أنجز الفنان السوري "صالح الهجر" لوحة بانورامية بعنوان "وجه التاريخ يحترق" تحكي عن تاريخ سوريا، وما آلت إليه آثارها بفعل التدمير الذي طالها وروى الهجر لـ"زمان الوصل" أنه نفذ لوحته بتقنية الإكليريك على القماش واستخدم فيها الصورة المعالجة من خلال "الديجتال آرت" ليتم توليفها وتوظيفها في العمل التشكيلي، الذي يوثق أغلب المواقع الأثرية الموجودة في سوريا والتي تعرضت للخراب والتدمير بسبب الحرب التي زالت قائمة إلى الآن، وتلك التي تأثرت بشكل مباشر من خلال القصف بالطائرات التي استخدمها النظام أو الاحتلال الروسي أو تلك التي سيطر عليها تنظيم "الدولة" ودمر أجزاء كبيرة منها.
وأشار "الهجر" إلى أن لوحته الجديدة التي استخدم فيها حروفية الخط العربي جاءت انسجاماً مع فكرة متحف كولن للثقافات الشعبية في ألمانيا، ولتكون إحدى معروضات معرض "سوريا ضد النسيان"، الذي يضم قطعاً أثرية أصلية لعدة مواقع أثرية سورية وجوانب من حضارة سوريا القديمة، ومن المقرر أن يستمر المعرض الذي سيقام في أيار مايو لمدة 3 أشهر.
وأضاف المصدر أن عمله الذي سيشارك في المعرض بمثابة مقاربة بين الواقع والماضي، مؤكدا أن إنجازه استغرق أكثر من شهري عمل متواصل. ولفت الفنان المتحدر من مدينة "الميادين" بريف دير الزور إلى أنه أراد من خلال لوحته البانورامية هذه وهي بقياس 2م ×5 م توثيق المواقع الأثرية في سوريا بشكل عام وتسليط الضوء عليها لحجم الضرر الكبير الذي لحق بها كالجامع الأموي في حلب والمسجد العمري في درعا وكنيس جوبر بعض المواقع الأثرية في دير الزور كقلعة الرحبة وجزء من سور الرقة القديم، وما تعرضت له مدينة "تدمر".
وحاول كما يقول توثيقها بشكل تشكيلي لتكون وثيقة بصرية تاريخية موجودة في أحد أهم المتاحف الأوروبية، واستدرك الهجر أنه أراد من خلال لوحته أيضاً تسليط الضوء على قضية تهجير المواطن السوري، وهو ابن المدن التاريخية الضاربة في عمق التاريخ وخروجهم كمشردين إلى دول الشتات والمنافي كاضطرارهم للعيش في أماكن بدائية لم يعشها أسلافهم منذ آلاف السنين في تلك المدن العظيمة.
وفيما إذا كانت هناك صلة بين الخط العربي أو الحروفية التي دأب على العمل عليها من سنوات ووجه سوريا الذي يحترق، أبان الفنان المقيم في مدينة "طرابلس" اللبنانية إلى أن الصلة التعبيرية موجودة من خلال صورة الحرف ومن خلال التشكيل به والحرف العربي هو عنصر تشكيلي مجرد قائم بحد ذاته وعلاقة الحرف بالتاريخ هي علاقة ضاربة منذ وجود أبجدية أوغاريت الأولى والأبجديات التي مرت على مختلف الحضارة السورية حتى وصول الحرف العربي على ما هو عليه الآن.
ويضم معرض "سوريا ضد النسيان أربعة أقسام أساسية. كل قسم يتناول موضوع معين مجسدة من خلال القطع المتحفية، النصوص المطبوعة - الصوتية، الصور، العرض الثلاثي الأبعاد، الأفلام، المجسمات، الأعمال الفنية المعاصرة، التي تتناول سوريا تاريخياً وأثرياً والحياة اليومية منذ فترة الإنسان القديم الأول، وحتى القرن الحالي.
وتشارك فيه مجموعة من المتاحف المتخصصة بآثار الشرق الأدنى القديم جامعة "فرانكفورت"، الآثار الإسلامية وآثار عصور ما قبل التاريخ جامعة "كولونيا"، ومجموعة من المصورين في قسم العرض والكتالوج: من اليابان (Megumi Yoshitake)، والألمانيان (بيكا بوريس) و(لوتس يكيل) ومجموعة من المصورين فقط في قسم الكتالوج: من فرنسا (يان آرثوس بيرتراند) من سوريا (رودي تحلو) إلى جانب الفنان الحروفي "صالح الهجر"- خط عربي وأعمال استعادية للفنان الراحل "أبو صبحي التيناوي" (1888 حتى 1973).
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية