لم يجد الممثل العالمي الشهير "جاكي شان" مكاناً يحاكي أحداث فيلمه الجديد Home Operation سوى أطلال منطقة الحجر الأسود جنوب دمشق التي دمرها النظام عن بكرة أبيها وهجر قاطنيها، كما تظهر صور التقطت لمكان التصوير على مدخل المدينة بالقرب من دوار البلدية، وهو ما دفع القائمين على الفيلم لاستثمار دمار المكان على طبيعته وآلام الناس في انجاز فيلم يحصد ملايين الدولارات في مشهد يذكرنا بفيلم "جدار الصوت" للمخرج اللبناني "أحمد غصين" الذي صوره على أطلال "القصير" المدينة التي دمرتها ميليشيا حزب الله بعيداً عن أدنى اعتبارات أخلاقية أو إنسانية.
ويروي الفيلم الجديد لبطل الكونغ فو الشهير أحداثاً حقيقية للإجلاء الطارئ للمواطنين والدبلوماسيين الصينيين والأجانب خلال الحرب في اليمن في عام 2015.
والعمل من كتابة "Yinxi Song" و"Yaqing Zhi" وإنتاج جاكي شان، وذكر موقع "الجزيرة نت" أنّ العمل الذي صورت مشاهده الأولى الخميس) هو"مشروع صيني إماراتي مشترك".
ووفق ناشطين استغل القائمون على الفيلم الدمار في حي الحجر الأسود بدمشق بفعل براميل النظام قبل تهجير أهله عنه عام 2018. لتوفير ملايين الدولارات في الإنفاق على ديكورات مصطنعة رغم اختلاف البيئة المكانية والطبيعية بين اليمن وسوريا قبل أو أثناء الحرب.
وسبق أن انتقد "جاكي شان" الوضع السوري، حيث كتب في تغريدة له في نيسان ابريل/ 2013 عن معاناة الأطفال السوريين من الرعب والبؤس يومياً، ودعا الحكومات إلى إيجاد حل سياسي، ولكن السياسة والمال لا دين لهما.
وأظهرت صور لـ"جاكي شان" وهو يتجول مع عدد من فريق الفيلم في مكان التصوير، فيما بدا عدد من المباني المهدمة، وربضت بالقرب منها دبابات عدة استأجرتها شركة "Art maker production" المنتجة المنفذة للفيلم، وهي الشركة المملوكة لورثة المخرج الراحل "حاتم علي" الذي كان يعيش في منطقة "الحجر الأسود" المدمرة ذاتها.
وتعتبر "الحجر الأسود" أكبر تجمع لنازحي الجولان المحتل منذ حرب حزيران عام 1967، وفي عام 2012 سيطرت فصائل المعارضة على المنطقة، ليستولي عليها تنظيم "الدولة" منتصف عام 2015، وفي أيار مايو/2018 استعادتها قوات النظام وهجّرت سكانها إلى الشمال السوري.
وأجرى موقع "Home Operation" مقابلة مع مخرج فيلم "سون ين شي" الذي لم يشر من قريب أو بعيد إلى استثمار الدمار في تصوير مكتفياً بالقول إن السلطات والخبراء الإماراتيين رحبوا به ووفروا له الاستوديوهات العديدة والمعدات والموظفين المحترفين في الإنتاج في الإمارات العربية المتحدة.
وأثار تصوير الفيلم الصيني في دمشق موجة استياء بعض السوريين، ولا سيما أنّ الصين دولة حليفة للنظام السوري الذي ساهم بتدمير البنى التحتية في سوريا، وتهجير ملايين المدنيين.
وعلق رئيس تحرير "زمان الوصل" الزميل "فتحي بيوض": "الممثل العالمي جاكي شان، يستخدم بيوت المهجرين التي هدمها الأسد في الحجر الأسود وقبورهم، لتصوير فيلمه الجديد، الذي تدور أحداثه في اليمن مع الحوثيين لإنقاذ رهائن صينيين".
واستدرك بيوض: "تحول الموت السوري إلى (لوكيشن) لمسلسلات النظام الهابطة والأفلام العالمية! كم هو رخيص هذا العالم".
وقال الناشط "عمر الشغري" في مقطع فيديو مصور لقد كبرت وأنا أشاهد جاكي شان واستمتعت بأفلامه ولكن أصبت بخيبة أمل عندما عرفت أن فيلماً من إنتاج وإخراج "جاكي شان" وبتعاون صيني وإماراتي يصور قسم منه في سوريا.
واستدرك: "إنه لأمر مخيب للآمال أن نرى قدوة وأشخاصاً استمتعنا بمشاهدتهم يصبحون جزءا من التطبيع مع نظام الأسد في سوريا".
وعقب "رامي السيد" :"في الوقت الذي يعرض فيه نظام الأسد مدينة "الحجر الأسود" للإيجار وتمثيل الأفلام، يعيش نازحو المدينة المنكوبة وسط خيام شمال غرب سوريا على أمل العودة إلى ما تبقى من منازلهم يومًا ما. ماذا سيقول جاكي شان لهم؟".
وفي السياق ذاته قالت د."خلود عبيسات": "يستخدمون البيوت المُهجرة والأراضي التي دفن تحتها أهلنا..أهانت عليهم متى سنُحاكي واقع سوريا".
وقال الصحفي "قتيبة الياسين":"الفيلم بحاجة إلى موقع تصوير فيه دمار كبير يوفر عليهم الملايين من الدولارات، فوجدوا طلبهم عند السفاح بشار".
وبدور علق صاحب حساب باسم "البلخي" أن حي "الحجر الأسود" تعرض للقصف على رأس سكّانه وتم حصارهم داخله وقتل أطفاله.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية