أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم الجمعة تقريراً تحت عنوان "النظام السوري يتحكم بوقائع تسجيل وفاة الضحايا ممن قتلوا/ فقدوا على خلفية النزاع منذ آذار/2011 عبر أجهزته الأمنية ويسخر مؤسسات الدولة للتلاعب ببيانات الضحايا" يوضح تلاعب نظام الأسد بمصير مئات آلاف الأشخاص ويمعن في تعذيب ذويهم لسنوات طويلة.
وقالت الشبكة في التقرير الذي اطلعت عليه صحيفة زمان الوصل إن نظام الأسد قتل ما لا يقل عن 200391 مدنيا بينهم 14464 تمت تصفيتهم تحت التعذيب فضلاً عن إخفائه القسري لـ 95696 آخرين منذ آذار عام 2011.
وتحدثت الشبكة في تقريرها المؤلف من عدة صفحات عن امتناع نظام الأسد الديكتاتوري عن منح ذوي المقتولين في سجونه أو المختفين قسرياً شهادات وفاة رسمية لتسجيل وقائعها في السجل المدني.
وأضافت الشبكة أن تحكم نظام الأسد بكافة مفاصل الدولة جعل الأخيرة بدون سلطات تشريعية أو قضائية الأمر الذي انعكس على كافة مناحي حياة الناس وزاد من معاناتهم مع هذا النظام الذي لم يكتف بقتل مئات آلاف المواطنين منذ آذار 2011 بل رفض تسجيلهم ضمن سجلات الوفيات في السجل المدني.
وأشار تقرير الشبكة الحقوقية إلى عدم مبالاة نظام الأسد بالمعاناة الإضافية لذوي المختفين أو المقتولين داخل سجونه والتداعيات التي يمكن أن تخلفها على زوجاتهم، أو أبنائهم، أو إخوتهم، والتي يمكن اختصار بعضها بأهمية استخراج “حصر الإرث” للمتوفى للتصرف بأملاكه، وإمكانية حصول زوجة الموظف المتوفى وأطفاله على المعاش التقاعدي، وتمكن الزوجة من طلب تعيينها وصية على أولادها القاصرين ليحق لها استخراج جوازات سفر لهم.
كما أن تحكم نظام الأسد بمنح شهادات الوفاة أدى لحرمان الزوجة من الزواج مرة ثانية لعدم تسجيلها واقعة وفاة زوجها بشكل رسمي عدا عن جوانب أخرى اجتماعية وحقوقية وقانونية, وفق تقرير الشبكة.
دأب نظام الأسد وأجهزته الأمنية ذات الصيت القذر على منح بعض شهادات الوفاة لأشخاص محدودين ضمن معايير على مقاسه ووفق هواه.
سبق وأن اتبع نظام الأسد مستعيناً بترهيب الأجهزة الأمنية للشعب أسلوب إجبار ذوي المقتولين داخل سجونه أو المفقودين على أيدي عناصر مخابراته على التوقيع على وثيقة يقرون فيها بمسؤولية الجماعات الإرهابية عن مقتل ذويهم مقابل منحهم شهادات وفاة كما يرغبون ودون محاسبة أو مساءلة المتورطين وهم كثر.
وكان نظام الأسد قد اعتمد على ثلاثة أمور من أجل الموافقة على استخراج شهادة وفاة لذوي المقتول أولها إعداد تقرير طبي يحدد سبب الوفاة غير الحقيقي مثل أزمة قلبية أو بسبب مقذوفات حربية.
ويدعم نظام الأسد تقريره الطبي الذي أعده على هوى الأفرع الأمنية بأقوال مختار الحي الذي يطلب منه أن يؤكد الوفاة، إضافة لشهود يؤكدونها أيضاً.
بينما يعتبر الأمر الثالث الأهم بالنسبة للنظام السوري وهو إقرار ذوي الضحايا لكونهم بأمس الحاجة لشهادة الوفاة ما يجعلهم يتغافلون عن السبب الحقيقي.
وتناولت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها ثلاثة أساليب اتبعها النظام السوري من أجل التغطية على جرائمه بتسجيل أعداد محدودة من الضحايا الذين قتلوا أو من المختفين قسرياً وقتلوا لاحقاً.
وذكرت الشبكة أن أول الأساليب التي يستخدمها نظام الأسد لتسجيل وتثبيت وفاة لبعض المواطنين الذين قتلوا خارج نطاق القانون على خلفية النزاع المسلح الداخلي هو ضحايا القتل حيث وثقت مقتل 228893 مدنياً على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ 2011 وحتى حزيران/
2022
وكذلك استخدم نظام الأسد أسلوبه الثاني في تسجيل وفيات من قتلوا أو اختفوا قسرياً وهو ضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري مبينة أن النظام اعتقل مع بقية أطراف النزاع ما لا يقل عن 154393، تحول 111907 إلى مختفين قسرياً، فضلاً عن مقتل 14464 تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب طيلة سنوات اعتقالهم.
بينما لفتت الشبكة إلى أن الأسلوب الثالث الذي يتبعه النظام السوري متعلق بتوفية الأشخاص المفقودين، عن طريق دعاوي تسجيل الوفاة بعد انقضاء أربع سنوات على فقدان الشخص.
كما تحدثت الشبكة عن تعميم وزير العدل في حكومة النظام السوري الذي يفرض بموجبه الموافقة الأمنية على الجهات القضائية لتثبيت دعاوي الوفاة.
واعتبرت الشبكة أن التعميم المذكور يزيد من تغول الأجهزة الأمنية موضحة وجود خمسة تجاوزات دستورية وقانونية ونتائج تترتب على هذا التعميم.
ورأت الشبكة أن التعميم الجديد يخالف أحكام قانون الأحوال المدنية ويثبت تسلط الأجهزة الأمنية على مختلف نواحي حياة المواطنين وينتهك القوانين السورية ويعدّ مخالفاً لأبسط معايير حقوق الإنسان.
كما شنت الشبكة الحقوقية هحوماً على تعميم وزير عدل النظام السوري الذي عدّته تدخلاً سافراً في عمل السلطة القضائية التي ينص الدستور السوري على استقلاليتها بالإضافة إلى تقييد الأجهزة الأمنية لعمل القضاء وابتزاز المواطنين من أجل الحصول على شهادات وفاة مزورة وطمس الحقائق عبر استغلال حاجة الناس لتثبيت وفاة ذويهم بأي طريقة
كل هذه الأساليب والممارسات التي تفاقم معاناة ذوي الضحايا الذين قتلوا في أقبية الأسد أو اختفوا قسرياً لم تمنع النظام من مواصلة الضغط والتضييق الأمني على ذوي المفقودين بفرض الموافقة الأمنية من أجل الحصول على الوكالة القضائية عن الغائب والمفقود والتي لا تخلو من عمليات مساومة أو ابتزاز مادي قد يصاحبها تعرض الزوجة أو الأم أو الأخت لاعتداء أو انتهاك مادي أو معنوي.
وخلصت الشبكة إلى أن نظام الأسد قتل مئات آلاف السوريين في مراكز الاحتجاز التابعة لأجهزته الأمنية وأمعن في انتهاك أبسط حقوق ذويهم ممتنعاً عن تثبيت وفاتهم في سجلاته وهو المتسبب الأول بموتهم الأمر الذي يضاعف معاناة ذويهم الاجتماعية والاقتصادية.
واعتقدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ النظام السوري أخلّ بالتزاماته في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وأهمها الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما انتهاكه لمواد في الدستور السوري نفسه من خلال توقيف مئات آلاف المعتقلين دونَ مذكرة اعتقال لسنوات طويلة، ودون تُهم، ومنعهم من توكيل محام أو حتى زيارتهم من قبل عائلاتهم ما جعل قرابة 70 % من إجمالي المعتقلين مختفين قسرياً ولم يتم إبلاغ عائلاتهم بأماكن وجودهم.
وطالبت الشبكة مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بالكشف عن مصير عشرات آلاف السوريين الذين قتلوا واختفوا قسرياً ولم يكشف عن مصيرهم، وكذلك اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لمنع النظام السوري من التلاعب بالأحياء والأموات.
ودعت الشبكة مجلس الأمن والأمم المتحدة إلى العمل بشكل جدي لتحقيق انتقال سياسي نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان ما قد يساهم في كشف مصير مئات آلاف السوريين ويحفظ حقوق الضحايا.
وحثت الشبكة مجلس الأمن والأمم المتحدة على إصدار قرار يطالب النظام السوري بالإعلان عن مصير المختفين قسرياً لديه، ونشر قوائم المعتقلين لديه.
كما طالبت الشبكة المجتمع الدولي بإدانة التعميم الصادر عن النظام السوري، والمطالبة بكشف مصير وإطلاق سراح كافة المختفين قسرياً، وإصدار شهادات وفيات تتضمن أسباب الوفاة الحقيقية ودعم النشطاء الأفراد والمنظمات المحلية التي تقوم بتوثيق الانتهاكات دون فرض وصاية أو توجيهات سياسية وتوسيع قوائم العقوبات على الأفراد لتشمل المئات من المتورطين بجرائم التعذيب، والإخفاء القسري.
وأوصت الشبكة الحقوقية لجنة التحقيق الدولية المستقلة COI بضرورة البدء في التَّحقيق في تداعيات هذا التعميم وأثره على المختفين قسرياً والضحايا الذين قتلوا.
وختمت الشبكة تقريرها المطول بالتشديد على نظام الأسد ضرورة التَّوقف عن استخدام الدولة السورية كأنَّها ملك عائلة خاص وكذلك التوقف عن التلاعب بالدستور والقوانين والتشريعات، وبالسِّجلات المدنية.
كما دعت الشبكة النظام السوري إلى تحمُّل التَّبعات القانونية والمادية كافة، وتعويض الضحايا وذويهم من مقدرات الدولة السورية.
وشددت الشبكة على أهمية الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين تعسفياً وبشكل خاص الأطفال والنساء، منوهة على وجوب معرفة مصير عشرات آلاف المختفين قسرياً.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية