أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عن أزمة المواقف... "كسر عضم"

لم يعد المرء يفاجأ بأي موقف أو قول أو فعل، بعد كل الذي مر علينا -نحن السوريين- من ازدواجية وتناقض واختلاف آراء، في كل ما يصادفنا من قضايا داخلية أو خارجية، سيما أن هناك شبه قناعة عند معظمنا بأننا معنيون بكل ما يجري في هذا العالم، ولا بد أن نبدي رأياً ما في كل ما يحدث…!

قبل أيام اتهم الكاتب السوري فؤاد حميرة شركة كلاكيت للإنتاج الفني، بأنها قامت بسرقة شخصيات محورية من مسلسله (حياة مالحة) -والذي باعه لها قبل سنوات- واستخدمتها في مسلسل (كسر عضم) الذي يعرض هذه الأيام على أكثر من قناة.

(كسر عضم) الذي أنتجته الشركة المذكورة، وأخرجته القديرة رشا شربتجي، يُقدَّم كسيناريو وحوار باسم الكاتب علي صالح، وهو العمل الأول له، ويحظى المسلسل بنسبة متابعة عالية، وقد نال ما عُرِض منه حتى الآن رضا معظم جمهوره، غير أن اللافت في الأمر، هو طريقة تعاطي الجمهور مع الموضوع، بعد اتهام "حميرة" القائمين على العمل بسرقة بعض أفكار وشخصيات نصه القديم، وادعائه امتلاك أكثر من دليل لإثبات ذلك، فأرجع البعض الأمر لنجاح المسلسل ومحاولة كاتب "غزلان في غابة الذئاب" و "الحصرم الشامي" و"يوم ممطر آخر" نسب هذا النجاح له، والتشويش على صناعه، وطرحوا سؤالاً يبتعد عن المنطق حين قالوا لماذا انتظر كل هذا الوقت ليعلن؟ متجاهلين أننا نتكلم عن "مسلسل"، والكلمة نفسها كافية للرد على هذا السؤال…!

لا أظن ادعاء ممثل ما، أنه رفض المشاركة في هذا المسلسل، يتقاطع مع ادعاء الكاتب بسرقة أجزاء من نص له، ومحاولة البعض ربط الطرفين في نفس السياق، -في إشارة لحالة الغيرة والحسد التي قد تطال البعض بعد نجاح المسلسل- فيه الكثير من الإجحاف بحق الكاتب الذي أتم عمله، ثم سُرق جزء من جهده على حد زعمه، فيما خضع الممثل لعملية العرض والطلب فقط، حسب تصريحاتهم.

والأمر في تقديري أبسط من ذلك، فالرجل يدعي أنه صاحب حق وقادر على إثبات هذا الحق، وكمراقب خارجي، لا يمكنني إلا الوقوف معه حتى يثبتَ صدق ادعائه أو يستطيعَ الآخرون نفي التهمة الموجهة لهم، أو اتخاذ اللاموقف والصمت بانتظار نهاية القضية، أما لومه على كلمة قالها في لحظة غضب، وأنه يسعى للشهرة -التي قال إنه نال منها أكثر مما كان يتمنى- أو الغمز بأن العمل لا يستحق كل هذه الضجة، فكلها مواقف تبتعد عن لب القضية وهي "السرقة" في حال ثبوتها، وحتى محاولات البعض تهوين الأمر بعبارات "وطن كامل تعفش ..وقفت على نص" وإن كانت بطيب نية، فهي لاتناسب الموقف، فلن تقول لأب مات ولده إن الكثير من الأولاد ماتوا من قبله، فلا عليك، لأن ذلك لن يخفف من مصابه...!

لكن وكما دائماً، تنطلق مواقف البعض من الآراء والقناعات السياسية لديهم، فمن الصعب عندهم مناصرة حميرة- الكاتب المعارض - بسبب معارضته فقط، فيما قد تلحظ مؤازرة الطرف الآخر واضحةً للسبب ذاته، وهذا - على أية حال- يضعف من حجة الطرفين، فالحق لا يحتاج أكثر من أن يكون حقاً لتقف معه.

كل ما سبق، لا يؤكد فعل السرقة أو ينفيه، وهي مهمة طرفي القضية بطبيعة الحال، لكنه يؤكد من جديد أننا نعاني من أزمة حقيقية في طريقة تفكيرنا وبناء آرائنا ومواقفنا في كل أمر…!

أحمد صياح - مساهمة لـ"زمان الوصل"
(695)    هل أعجبتك المقالة (206)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي