رفعت الحكومة الكندية السرية عن وثائق تعود لما بين عامي 1974 و1994، تؤكد أن السوري "أحمد هيثم اليافي" والمقيم حالياً في كندا أنشأ مصنعاً لإنتاج الأسلحة الكيميائية في سوريا وعمل على تطويرها.
وقال موقع "غلوبال نيوز" في تحقيق له إن "اليافي" كان يقطن بمنزل مساحته 2500 قدم مربع بإحدى ضواحي أدمونتون الكندية عندما تم الهجوم بالأسلحة الكيميائية على الغوطة الشرقية، حيث قتل نحو 1400 شخص.
ووفقاً للتصريحات التي حصل عليها الموقع وكان "اليافي" قد أرسلها إلى مسؤولي الهجرة الذين يتعاملون مع قضيته، فإنه عاد إلى سوريا عام 1977، بعد نيله الدكتوراه الهندسة الكيميائية من جامعة مانشستر في إنجلترا.
وبدأ "اليافي" العمل في مركز البحوث العلمية ولقب بالموظف رقم "162"، وعلم بأنه سيساهم بإنتاج مادة كيميائية ضارة بالبشر.
ونفى "اليافي" لمسؤولي الهجرة، حسب الموقع، أن يستخدم العامل السام على الإطلاق، مبيناً أن "إنتاج المادة الكيميائية هدفه أن تكون رادعاً ضد التهديدات النووية من الأعداء، وتزود قيادة البلاد بسلاح استراتيجي، وأملاً أن يعزز نظام الأسد موقفه التفاوضي بأي محادثات سلام مستقبلية محتملة في الشرق الأوسط".
وتثبت التقارير الحكومية الكندية أن "اليافي" تولى مهمة تطوير التكنولوجيا النووية والبيولوجية والكيميائية المتعلقة بالصواريخ في مركز البحوث العلمية الذي عمل به، وتسلم منصباً رفيعاً خلال عقدين من الزمن.
وبحسب تقارير الحكومة الكندية، فقد طوّر علماء "مركز الدراسات والبحوث العلمية" وأنتجوا أسلحة كيميائية تم استخدامها لاحقاً ضد المدنيين السوريين فغدوا أحد المكونات الرئيسية من سلسلة القيادة.
كما يثبت تقرير لدائرة الاستخبارات الأمنية الكندية تورط "اليافي" خلال مرحلة بدء تشغيل المصنع التجريبي لمركز البحوث، والذي كان الهدف منه إنتاج أسلحة كيميائية، فيما ادّعى تقرير لاحق، صادر عن قسم فحص الأمن القومي التابع لوكالة خدمات الحدود الكندية أنه أمضى بين سنتين إلى ثلاث سنوات في إجراء بحث عن المصنع التجريبي.

وحمّلت وكالة خدمات الحدود الكندية "اليافي" المسؤولية عن تطوير وإنتاج أسلحة كيميائية وبيولوجية من خلال عمله في مركز البحوث العلمية، بل وهناك تأكيدات بأنه شارك في المشروع التجريبي للمركز لإنتاج البحوث العلمية.
وشغل "اليافي" خلال الفترة التي أمضاها في مركز البحوث العلمية عدة مناصب رفيعة، أبرزها: مدير المشروع والمدير الفني، ليتم تعيينه لاحقاً بمنصب نائب وزير الصناعة في حكومة نظام الأسد التي كان يرأسها محمد ناجي عطري.
وفي عام 2019، أعلن ابن اليافي الذي يعمل بصناعة البناء في ألبرتا الكندية، استعداده لكفالة والديه للإقامة الدائمة في كندا، مضيفاً أنهما يعيشان معه بمنزله في إدمونتون منذ ربيع العام 2013.
كما حاول "اليافي" الهجرة إلى كندا، فكتب في أحد بياناته أنه "لم يبق له عائلة في سوريا، وأن حياته هي ابنه وأحفاده، فنهم بحاجة إلى جدهم لمنحهم المزيد من النمو العاطفي والعقلي".
وذكر الموقع أن جيران "اليافي" رأوه قبل عدة أشهر، لكن المنزل معروض للبيع ولا يعرف فيما إذا كان ما زال يقيم في ذات المكان، وهو منزل مؤلف من أربع غرف نوم في حي جلاستونبري في إدمونتون، مع أن رقم الهاتف الخليوي الخاص به والذي يبدأ برمز مقاطعة ألبرتا ما زال نشطاً لكنه لا يرد على الرسائل أو البريد الالكتروني.
وادّعى "اليافي" في وثائق طلب لجوئه بأنه شعر بخيبة أمل عندما اكتشف أن مركز البحوث يطور عاملاً كيميائياً، زاعماً بأنه كان ملزماً وفق القانون بالعمل بالمركز لمدة سبع سنوات ونصف مقابل تمويل نفقات دراسته ونيله درجة الدكتوراه في الخارج، فضلاً عن سنتين ونصف إضافية كخدمة عسكرية إلزامية.
كما زعم "اليافي" محاولته أكثر من مرة الاستقالة، مؤكداً انه لم يكن له أي دور في "صنع القرار الاستراتيجي"، وأن مهمته كانت "المساعدة في بدء تشغيل المصنع".
كما نفى "اليافي" تعامله مع عامل حرب كيميائية، وأنه لم يشارك في أي نقاش حول أنظمة التسليم، لأنه لا يتماشى مع دوره أو خبرته, وتم قبول استقالته بعد عدة محاولات في عام 1994، ليبدأ العمل في مصنعه الخاص، قبل أن يتولى منصب نائب وزير الصناعة بين عامي 2006 و2009.
وتناول "اليافي" موضوع سفره إلى كندا، موضحاً أن جمعية أعمال سورية - كندية دعته عام 2010 لمدة 12 يوماً، لافتاً إلى أن ضابطاً في جهاز الاستخبارات الكندي طلب مقابلته عندما كان في مدينة ريجاينا، وأن ضباط الاستخبارات زاروه مرة أخرى عام 2013 في منزل ابنه وتناقشوا عن عمله ودوره بمركز البحوث.
وأشار "اليافي" إلى تأكيد الضباط الكنديين له بعدم وجود أي مشكلة في إقامته بكندا وأنها ستكون سهلة من الآن فصاعداً، وفق زعمه، في ظل رفض جهاز الاستخبارات الكندي التعليق على زيارتهم لليافي.
كما صرّح "اليافي" بأنه ليس خطراً على كندا أبداً، ولم يشارك أبداً في تصنيع أسلحة كيميائية استراتيجياً لأي سبب من الأسباب، مدّعياً بتدمير مصنعه في دمشق خلال الحرب، لافتاً لمعرفته بعلماء آخرين كانوا يعملون بمركز الدراسات والبحوث العلمية التابع لنظام الأسد وهم يعيشون في كندا وأمريكا.
وأبدى "اليافي" رغبته بالانضمام إلى ابنه وأحفاده لكونه يعتقد بأنه قدم أعظم هدية له في الحياة إلى كندا، ابنه المواطن الكندي منذ أن كان عمره 17 عاماً.
وأعلن مكتب النائب المحافظ كيلي مكولي رفض طلب "اليافي" للحصول على الإقامة الدائمة لمساهماته في برنامج نظام الأسد للأسلحة الكيميائية، وذلك بعد أن تم فحص ملفه في أيلول 2018، وفي شباط 2019، وفي أيار 2019.
وأكدت رسالة رفض منح "اليافي" الإقامة أن الأخير قام بدور "رئيسي في إنشاء مصنع يُعرف أنه يجري بناؤه لتصنيع أسلحة كيميائية، لاستخدامها في المستقبل لأغراض سيئة".
كما اعتبرت وكالة خدمات الحدود الكندية أن "اليافي" يشكّل خطراً على أمن كندا، إذ باستطاعته نقل هذه المعرفة إلى الآخرين الذين ينتجون أسلحة كيميائية.
ولم يفلح "اليافي" بالطعن الذي قدمه ضد قرار رفض إقامته في المحكمة الاتحادية في كندا، وخسره مرة أخرى في العام 2021.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية