أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"لونا والعدالة" وثائقي يرصد محاكمة جلادي الأسد في ألمانيا

لونا وطفة

يعرض تلفزيون "ARD" الألماني فيلماً وثائقياً بعنوان "لونا والعدالة" عن مجريات محاكمة العصر في مدينة "كوبلنز" التي طالت اثنين من مجرمي الحرب في سوريا وقصة اعتقال الصحفية السورية "لونا وطفة" التي ساهمت بكتابة سيناريو الفيلم الأول من نوعه عن القضية التي شغلت العالم لسنوات، وأفضت إلى تحقيق العدالة بالسجن المؤبد على المتهم الرئيسي "أنور رسلان".

وكان الفيلم قد فاز بجائزة "توب دوكس" في 27 تشرين الثاني نوفمبر/2021 عن أفضل فكرة لفيلم وثائقي في مهرجان لايبزيغ للسينما الوثائقية في ألمانيا، عندما كان لايزال فكرة عن أفضل وحصد الجائزة الأولى ضمن 40 فكرة.

و"لونا وطفة" صحفية سورية من مواليد دمشق، درست الحقوق في جامعة خاصة وتخرجت عام مطلع العام 2011، وشاركت في المظاهرات السلمية والعمل الإغاثي حتى أوائل 2013، والتحقت بدراسة الصحافة بشكل افتراضي، ووثقت أسماء ثلاثية لحوالي 800 ضحية من ضحايا مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية وجراء ذلك تمت ملاحقتها من مخابرات النظام واعتقالها بنهاية كانون الثاني يناير/2014 عندما كانت على وشك مقابلة شهود عيان على هجمات النظام السوري بالغازات السامة كجزء من عملها الصحفي.

وبقيت داخل المعتقل حتى نهاية شباط فبراير/2015 ونتيجة تهديدات أمنية بمعاودة الاعتقال اضطرت لخروج من سوريا في أيار مايو/ 2015 لتعيش إلى الآن في ألمانيا وبعد بدء محاكمة المتهمين بجرائم الحرب "أنور رسلان" و"وإياد غريب" دأبت على متابعة المحاكمة وتوثيق كل تفاصيلها لتخرج بفكرة الفيلم.

وروت لونا لـ"زمان الوصل" أن الفكرة بدأت بلقاء حصل بينها وبين المخرج البريطاني "Adithya Sambamurthy" في بداية المحاكمة، وكان لديه -كما تقول- تصور لفيلم وثائقي يحكي عن عملها في مواكبة أحداث هذه المحاكمة وجوانب من قصتها كمعتقلة سابقة في فرع "الخطيب" الذي كان يرأسه العميد"أنور رسلان" أحد المتهمين بجرائم حرب في محكمة كوبلنز وحالياً أنا الصحفية التي توثق هذه المحاكمة.

*زخم الجلسات
وأضافت محدثنا أنها بدأت مع المخرج بمشروع الفيلم في شهر نيسان ابريل/2020 إلى بداية شباط فبراير/2022، وتم الانتهاء منه كاملاً في منتصف تشرين الأول أكتوبر الحالي.

وتابعت "لونا" أن الفيلم بدأ بخطوات بسيطة إلى حين الحصول على تمويل له في كانون الأول ديسمبر/2021، وبدأ حينها زخم العمل الذي ترافق مع زخم الجلسات في نهاية المحاكمة وقرب صدور الحكم بحق "أنور رسلان" وكان الأمر أشبه بمارثون -كما تقول- موضحة أنه كان مطلوباً منها أن تكون مواظبة على حضور الجلسات وكتابة كل التقارير ونشرها عن المحاكمة وبالوقت ذاته صناعة المحتوى للفيلم الوثائقي.

ولفتت محدثتنا إلى أن تجربة كتابة السيناريو كانت ممتعة وصعبة بآن معاً بالنسبة لها، لأنها كانت التجربة الأولى لها في كتابة فيلم يمتد لساعة ونصف.

مضيفة أن ما سهل عليها هذا الأمر متابعتها الحثيثة والدائمة للمحاكمة وتواصلها مع الأشخاص الذين شاركوا فيها كناشطين وشهود وضحايا ومحاولاتها الاتصال بالمتهمين أو عائلاتهم التي لم تفلح فيها كثيراً بسبب رفضهم التصريح وهذا ما أعطاها -كما تقول- قدرة على فهم كل عملية المحاكمة ومآلاتها وما هو متوقع منها.

*محامون ومدعون وشهود
ويتناول جزء كبير من الفيلم قصة "لونا" الشخصية وتجربة اعتقالها التي امتدت لسنة وشهر بين فرع "الخطيب" وسجن "عدرا" للنساء ولم تتوانَ عن روايتها وكشف تفاصيلها لأن هذا الأمر -حسب قولها- واجب على كل معتقل كان في زنازين الموت، ونجا للفت نظر العالم وجعله يتصور حقيقة أن تكون معتقلاً في سوريا، وليس فقط قراءة أرقام وإحصائيات عن عدد المعتقلين في سوريا.

وأضافت محدثنا أن هذه القناعة لديها عززت سيناريو الفيلم الذي يتناول في جزء منه تجربتها الشخصية، ولفتت إلى أن غايتها من كتابة سيناريو الفيلم وتضمين قصة اعتقالها أن يتخيل كل فرد ممن يرون الفلم شخصية معتقل أو معتقلة يعانون الآن في زنازين النظام في ظل الظروف اللا إنسانية والظلم الذي يتعرضون له.

وحول المصادر التي اعتمد عليها الفيلم أوضحت محدثتنا أن هذه المصادر بشكل أساسي هم الأشخاص الذين شاركوا في المحاكمات كمحامين ومدعين وشهود ومنظورهم للعدالة، وكيف يرون أن هذه المحاكمة بطريقة أوصلتهم أو ستوصلهم إلى جزء من حقوقهم، وكيف تحققت العدالة لهم ومدى اختلاف مفهومها من شخص إلى آخر من حيث موقعه من هذه العدالة وكيف اختلفت بالنسبة لـ"إياد الغريب" عن "أنور رسلان" وعن كل المدعين في الحق المدني والشهود، ومن ضمن هذه الشخصيات كانت شخصيتي كراوية للفيلم وكضحية سابقة.

*تحقيق العدالة
وعن أهمية مثل هذه الأفلام في تسليط الضوء عل معاناة ومأساة السوريين طوال أكثر من عقد من الزمن، أشارت الصحفية المقيمة في ألمانيا إلى أن أهمية مثل هذا الفيلم تتبدى في أن هناك أناساً حتى الآن لا يعرفون عن قضية المعتقلين في سوريا للأسف سوى الإحصائيات، ويعرفونهم كأرقام وليسوا كأسماء وقصص غير مروية.

واستدركت أن الحديث عن أشخاص ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية ونظام لا يزال على رأس السلطة ويمارس نفس الجرائم، ويكشف لنا كم هو الوضع سيئ وكارثي، وكم نحن عاجزون عن تقديم شيء لأي معتقل أو معتقلة لا زالوا في سجون النظام أو أي سجون أخرى.

كما يرينا الفيلم ما يمكن أن نقدمه لقضية المعتقين في ظل العجز التام عن مد يد العون للمعتقلين وتخاذل العالم وصمته المريب.

وروت "لونا" أن أكثر شيء مؤلم أثناء فترة اعتقالها التي استمرت لشهر في فرع "الخطيب" هو أنها كانت مع رفاقها ورفيقاتها في المعتقل معزولين عن العالم بشكل تام و لا يعرفون ما يجري في الخارج وهذا أشعرهم بالخذلان والنسيان وولد لديهم حالة من اليأس والإحباط والاكتئاب، ولذلك ففيلم "لونا والعدالة" يظهر عدم الاستسلام لليأس في تحقيق العدالة، ويكشف جزءاً من حقيقة الواقع االمأساوي السوري داخل المعتقلات برواية الشهود والمدعين الذين خضعوا لتجربة الاعتقال والتعذيب وهي منهم، والذين سنحت لهم الفرصة ولأول مرة رواية ما حدث معهم أمام محكمة بشكل رسمي وتوثيق رواياتهم لأول مرة في تاريخ الثورة السورية.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(129)    هل أعجبتك المقالة (76)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي