تحدث مؤسس ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، مازن درويش، عن الصور الجديدة المسرّبة التي نشرتها صحيفة "زمان الوصل" لضحايا مدنيين قضوا تعذيباً وجوعاً ومرضاً في سجن حلب المركزي على يد النظام السوري.
وقال درويش في لقاء مصور مع موقع "عربي 21" رصدته صحيفة "زمان الوصل" إن الصور الجديدة المسربة "مفجعة للغاية".
وأضاف درويش أن هذه الصور تظهر جانباً بسيطاً من الانتهاكات التي يرتكبها نظام الأسد ولم تكن مفاجئة مشيراً إلى عشرات آلاف الصور التي سرّبها العسكري السوري المنشق "قيصر" لضحايا التعذيب من المدنيين السوريين.
وأدلى درويش بشهادته حول ما يحدث في معتقلات النظام مبيناً أنه شاهد التعذيب بشكل مباشر وتعرض لألوان مختلفة منه وكذلك شاهد الموت اليومي عندما كان في السجون.
وأكد الحقوقي السوري أن نظام الأسد مارس التعذيب في مختلف السجون والأجهزة الأمنية والسرية فهو يحدث على نطاق واسع وضمن سياسات منهجية.
وأشار درويش إلى أن هناك الكثير من المجازر والانتهاكات التي لم يتم توثيقها أو الكشف عنها ما يجعل احتمال أن تكون بصورة أكبر ومفجعة أكثر أيضاً.
وأشاد درويش بمبادرات العديد من المنشقين من خلال كشف الانتهاكات وفضح ما يحدث داخل النظام لاسيما أن البعض كانت لهم مساهمات مهمة جداً في عمليات المحاسبة والتقاضي في أوروبا.
وتابع الحقوقي السوري أن دور بعض المنشقين كان حاسماً وهاماً جداً في عمليات التقاضي من خلال إدلاء المنشقين بمعلومات عن الضباط والعاملين في الاجهزة الأمنية كأسمائهم ورتبهم وغيرها من البيانات التي تعطي القدرة على بناء سلاسل القيادات والرتب ومعرفة الهياكل التنظيمية للأجهزة.
ووصف مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير المشهد الحقوقي بأنه "من أسوأ ما يكون على الإطلاق" في سوريا.
وبحسب درويش, فإن سوريا اليوم بلد تُرتكب فيه أبشع أنواع الانتهاكات، وهي جنة الإفلات من العقاب؛ لأن مرتكبي تلك الانتهاكات يمارسونها بكل حرية وأمان ودون أي رادع أو خوف من ملاحقة أو ما شابه ذلك.
وتطرق درويش للحديث عن انتهاكات فظيعة للغاية تُرتكب في سوريا، ولم يشهدها العالم منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية، مذكّراً باستخدام للأسلحة الكيماوية، والقصف بالطيران الحربي، والتعذيب، والقتل خارج إطار القانون، فضلا عن التهجير والاستيلاء على الممتلكات، وجميع أنواع الانتهاكات بدون مبالغة اليوم تُرتكب في سوريا، والضحايا بالملايين, وفق حديثه.
واعتقد درويش تطبيع علاقات الدول مع النظام لن يساهم في تحسين أوضاع حقوق الإنسان ووقف الانتهاكات لأن علاقات النظام الدبلوماسية الجيدة والمتينة مع معظم دول العالم لم تمنعه يوماً من ارتكاب المجازر.
وأردف درويش أن تطبيع العلاقات مع النظام دون أن تكون هناك محاسبة أو حلول قانونية وأخلاقية للعديد من الملفات الحقوقية سيُعدّ مكافأة مجانية للنظام على الجرائم، وسيعطيه أيضا ضوء أخضر لارتكاب المزيد منها.
ولم يستبعد درويش أن يصل أطراف الصراع وأمراء الحرب والدول الإقليمية التي تدعم هذه الأطراف إلى اتفاق سياسي قائم على أساس تقاسم المصالح لكنه لا يرى أن مثل هذا الاتفاق سيجلب سلاماً مستداماً إلى سوريا.
وأضاف درويش أن هذا السيناريو هو في غاية الخطورة، لأنه سينتج وقف إطلاق نار لفترة محدودة ونعدّ حينها سوريا إلى حرب أخرى قادمة ترتكز على دوافع الانتقام وتنطلق من غياب العدالة.
ونفى الحقوقي السوري إمكانية الفصل بين الملفين الحقوقي والسياسي فالانتهاكات طالت بدون مبالغة كل منزل وعائلة في سوريا.
كما لفت مؤسس ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير إلى عدم إمكانية إيجاد حلول سياسية قابلة للحياة وتنتج سلاماً مستداماً إذا لم يكن هناك حلول حقيقية للملفات الحقوقية الهامة والخطيرة.
وأوضح درويش أن أعداد المفقودين والمختفين في سوريا تصل إلى عشرات الآلاف، إذ وثق مركز توثيق الانتهاكات ما يقارب من 100 ألف شخص، فيما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما يقارب 120 ألف.
كما تحدث درويش عن بطء الإجراءات الدولية المتعلقة بمحاكمة رموز نظام الأسد مبيناً أن النظام القضائي في كل دول العالم يتطلب وقتاً، وهذا جزء من شروط المحاكمات العادلة، كي يتم استيفاء مراحل التحقيق وجمع الأدلة وسماع الشهود والضحايا.
ومن بين العوامل التي تسببت في عملية بطء الغجراءات الدولية في محاكمة رموز النظام، عدم تمكن السلطات في هذه الدول من الوصول إلى مسرح الجرائم التي حدثت في سوريا، وعدم وصول للمحققين، وعدم تعاون السلطات السورية بهذا الخصوص.
وأبدى درويش دعم إنشاء مؤسسة جديدة مكرسة لتوضيح مصير وأماكن المخفيين قسراً والمفقودين التي أوصت بها الأمم المتحدة منوهاً انها نتيجة لمطالبات وضغط عائلات المفقودين والضحايا.
كما تمنى درويش أن يصدر قرار بهذه التوصية المطروحة على طاولة الدول والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن بخصوص الكشف عن مصير المختفين والمفقودين في سوريا.
ووفقاً لدرويش، فإن الأوضاع في سوريا كارثية بدون أي مبالغة سواء في الصيف أو الشتاء، وفي الأخيرة تزداد المآسي المختلفة إذ أن نصف الشعب السوري بين نازح ولاجئ، وما يقارب من الـ 12 مليون سوري هُجّروا وتركوا منازلهم.
ولم يخف درويش قلقه على أوضاع المخيمات السورية في مناطق الشمال تحديداً التي تشهد ظروف حياة غير إنسانية وغير مقبولة أخلاقياً على الإطلاق.
وطالب درويش الجميع بالعمل على معالجة الأسباب التي تدفع هؤلاء الناس إلى ترك منازلهم ومدنهم وقراهم واللجوء إلى أماكن تنعدم فيها الشروط الأساسية للحياة وهذه الأسباب مرتبطة بقضية الحل السياسي وبالانتهاكات.
وخلص الحقوقي السوري إلى أن أي حل سياسي لا يضمن الحقوق والحريات ولا يضمن إيجاد حلول عادلة لجميع هذه الملفات فلن يؤدي إلى أي نتائج عملياتية بهذا الخصوص، ولن ينهي الأزمة من جذورها.
وكانت صحيفة "زمان الوصل" قد كشفت عن صور لسجناء تمت تصفيتهم بأساليب مختلفة منها التعذيب والجوع والإعدام داخل سجن حلب المركزي خلال فترة حصاره من قبل المعارضة بين عامي 2013 و2014.
يشار إلى أن مازن درويش خريج كلية الحقوق من جامعة دمشق عمل بالدفاع عن حقوق الإنسان، وأسس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير وأصبح مديره SCM ومركز توثيق الانتهاكات في سوريا VDC.
وتعرض دروش للاعتقال عدة مرات لنشاطه الدفاعي عن حقوق الإنسان وبقي في آخر اعتقال مدة ثلاث سنوات حتى أطلق أمن النظام سراحه عام 2015.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية