رحيل اللواء موفق عصاصة رئيس أركان سلاح الطيران السوري في الستينات

غيب الموت يوم أمس السبت، في الولايات المتحدة الأمريكية اللواء السوري الدمشقي موفق عصاصة عن عمر ناهز 94 عاماً الذي شغل منصب رئيس أركان سلاح الطيران، ولعب دورا مفصلياً في أحداث سوريا وكان من أعضاء حركة الضباط الأحرار أيلول 1961 التي انقلبت على الوحدة بين سوريا ومصر.

ونعى "بشار عصاصة" والده الطيار، وكتب في منشور على صفحته في" فيسبوك"، "مهما كتبت عن خصالك فإني لا استطيع ان اوفيك حقك منها، لقد كنت رجلاً عظيماً وزوجاً مخلصًا واباً حنوناً ورب عائلة عطوفاً كريماً وإنسانًا مؤمناً".

ولد الراحل عصاصة في دمشق سنة 1927، و درس في مدرسة التجهيز الأولى قبل أن يلتحق بالكلّيّة الحربيّة في زمن الانتداب، ليكون ضمن أوّل دفعة خرّيجين في عهد الاستقلال وهي دورة الشهيد مأمون البيطار. شارك في القوات العربية التي دخلت إلى فلسطين وأصبح قائد فصيل ضمن الفصائل التي ارسلت بسرعة وهو برتبة ملازم سنة 1948، وفي سنة 1950 تقدم الملازم عصاصة للانضمام إلى سلاح الجو وأرسل في دورة لمدة سنتين في إيطاليا وكان التدرب في إيطاليا على طائرات مروحية من نوع غيات 55 وفيات 59 التي استخدمت في سوريا آنذاك وبعد ذلك أرسل في دورة أخرى إلى بريطانيا ليتدرب للمرة الأولى على طائرة نفاثة من نوع "متيور" ثم شارك عندما تم ترفيعه إلى رتبة نقيب في دورة تدريبية بالإتحاد السوفياتي للتدرب على قيادة ميغ 15 ثم عاد مرة أخرى إلى دورة أركان ومرة ثالثة إلى دورة مدرب طيران.

وتم ترفيعه إلى رتبة عقيد وأصبح في عام 1958 قائد اللواء الجوي الذي كان يتمركز في مطار المزة العسكري، كما تولى مسؤولية قيادة القوات الجوية في الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة عام 1958 وبعد أن ارسل العميد وديع مقعبري الذي كان يشغل هذا المنصب في دورة طويلة إلى الاتحاد السوفياتي.

شارك الراحل عصاصة في الانقلاب الذي قاده عبد الكريم النحلاوي والذي أدى إلى انهيار الوحدة السورية –المصرية 28 أيلول 1961.

وبحسب موقع "التاريخ السوري المعاصر" أدرج اسم اللواء موفق عصاصة مع 74 شخصية سياسية وعسكرية عقب انقلاب الثامن من آذار 1963 في مرسوم المجلس الوطني لقيادة الثورة عن "فرض العزل المدني" وبعدها جرى اعتقاله في سجن المزة العسكري.

وروى الباحث "خليل مصطفى" في كتابه "سقوط الجولان" أن سجون البعث غصت آنذاك بالمئات من الضباط والآلاف من باقي العسكريين.

وكان من أبرز هؤلاء المعتقلين: (اللواء محمد الجراح واللواء راشد قطيني والفريق محمد الصوفي والفريق عبد الكريم زهر الدين واللواء وديع مقعبري والعمداء مصطفى الدواليبي ونزار غزال وأكرم الخطيب. وموفق عصاصة ودرويش الزوني وممدوح الحبال والعقداء هيثم المهايني ومحيي الدين حجار وحيدر الكزبري.

وبعد خروجه من السجن اشتغل في الأعمال الخاصة في المقاولات كمراقب على العمل والعمال أولاً ثم شريكاً بمبلغ بسيط ثم التحق بكلية الهندسة لمتابعة بعض المحاضرات ولأسباب خاصة تابع الدراسة في منزله.

ووفق شهادة لابنه بشار عصاصة وصل اللواء موفق الى قيادة القوى الجوية السورية بفضل قدراته العسكرية التي اكتسبها في الكلية الحربية في حمص، ثم خلال مشاركته في حرب فلسطين 1948 ثم دورات الطيران المختلفة في ايطاليا وبريطانيا والاتحاد السوفياتي ودورات أركان حرب في الاتحاد السوفياتي ومشاركته في القوى الجوية السورية في مصر خلال العدوان الثلاثي على مصر.

إلا أن العواصف السياسية التي تلاعبت بالمنطقة وبعد مشاركته في حركة الانفصال عن الجمهورية العربية المتحدة التي كان هدفها تصحيح الجور على السوريين وليس القضاء على الوحدة انهيت حياته العسكرية عام1963 بالتسريح التعسفي.

وكان عصاصة قد قال في برنامج  وثائقي بثته قناة الجزيرة عام 2015 إن سلطة الأمر الواقع سرحت آنذاك أكثر من 4000 ضابط كانوا عبارة عن عناصر من مدن مختلفة وبنفس الوقت كان قد جرى تدريبهم في الخارج على أعلى المستويات وحصلوا على شهادات وخبرات عالية جداً في عدة دول مثل فرنسا وألمانيا وروسيا وأمريكا وبعد عودتهم قاموا بتسريحهم ولم يبق سوى ضباط صغار وإن وجد ضابط كبير يضعون له عنصر مخابرات لمراقبته".