يبدو أن قضية استيراد سيارات الهيونداي الشاحنة المخالفة من قبل شركة صخروزينه سليم والتي تم تنظيم قضيتين فيها من قبل مديرية جمارك طرطوس وآمانة جمارك عدرا في ريف دمشق .
وهي مثارة امام القضاء في طرطوس قد اتخذت منحى مختلفاً تماماً عن بداياتها حيث هنالك روائح فضيحة جديدة كبيرة تفوح منها تتمثل في العمل على خسارة هذه القضية وضياع اكثر من مليار ليرة سورية على خزينة الدولة وقد كشف عن هذه الفضيحة محامي الجمارك في هذه القضية الاستاذ محمد عصام الحواصلي الذي اعتذر منذ أيام عن متابعة الدفاع عن الجمارك في هذه القضية وقد طلب اعتزال الوكالة الى كل من مدير عام الجمارك في دمشق ومحكمة الاستئناف الأولي في طرطوس.
وقد شرح المحامي الاستاذ الحواصلي لتشرين أسباب اعتذاره واعتزال الوكالة في هذه القضية بشيء من التفصيل فقال: تم تنظيم الوكالة بينه وبين مديرية الجمارك العامة في دمشق ليتولى الدفاع عن الجمارك امام المحاكم في هذه القضية بصفة محامي وكيل بتاريخ 27/5/2007 على أن يتم توقيع عقد أتعابه خلال مهلة عشرة أيام من تاريخ تنظيم الوكالة، لكن إدارة الجمارك العامة لم توقع عقد الاتعاب هذا حتى الآن كما أنها لم تدفع قيمة الوكالة له ولا حتى مصاريف السفر، وكان المحامي الاستاذ نفسه قد حدد مقدار أتعابه بواحد بالمئة من المبلغ المحصل في هذه القضية، لكن وبعد عقد عدة اجتماعات ومداولات من قبل المديرين في الادارة العامة للجمارك اقترحوا ان يحدد مبلغ الاتعاب بخمسة ملايين ليرة سورية مقطوعة وتم عرض الموضوع على السيد وزير المالية لكن السيد الوزير لم يوافق على هذا المبلغ حتى الآن.
ويتابع المحامي الاستاذ محمد عصام الحواصلي فيقول: سبق للسيد وزير المالية أن وافق على رفع الحجز الاحتياطي عن اموال شركة صخروزينه التون نفسها لقاء كفالة نقدية تعادل الغرامات المدعى بها وهي مليار وخمسة وعشرون مليون ليرة سورية وذلك بناء على اقتراح المديرية العامة للجمارك بكتابها رقم 462 ق.ع لعام 2007 ثم وبناء على اقتراح المدير العام للجمارك ايضاً عاد السيد الوزير الى قبول كفالة عقارية بالمبلغ المذكور بدلاً من الكفالة النقدية وقد تم ذلك رغم ان قانون الجمارك لا يتضمن اي نص قانوني يجيز استبدال الكفالة النقدية بكفالة عقارية وقد أدى استبدال الكفالة الى اطلاق يد الشركة المخالفة وحررها من القيود التي كانت تقيدها وتم اتخاذ هذا القرار دون علم ومعرفة المحامي الوكيل الذي هو الاستاذ الحواصلي نفسه ودون استشار ته، وسبب وذلك ضعف موقف الادارة العامة للجمارك في هذه القضية.
وأيضاً فإن المداولات والدراسات والاجراءات التي كانت تتم بيني وبين المسؤولين في الجمارك حول كيفية سير الدعوى والخطوات الواجب اتخاذها كانت تسرب الى الخصوم في اليوم التالي.
والكلام هنا للسيد المحامي الوكيل نفسه ـ اي ان المسؤولين في الجمارك لا يحافظون على اسرار القضية وكأنهم يسعون الى خسارة الدعوى، ويضيف السيد المحامي الوكيل فيقول:
لقد أعلمت السيدين مديري عام الجمارك السابق والحالي بوجوب نقل الدعوى من محافظة طرطوس الى محافظة دمشق حفاظاً على العدالة وقد تم عرض الموضوع على السيد وزير المالية ولم يتخذ اي اجراء بهذا الخصوص رغم ان الشركة المستوردة المخالفة تسير بخطوات سريعة للحصول على قرار قضائي مستعجل في طرطوس وقد صدر بشكل خاطئ من قبل المحكمة الجمركية في طرطوس وتم استئنافه وقد بينت الأخطاء القانونية التي توجب فسخ هذا القرار لكن محكمة الاستئناف الأولى في طرطوس أجرت الخبرة خلافاً لمنطوق المادة 234 من قانون الجمارك التي توجب اجراء التحكيم في دعوى الاساس وليس في الدعوى المستعجلة وقد أعلمت السيد مدير عام الجمارك بوجود اتخاذ اجراءات سريعة من أجل نقل القضية الى محافظة دمشق.
لكن ادارة الجمارك لم تتخذ اي اجراء في هذا الموضوع كما أعلمت السيد المدير العام للجمارك ايضاً ان الخبراء المكلفين من قبل محكمة الاستئناف الأولى في طرطوس سيتقدمون بتقرير خبرة لصالح الشركة المستوردة بهدف ضياع حقوق الجمارك وحقوق الخزينة وفعلا قدموا تقريرهم بتاريخ 29/8/2007 وهو يتضمن أحقية عمل الشركة المذكورة، وأنها عملت وفق الأنظمة السائدة وذلك في الدعوى المستعجلة علماً أن هذه الأعمال واجراء الخبرة مخالف للأصول والقانون ولامطرح له بالدعوى المستعجلة وانما محله دعوى الاساس رقم526/2007 المنظورة أمام المحكمة الجمركية في طرطوس .
وأيضاً فإن الشركة المستوردة «صخروزينه سليم التون» تماطل وتعرقل سير دعوى الاساس بكل الطرق والاساليب، ومنها استئناف قرار لا وجود له، بمواجهة شخصية لا وجود لها بالدعوى، ومن ثم الطعن نقضاً بقرار محكمة الاستئناف المدنية الرابعة في طرطوس المتخصصة في النظر بالدعاوى الجمركية، والهدف عدم إظهار الحق وضياع مبلغ الغرامة على الخزينة العامة .
ويتابع السيد المحامي الحواصلي فيقول: لم أعرف سببا لتسجيل الدعوى الاستئنافية للقرار المستعجل لدى الغرفة الأولى في طرطوس لأن كل القضايا الجمركية تستأنف امام محكمة الاستئناف الرابعة في طرطوس، وأيضاً ـ والكلام للسيد المحامي نفسه ـ لم أجد أحداًَ في مديرية الجمارك العامة يهتم بهذه القضية كما لم أجد اية مساعدة من أجل نجاح هذه القضية وشعرت أن الإدارة العامة للجمارك ترغب بخسار ة هذه الدعوى ومساعدة الشركة المخالفة في التخلص من هذه المخالفة والغرامات ،وهذا ما دعاني الى طلب اعتزال الوكالة امام المحكمة الاستئنافية الأولى في طرطوس حتى لا تكون خسارة الدعوى بفعل المسؤولين عن القضية في الجمارك باسمي بوصفي محامياً للجمارك. ويتابع السيد المحامي الحواصلي ايضاً فيقول: ان الشركة المستوردة «صخروزينه سليم التون» تقدمت بوثائق مصدقة صادرة عن المدير الاقليمي لشركة «هيونداي» الكورية في دبي تفيد أن الصفائح المضافة الى السيارات وضعت من قبل الشركة الصانعة، ورغم انني اعلمت المسؤولين في ادارة الجمارك العامة بأن هذه الكتب مزورة وغير صحيحة، ويجب مخاطبة شركة ـ هيونداي الكورية ـ في كوريا وسؤالها عن صحة الكتب والوثائق المبرزة من قبل شركة زينه التجارية والتي استند اليها الخبراء في تقرير الخبرة، لكن المسؤولين في ادارة الجمارك لم يحركوا ساكناً في الموضوع.
كما طلبت من المديرالعام للجمارك تزويدي بنسخة عن الكتاب الموجه الى السيد وزير العدل وذلك بهدف ايضاح ملابسات القضية له، لكن طلبي هذا لم يلق جواباً ولم أزود بأي كتاب وختم المحامي الاستاذ محمد عصام الحواصلي حديثه بالقول: اذا كانت الادارة العامة للجمارك وكل المسؤولين عن هذه القضية راغبين بخسارة الدعوى من اجل مساعدة شركة ـ صخروزينه التون ـ في التخلص والتهرب من دفع الغرامات الجمركية فهم غير مجبرين على توكيل محام خاص في القضية لأن نجاح هذه القضية متوقف على نقل الدعوى من طرطوس سواء دعوى الاساس أو الدعوى المستعجلة الى دمشق وهو متوقف ايضاً على الحصول على كتاب من شركة هيونداي الكورية يثبت ان الكتب المبرزة من شركة زينه التجارية مزورة حيث ورد في تلك الكتب ان الصفائح وضعت في السيارات بعد الانتهاء من صنعها بغية التوازن.
علماً ان شركة هيونداي لم تصدّر اية سيارة غير متوازنة ولذلك فإن عدم اكتراث المسؤولين عن القضية في نجاحها أدى الى تقديمي طلب اعتزالها حفاظاً على سمعتي كمحام في القضايا الجمركية وعدم تقديم اية مساعدة من قبل الجمارك لنجاح هذه القضية وكذلك بسبب تسرب المعلومات كلها الى الخصم في الدعوى «انتهى كلام الاستاذ المحامي».
معلومات اضافية
سبق لتشرين أن نشرت معلومات عن هذه القضية اكثر من مرة وتتلخص وقائعها بقيام شركة «صخروزينه سليم التون» باستيراد 645 سيارة شاحنة من نوع هيونداي خلال الاعوام من 2005 ـ 2007 بلغ مجموع قيمتها حسب البيانات الجمركية 218.228.709 ل.س ومجموع رسومها الجمركية 38.072.362 ل.س وقد تبين لجمارك طرطوس في العام الحالي وجود مخالفة في هذه السيارات وهي اضافة صفائح حديدية في اسفلها بوزن 280 كغ بهدف زيادة وزنها ليصبح1880 كغ وهو الوزن المسموح به لاستيراد السيارات العاملة على المازوت حسب قرار السيد وزير الاقتصاد والتجارة رقم 1007 لعام 2002 بحيث يصبح الوزن القائم للشاحنة أكثر من أربعة أطنان وتبلغ الغرامة الجمركية المتوجبة على هذه المخالفة ملياراً وخمسة وعشرين مليوناً ومئتين وأربعة آلاف وأربعاً وثمانين ليرة سورية.
وقد سبق للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ان حققت في هذا الموضوع وأعدت التقرير رقم 1/12 ر.هـ تاريخ 19/6/2007 المعتمد بكتاب رئاسة الهيئة رقم 6/3664 /24 تاريخ 18/7/2007 الموجه الى المديرية العامة للجمارك حيث خلص التقرير المذكور الى نتيجة مفادها تأكيد وجود المخالفة في استيرادهذه السيارات من خلال اضافة صفائح فولاذية عليها بوزن 280 كغ مثبتة في أسفل الصندوق وملحومة بطريقة بدائية تمت إضافتها بعد التصنيع ولم يسبق مشاهدة وضع اثقال اسفل صندوق الحمولة في سيارات مشابهة وقد استند التقرير الى تقرير الخبرة الفنية المشكلة من ثلاثة اساتذة هم رئيس قسم في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق واستاذ في الكلية نفسها ورئيس الدائرة الفنية في مديرية نقل ريف دمشق وانتهى تقرير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش الى طلب تحريك الدعوى العامة بحق السيد صخر سليم التون وذلك بجرم الغش في المستوردات استناداً لأحكام المادة 21 من قانون العقوبات الاقتصادية وجرم التهريب المعاقب عليه بالمادة 1 من قانون قمع التهريب وكذلك القاء الحجز الاحتياطي على الاموال المنقولة وغير المنقولة لشركة زينه التجارية وعلى السيد صخر التون وزوجته وأيضاً على أموال زينه التون ومنع مغادرتهما أراضي القطر وذلك ضماناً لمبلغ مليار وخمسة وعشرين مليون ليرة سورية ومئتين وأربعة آلاف ومئتين وأربع وثماني ليرات سورية ودعوة المديرية العامة للجمارك الى تنظيم ملفات جمركية في البيانات العائدة لهذه الشركة والطلب من السيد المحامي العام في طرطوس تحريك الدعوى العامة بحق السيد صخر التون بصفته الشريك المسؤول في هذه الشركة.
والمستغرب جداً في هذه القضية هو قيام محكمة الاستئناف الأولى في طرطوس بتشكيل لجنة خبرة فنية مؤلفة من ثلاثة مهندسين من طرطوس للكشف على هذه السيارات حيث اكد هؤلاء المهندسون في تقريرهم المقدم الى المحكمة المذكورة بتاريخ 29/8/2007 ان المواصفات الفنية لهذه السيارات مطابقة لإجازة الاستيراد رقم 135 لعام 2007 ومطابقة للبيان الجمركي 122للعام نفسه ومطابقة ايضاً لقرار السيد وزير الاقتصاد والتجارة رقم 1007 لعام 2002 وان وجود هذه الصفائح المعدنية اسفل الصندوق قد تم في الشركة الصانعة ـ أي أنه حسب هؤلاء المهندسين لا توجد مخالفة في استيراد هذه السيارات وهذا بخلاف ما أكده اساتذة جامعة دمشق ولجنة جمارك طرطوس قبلهم ـ ومن هنا جاء طلب محامي الجمارك المعتذر محمد عصام الحواصلي بنقل القضية الى محاكم دمشق.
لنا كلمة
اذا كانت المديرية العامة للجمارك تشتكي من خسارة قضاياها بسبب الاعتماد على ادارة قضايا الدولة ومحامي الدولة فإن المستغرب من هذه المديرية عدم تعاونها مع محامٍ خاص بذل كل جهد ممكن من أجل نجاح هذه القضية ـ مشكوراً ـ وهو لا شك قد تعرض للإغراءات المالية في هذه القضية لكنه رفضها وأصر على موقفه وعندما شعر أن المديرية العامة للجمارك لا تريد ربح هذه القضية قدم اعتذاره عن متابعتها وهو بذلك حافظ على سمعته الحسنة وشرف مهنة المحاماة ونأمل أن تكون مكافأته على ذلك خيراً ولنا متابعة لهذه القضية.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية