قالت منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" إن الجندرما التركية كثفت في الآونة الأخيرة من عمليات تعذيب وقتل السوريين القادمين من مناطق سيطرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، حيث جوبهوا بعنف وتعذيب شديدين أدى إلى مقتل العديد منهم.
وبحسب تقرير للمنظمة الحقوقية صدر بتاريخ 24/6/2020 أفضت عمليات الضرب والتعذيب تلك إلى وفاة 5 أشخاص على الأقل، رافق ذلك مقتل 3 طالبي لجوء آخرين، بينهم طفلان، جراء إطلاق النار عليهم بشكل مباشر من قبل الجندرما التركية أثناء رحلة الهروب من سوريا، فيما نجا آخرون من عمليات إطلاق نار عليهم.
وأعيد العديد منهم بشكل قسري إلى داخل الأراضي السورية.
وأشار التقرير الذي اطلعت عليه "زمان الوصل" إلى أن معظم عمليات التعذيب والضرب وقعت بحق طالبي اللجوء الذين حاولوا دخول الأراضي التركية انطلاقاً من المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية (قوات سوريا الديمقراطية) في شمال شرق سوريا. حيث تمّ تسجيل 21 حالة تعذيب، أدت إلى مقتل اثنين على الأقل، وسط انتشار شائعات تفيد بسماح الجندرما التركية بالسماح للكرد فقط بالعبور إلى الأراضي التركية دون التعرّض لهم، وهو ما ساهم في ارتفاع عدد الأشخاص الذين حاولوا الوصول إلى تركيا أصبحوا ضحايا لاحقاً.
فيما توزعت باقي الحالات على المناطق الخاضعة لسيطرة "الجيش الوطني" و"هيئة تحرير الشام".
وعرضت "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" في تقريرها معلومات وشهادات مفصّلة حول 28 حالة تعرّض فيها طالبو لجوء سوريون إلى عمليات ضرب وسوء معاملة وأحياناً كثيرة إلى تعذيب وحشي غير مبررة، على يد حرس الحدود التركي (الجندرما) خلال أشهر حزيران/يونيو وتموز/يوليو وآب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2021.
وبحسب مصادر محلية عاملة في منظومة المعابر ما بين سوريا وتركيا، فقد أوقفت السلطات التركية أواخر شهر تشرين الأول/أكتوبر 2021 السماح بدخول الأراضي التركية حتى بالنسبة للحالات الحرجة، وأرغمت هذه القيود السوريين على استخدام نقاط عبور غير شرعية وخطرة في معظم الأحيان، وأصبحوا أدوات سهلة لمجموعات منظمة لتهريب البشر من سوريا إلى تركيا.
وبحسب التقرير ذاته، ترتبط تلك المجموعات بالأطراف العسكرية المسيطرة بشكل أو بآخر، أو يتم غض النظر عنها وعن نشاطاتها.
وكانت الحكومة التركية قد أعلنت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017 عن وضعها اللمسات الأخيرة على ما أسمته "الجدار الأمني" على طول الحدود السورية التركية والذي بلغ طوله 911 كيلومتراً، وشمل ولايات هطاي/أنطاكيا وكليس وغازي عنتاب وشانلي أورفة وماردين، بارتفاع 4 أمتار، رغم إعلانها مراراً وتكراراً أنّها تتبع "سياسة الباب المفتوح" أمام السوريين الفارين من الحرب.
وعبرت المنظمة عن اعتقادها بأن ما ورد في التقرير من حالات التعذيب والقتل تعتبر وبدون أدنى شك جرائم وانتهاكات واضحة للعديد من حقوق هؤلاء المدنيين ضمن إطار القانون الدولي الإنساني وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان. ناهيك عن انتهاك حقهم في اللجوء وإرجاع من بقي منهم على قيد الحياة قسراً إلى مناطق نزاع غير آمنة، مضيفة أن جميع أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية محرمّة بالمطلق في كافة القوانين والأعراف الدولية، إذ "لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب"، إذ إن التعذيب محرم دولياً ويعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني بغض النظر عن طبيعة النزاع المسلح، سواء أكان ذا طابع دولي أو غير دولي، ويعتبر ارتكابه كذلك جريمة حرب.
واستناداً إلى الشهادات الواردة في التقرير أكدت المنظمة أن حرس الحدود التركي يقوم وبشكل ممنهج بمعاقبة هؤلاء اللاجئين بالتعذيب أو حتى القتل، وإرجاع من تبقى منهم على قيد الحياة قسراً إلى الأراضي السورية، بدون أي اعتبار لكونهم طالبي لجوء أو حتى النظر في ذلك. وهذا التصرف بحد ذاته يعتبر انتهاكاً للبند الأول من المادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب والتي تنص على أنه "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده- أن ترده- أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".
وختم التقرير أن لجميع الناس الحق في الحياة والسلامة الشخصية من جميع أشكال التعذيب والمعاملة اللا إنسانية، وذلك حق يضمنه القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان في حالات الحرب كما في حالات السلم.
وتقوم "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في سوريا وضدّ السوريين وتعمل من أجل تحقيق العدالة والتغيير.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية