بالإضافة إلى خمسة أقارب لأشخاص اعتُقلوا ورُحّلوا تعسفيا. كما قابلت هيومن رايتس ووتش 10 ممثلين عن منظمات المجتمع المدني الدولية والوطنية وأعضاء في منظمات إنسانية يعملون على وضع اللاجئين السوريين في لبنان.

وفي 8 يونيو/حزيران، وجّهت هيومن رايتس ووتش رسائل تحتوي نتائج بحثية إلى الجيش و"الأمن العام" اللبنانيَّين وطلبت الرد. رد الجيش اللبناني في 22 يونيو/حزيران، قائلا إن الجيش ينفذ قرار "المجلس الأعلى للدفاع" في 24 أبريل/نيسان 2019 بترحيل السوريين الذين دخلوا لبنان بشكل غير نظامي بعد أبريل/نيسان 2019. كما قال الجيش إنه يتصرف وفقا لنتائج الاجتماع الوزاري في 26 أبريل/نيسان، بـ "التأكيد على التدابير والإجراءات المتخذة تنفيذا لقرار المجلس الأعلى للدفاع من قبل الجيش والأجهزة الأمنية كافة بحق المخالفين خاصةً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية".

وقال شخص قابلته هيومن رايتس ووتش إن "المخابرات العسكرية" السورية اعتقلته مع 12 شخصا آخرين بعد ترحيلهم واحتجزتهم في "الفرع 235"، المعروف بـ "فرع فلسطين"، في دمشق. قال إنهم تعرضوا لتعذيب شديد، بما فيه بالصعق بالكهرباء، والضرب بأنبوب ماء، والتعليق بالسقف من أيديهم.

ورغم عدم وجود إحصاءات عامة رسمية عن أعداد الاعتقالات أو الترحيلات، قال مصدر إنساني إنه منذ أبريل/نيسان 2023، نُفّذت أكثر من 100 مداهمة، و2,200 اعتقال، و1,800 ترحيل للاجئين السوريين. قال عاملون في المجال الإنساني إن موجة الترحيل في 2023 هي الأشد خطورة.

وفي جميع حالات الترحيل الموثّقة، لم يمنح الجيش اللبناني المرحّلين فرصة الاعتراض على ترحيلهم. عندما قال المرحّلون للجيش إنهم مسجلون كلاجئين لدى "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، ويخشون إعادتهم إلى سوريا، تم تجاهل مناشداتهم. أفاد ستة أشخاص عن تعرضهم لانتهاكات أثناء ترحيلهم، منها الضرب، والتهديد، والتحرش الجنسي، والمعاملة المهينة، التي شملت تعصيب العيون، والصفع، والإجبار على الوقوف لساعات.

وشدد التقرير على أن ترحيل السوريين بإجراءات موجزة من قبل الجيش اللبناني ينتهك بوضوح القانون اللبناني، الذي يتطلب إجراء عمليات الترحيل من خلال سلطة قضائية أو، في حالات استثنائية، بقرار من المدير العام للأمن العام بناء على تقييم الظروف الفردية.

كما أن عمليات الترحيل هذه تنتهك التزامات لبنان بصفته طرف في "اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب" وبموجب المبدأ في القانون الدولي العرفي القاضي بعدم الإعادة القسرية – عدم إعادة الأشخاص قسرا إلى بلدان يواجهون فيها خطرا واضحا يتمثل في التعرض للتعذيب أو غيره من الاضطهاد. ينتهك احتجاز الأطفال وإساءة معاملتهم، وتشتيت العائلات، وغيرها من الانتهاكات التزامات لبنان الخاصة بحقوق الطفل.

وأكدت أن على السلطات اللبنانية إصلاح أنظمة الإقامة، واستئناف عمليات التسجيل في مفوضية اللاجئين، والإعفاء من رسوم تجديد الإقامة، وإنهاء ممارسة احتجاز اللاجئين وترحيلهم على أساس انتهاء صلاحية وثائق الإقامة. على السلطات أيضا إلغاء قرار المجلس الأعلى للدفاع الصادر في مايو/أيار 2019 بشأن ترحيل اللاجئين السوريين الذين يدخلون البلاد بشكل غير رسمي. قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه التغييرات لن تحمي حقوق اللاجئين فحسب، بل ستعزز المزيد من الاستقرار في لبنان من خلال ضمان عدم دفع اللاجئين السوريين إلى الفقر المدقع.
وأضافت أن على الحكومات المانحة التي تدعم الجيش اللبناني أن تحث السلطات اللبنانية على وقف عمليات الترحيل هذه، وضمان أن الأموال التي تقدمها لا تسهم في انتهاكات الحقوق أو تديمها.

وفي لبنان، تنوعت الضغوط على اللاجئين السوريين من حظر تجول في أوقات معينة وتوقيفات وترحيل قسري إلى مداهمات وفرض قيود على معاملات الإقامة. بينما تنظر السلطات إلى ملف اللاجئين بوصفه عبئا، وتعتبر أن وجودهم ساهم في تسريع ومفاقمة الانهيار الاقتصادي المتواصل منذ 2019، وفقا لفرانس برس.

وتؤكد مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن المسجلين لديها يحصلون على مساعدة نقدية بالليرة اللبنانية فقط، وأن التمويل المتوافر لديها يغطي 43 في المئة من اللاجئين المحتاجين.

وأشارت المفوضية مؤخرا، في تصريح لوكالة فرانس برس، إلى ارتفاع في عدد المداهمات في مناطق يقطن فيها لاجئون سوريون في منطقتي جبل لبنان والشمال، بينها 13 مداهمة على الأقل في شهر أبريل الماضي.

وأفادت المنظمة عن تقارير تفيد بأن بين الموقوفين والمرحلين لاجئين مسجلين لديها.

وأوضح المصدر المتابع للملف لوكالة فرانس برس أن في بعض الحالات فُرّق أطفال عن عائلاتهم.

وفي 19 أبريل، رحلت السلطات رجلا وزوجته وأربعة من أطفاله الخمسة، بعد مداهمة الجيش منزلهم في عاليه، مباشرة بعد أن أوصل ابنته ذات السبعة أعوام إلى المدرسة. ورغم توسلاته المتكررة لإحضار ابنته من المدرسة قبل ترحيلهم، رفض الجيش طلبه، ما أدى إلى تفريق الأسرة.

ونفى الجيش، في رده، أن تكون الأسر تتعرض للتشتيت، وقال إن في عمليات الترحيل يتم "احترام مبدأ وحدة العائلة مع مراعاة عدم فصل الأطفال عن ذويهم، وفي كثير من الأحيان تم تحقيق رغبة العائلة بالإنضمام إلى رب العائلة الذي يقتضي إبعاده أو العكس وأية طلبات أخرى ضمن الأطر القانونية والإنسانية".

ويستضيف لبنان أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري فروا منذ العام 2011، ما يجعله البلد الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان في العالم. وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة تجتاح البلاد، ويعيش 90٪ من اللاجئين السوريين في لبنان في فقر مدقع.

وحتى يناير 2015، كان السوريون الفارون من الحرب قادرين على دخول البلاد بدون تأشيرة وتجديد إقاماتهم دون مقابل تقريبا. لكن منذ ذلك الحين، منعت "المديرية العامة للأمن العام" مفوضية الأمم المتحدة للاجئين من تسجيل اللاجئين السوريين وفرضت شروطا مقيِّدة ومكلفة لتجديد الإقامة، ما منع الكثير من اللاجئين من الحفاظ على وضعهم القانوني في البلاد. ووفقا لنتائج آخر "تقييم الاحتياج" للاجئين السوريين في لبنان في 2022، فإن 17% فقط من اللاجئين السوريين يحملون إقامة قانونية.

ويعني افتقارهم إلى الوضع القانوني أنهم لا يستطيعون التنقل بحرية عبر نقاط التفتيش في جميع أنحاء البلاد، ويجدون صعوبة في الحصول على خدمات مثل الرعاية الصحية أو التعليم، وتسجيل المواليد، والوفيات، والزواج، وفقا لهيومن رايتس ووتش.

زمان الوصل - رصد
(48)    هل أعجبتك المقالة (82)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي