أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فعلتها السعودية وأحيّت الميت..*

من المباراة - جيتي

لم أشعر، منذ فترة بعيدة، بهذا الكم الثقيل من القلق، كالذي كساني خلال الدقائق الأخيرة من مباراة السعودية والأرجنتين، وكأن الزمن توقف أو تمر القائق بتثاقل الشامت.. خاصة بعد خلال الدقائق التسع التي منحها حكم المباراة، وقت إضافي.

فخوفي من مفاجأة تبدد فرحتي بفوز الأخضر، أخلّت بتوازني... ببساطة لأني بأمس الحاجة لفرح وأحوّج ما أكون، لرد على مقولات العنصرية وحملات التشكيك التي وصلت للتحقير والعنصرية والإنكار.

لن أخوض بتفاصيل المباراة الفنية، ببساطة لأن الرياضة ليست مهنتي، بل لم أتوقع أن تأخذني لعبة، كما مباراة الأخضر اليوم..

وربما لعيشي مع كل تفاصيل المباراة يعود لأسباب مشروعة وكثيرة.

أولها أنه لابد من الرد على المقولات الكيدية التي تعالت، بعد خسارة قطر بمباراة افتتاح المونديال، وتكرست وتعالت، حتى بأوساط "بني يعرب" والتي تتبجح بأن العرب ليسوا أهلاً للعب كرة القدم، وليس ليسوا أهلاً لتنظيم واستضافة المونديال فقط، كما قرأنا وسمعنا خلال اثنتي عشر سنة.. وزادت خلال الآونة الأخيرة بالصحافة والمؤتمرات الأوروبية، قبل أن تتفشى في أوساط المتأوربين والمتأمركين.

وثانيها، أنه لابد من تحظيم النظرة النمطية التي كرستها"هوليود" والحملات الصهيونية والإيرانية لعقود، حول العرب وأنهم منتجو ثروات باطنية ليس إلا، ولا يصلح"بدو الصحارى" لأي شيء.

وسادت وتعاظمت، النظرة والحملات، بعد اجتماع "أوبك بلاس" ومحاولة بعض دول الخليج الخروج على عصا الطاعة الأمريكية.

وأما الثلاثية التي نبشتها اللعبة، فهي أن ثمة دماء عربية تجري في عروق الشعوب، من المحيط إلى الخليج، ولم تستطع خيبات "الربيع العربي" كما لم تفلح دعوات ما بعد القطرية، في كسر هذا الشعور وحبس الشعوب في خانات الخيبة ومخاوف مطاولة من يتطلع للحرية وحتى الوحدة، لما جرى للشعب السوري.

أعتقد أن انتصار السعودية الكبير وغير المتوقع، على الأرجنتين، أهم مرشحي الفوز بكأس العالم لنسخة قطر 2022، زرع الفرح والبهجة لدى جلّ العرب. وعزز الثقة بالممكن، أياً كانت المخاوف ومهما بلغ تهويل قوى الآخر وسطوته.

نهاية القول: لفتتني مقولة حارس مرمى السعودية، محمد العويّس بعد انتهاء اللبعة وتميزه خلالها "فزنا لأننا نلعب على أرضنا وبين جمهورنا" فعززت كثيراً من الأحلام الدفينة، بعد محاولات إماتتها عبر عقود، سواء من حكام مستبدين أو من خارج لا يرى بالمنطقة والشعب العربي، سوى حقول تجارب وأسواق وتبع...

كما لفتني كم العاطفة والفرح، من الشعوب العربية على وسائل التواصل، بعد انتهاء المباراة وما تركته مجرد مباراة بالأنفس، من ثقة وملامح أمل، ليزيد إيماني بالشعوب وصوابة بوصلتها للخلاص، فما حاول كثيرون قتله بدواخل الحالمين خلال عقد، أحيته مباراة وعاد الشعور العربي لأوجه.

نهاية القول: ما أحوجنا كعرب لانتصار، ولو على مستوى لعبة كرة قدم، فالهزائم والخيبات المتتالية، أقفلت الأبواب على الأمل والسعي والطموحات.

فإن كانت مباراة فعلت كل هذي المفاعيل التي نراها على الشاشات ووسائل التواصل وأنفس المحبطين، فأي انقلاب سيكون، لو فاز حلم الشباب، ولو بموجة الثورات الثانية، فانتشرت الديمقراطية ودول الحقوق والقانون، والتي تفرز انتصارات الرياضة كما غيرها من التطورات، ضمن تحصيلها الحاصل.

*عدنان عبد الرزاق - زمان الوصل
(225)    هل أعجبتك المقالة (185)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي