عادت قضية المطرانين "يوحنا إبراهيم" و"بولس يازجي" المختطفين في سوريا إلى الواجهة مجدداً بعد أكثر من 9 سنوات على اختطافهما مع إعلان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في سوريا أنها تعتزم إغلاق ملف خطفهما بتقييده ضد مجهول وسحب لقب مطران حلب وتوابعها من المطران "إبراهيم".
وأفاد ناشطون بأن الكنيسة الأرثوذكسية بهذا الإعلان تعرف من خطف المطرانين وإلى أين تم خطفهما وخصوصاً أن أصابع الاتهام توجهت إلى النظام في مسؤوليته عن خطف رجلي الدين، وربما تصفيتهما لتخويف الأقليات في سوريا وإجبارها على الرضوخ أمام نظام الأسد "للحماية من الخطر الإسلامي"، وخصوصا أن المطران "يوحنا" اتخذ مواقف معارضة للنظام، وكاد أن يفسد كذبة حماية الأقليات ووجه انتقادات حادة للنظام السوري في مقابلة حصرية مع إذاعة "بي بي سي" البريطانية في نيسان ابريل/2013 قبيل اختطافه بأيام، وكان له دور ونشاط واضح في وأد الفتنة أو جر البلد إلى مستنقع الطائفية ورفضه المطلق للتسليح، وفق ناشطين، فكان جزاؤه الخطف والمصير الغامض تماما كمصير كثير من الناشطين المختطفين المغيبين كـ"عبد العزيز الخير" و"خليل معتوق" وغيرهما.
وروى "عبد الرحمن علاف" صديق المطرانين "إبراهيم" و"يازجي" لـ"زمان الوصل" أن المرة الأخيرة التي رآهما فيها كانت يوم خطفهما في ريف حلب الغربي، مضيفاً أنه كان يسكن في تلك المنطقة فاتصل به المطران "يوحنا" وقال إنه يرغب باصطحابه إلى "سرمدا" لأجل أمر سيقوم به ومن ثم إلى "باب الهوى".
وأضاف أنه سيقابل شخصاً هناك وسيصطحب مطران أنطاكيا "بولس يازجي" من هناك.
وأشار "علاف" إلى أن معرفة قوية ربطته بالمطران يوحنا وجمعتهما عدة لقاءات، وقام المطران "ابراهيم" بزيارته أكثر من مرة في ريف حلب الغربي بعد الثورة.
وأردف أن معرفته بالمطران المغيب كانت لكونه كان يعمل مستشاراً لمديرية أوقاف حلب، وكانا يلتقيان في المناسبات العامة والخاصة، وكان الرجل محباً لبلده وأصيلاً ووطنياً بامتياز وكان مع المظلومين ولا يحب الظلم.
وروى "علاف" تفاصيل اختطاف المطرانين "ابراهيم" و"اليازجي" فبعد أن ذهب مع المطران "يوحنا" إلى "باب الهوى" واستقبلهما المطران "يازجي" هناك تجولوا في المنطقة وعند الوصول إلى آخر حاجز للجيش الحر تركهم وعاد إلى منزله.
وأضاف نقلاً عن شهود عيان أن المطرانين ومن معهما وصلا بعدها إلى ما قبل حاجز للنظام وهناك خرجت لهم مجموعة مسلحة أشكالهم تشبه الصينيين ويتحدثون الروسية كما قال، وقاموا باختطاف المطرانين ومن معهما وتم اقتيادهما إلى مكان غير معروف وقام حاجز النظام بقتل سائق المطران ثم اختفوا بعد ذلك.
وعبر المصدر عن اعتقاده بأن النظام بالتنسيق مع المخابرات الروسية هم من اختطفوا المطرانين لأن مواقفهما كانت مع الثورة وكانا يحاولان التنسيق مع القيادات الثورية.
وكشف "علاف" أن المطرانين "ابراهيم" و"اليازجي" وعداه في المرة القادمة أن يحضرا معهما مطران الأرمن.
واستدرك أن الثورة آنذاك كانت في أوج نجاحاتها وكانت قيادات الثورة تستقبلهما بكل ترحاب وحفاوة ويخدمونهما ويحموهما وهذا ما لم يرق للنظام، وخاصة أن الثوار لم يكن لديهم أي تفرقة عنصرية أو طائفية أو دينية، بينما عمل النظام على التفرقة وإخافة الأقليات من السنة وهم الأكثرية في سوريا.
ولفت محدثنا إلى أن المطران "يوحنا" لم يكن مع النظام كغيره من رجال الدين المسيحيين في سوريا وبنفس الوقت كانت له تحركات باتجاه الثورة والثوار ليقلب الموازين، وخاصة من خلال اتصالاته الدولية، باعتباره شخصية دينية مرموقة في الشرق الأوسط، وكان هذا سبباً رئيسياً كما قال- في اختطافه مع المطران "اليازجي"، وتغييبهما لتحريك الشارع المسيحي صد الثورة والمعارضة.
وعن رأيه بطي ملف المطران "يوحنا ابراهيم" من قبل الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، أشار علاف إلى أن الكنيسة الحالية يسيطر عليها نظام الأسد ويتحكم بقراراتها لذلك قرروا –كما يقول- طي هذا الملف وإنهائه لأن هناك اعتقاد شبه جازم بأن النظام هو من اختطف المطرانين.
وحظيت قضية المطرانين المختطفين باهتمام دولي، إذ أصدرت جامعة لندن في 22 مايو أيار/2016 كتاباً عن المطران "إبراهيم"، أثناء عقدها مؤتمراً في الذكرى الثالثة لاختطافه، حمل عنوان "مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم... التعددية والحوار والعيش المشترك"، أعده الدكتور "عزيز عبد النور" والدكتور "مايكل أوز"، ليشمل أهم نشاطات المطران المخطوف.
ووصف الكتاب المطران "إبراهيم" بالمحاور الناجح.
وبحسب معلومات متداولة على شبكة الإنترنت فالمطران "يوحنا ابراهيم" ولد في القامشلي ودرس في مدارسها السريانية المراحل الابتدائية والإعدادية، ثم انتسب إلى كلية "مار افرام" اللاهوتية في "زحلة"، ثم انخرط منذ صباه في سلك الرهبنة، وفي عام 1973 درس في المعهد الشرقي في جامعة "روما" وحاز على ليسانس في الدراسات الشرقية، وبكالوريوس في الحق الكنسي الشرقي عام 1976، ثم انتسب بعدها الى جامعة "لوفان" الشهيرة لنيل الدكتوراه (وهو أول اكليركي سرياني ارثوذكسي يدرس في معهد كاثوليكي في روما)، لذلك كان يقول عنه أصدقاؤه مازحين بأنه سفير الكنيسة السريانية الأرثوذكسية لدى الفاتيكان، وممثل الفاتيكان في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، لكن إن دل هذا على شيء فيدل على علاقته المسكونية الممتازة.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية