روى ناج من مقصلة الأسد جوانب من تجربة اعتقاله المريرة داخل زنازين النظام قبل أن ينجو بحياته، وقال "رضوان أبو محمود" وهو خمسيني من مدينة حلب في مقطع فيديو متداول انه اعتقل قرب جامع الرحمن بحلب أثناء انتظاره لأحد الأصدقاء في المنطقة وجاء إليه أحد الأشخاص ليقول له تفضل معنا وعندما استفسر عن هويته قال له: "ستعرف فيما بعد" وأضاف أن الشخص أشهر حينها مسدساً ووضعه في خاصرته وهدد بقتله إن تكلم بأي كلمة، وأضاف أن عدداً من العناصر اقتادوه في سيارة إلى فرع المخابرات الجوية بحلب ومع اقتناعه بدنو نهايته لم يفكر سوى بأولاده وعائلته التي لن تعلم عنه وعن مصيره شيئاً -كما قال-.
وتابع أن السجانين أنزلوه إلى الطابق السفلي في الفرع سيء الصيت مع عدد من المعتقلين وقاموا بتفتيشهم وأمروهم بخلع ملابسهم وتم توزيعهم على غرف الاعتقال. وأضاف أنه صدم عندما فتح باب الغرفة رقم 1 التي كانت من نصيبه مشيراً إلى أنه رأى أكوام لحم وليس بشراً داخل الزنزانة، وكانت الغرفة بمساحة 4×4 م يتكدس فيها حوالي 107 أشخاص، وعند دخوله شعر الضيق والتوتر والإنفعال فقام على قدميه وحينها أمره رئيس الغرفة بالجلوس، وروى أبو محمود أن قدميه تورمتا بعد أسبوع من مكوثه في الزنزانة، وذات يوم دخل مساعد يدعى "أبو صالح" برفقة مساعد آخر يدعى "أبو حيدر" وهما -حسب قوله- مجرمان حقيقيان، وأردف أن المساعد أبو صالح أمر بإخراجه من الزنزانة وتصفيته، واضاف "أبو محمود" بنبرة باكية أنه ترجى المساعد حينها لرؤية أولاده قبل إعدامه فرد عليه: "بعد شوي راح تطلع لعند ربك".
وكشف أن السجانين قاموا بشبحه حوالي 4 ساعات وتعرض للضرب والتعذيب على يد كل السجانين الآخرين، ورأى من طرف الطماشة التي كانت على عينيه شخصين يخرجان خوذة ومسدساً عيار 9،14 وسمع أحدهما يقول للآخر: "سأقوم بإنزال هذا المعتقل وتصفيته" وجاء بعدها ضابط أمرهم بتركه لساعة ثم إدخاله ثانية إلى الزنزانة.
وروى الناجي أبو محمود أنه كان يسمع صوت نساء وأطفال يتم تعذيبهم في الزنزانات المجاورة وكشف أن حوالي 40 شخصاً أو أكثر توفوا في الزنزانة التي اعتقل فيها ومنهم الراحل "محمد بدلة" وهو عامل كان يشتغل في منطقة الميدان وتم اعتقاله من أحد حواجز الشبيحة بحجة الإستجواب لخمس دقائق وتم تعذيبه لساعات لأنه كان يتكلم داخل الزنزانة بصوت مرتفع، وعندما عاد إلى الزنزانة كان جسده مزرقاً بشكل لا يوصف من أثر التعذيب، وبدا في النزاع الأخير حينما أوصاه الاهتمام بأطفاله وفارق الحياة بعد أن لفظ الشهادتين.
وروى أن الجلاد أبو حيدر دخل ذات يوم إلى الزنزانة وأمر جميع المعتقلين بتشكيل هرم بشري على الحائط ويعني أن يقوم عدد من المعتقلين بوضع رؤوسهم على الحائط بوضعية الجثو ثم يقوم معتقلون آخرون بالجلوس على ظهورهم وهكذا إلى أن يتشكل هرم بأجسادهم، وحينها يقوم الشبيح "أبو حيدر" بتعذيبهم بكبل رباعي ثخين وعند أول ضربة شُجّ رأس أحد المعتقلين وفي الضربة الثانية انفتح ظهر معتقل آخر.
موت آخر
وختم المعتقل السابق أنه نجا من المعتقل بعد أن دفع ذووه مبلغاً كبيراً لأحد الضباط وبعد شهرين من الإفراج عنه قصفت قوات النظام معهد أورم الكبرى بريف حلب بالفوسفور الأبيض وكان لديه ابنة تدرس فيه فاحترقت بكاملها بهذا السلاح واضطر لاخراجها إلى تركيا للعلاج وعاش كما يقول موتاً آخر بعد موت الإعتقال.
واعتقل على يد قوات النظام منذ العام 2011 وإلى الآن 75 ألف شخص وهم الآن في عداد المفقودين، كما أعدم في سجن صيدنايا سيء الصيت وحده في الفترة بين عامي 2011 و2015 بين 3000 و5000 شخص.
ويتحدث معتقلون سابقون عن أهوال التعذيب داخل المعتقلات لأتفه سبب أو "خرق" بسيط يمكن تصوره للقواعد، بما في ذلك التحدث أو عدم تنظيف زنازينهم.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية